موظفو القطاع الخاص... جاك الذيب جاك ولده
كلنا مع الحكومة في ترشيد الإنفاق وضبط المصروفات، ولكن هذا العنوان الهلامي الذي نسمعه من عقود مضت لن يتحقق بالقرارات العشوائية ولا بالانتقاص من حقوق ومكاسب المواطنين، ولا بالتردد والاضطراب في تطبيق القانون، بل هو مشروع دولة يمكن رسمه وتنفيذه من خلال برامج اقتصادية كفؤة واضحة المعالم ومنطقية في الرؤية ومتزنة في التطبيق.
من جديد تحيرنا الحكومة في طريقة تعاملها مع المواطنين العاملين في القطاع الخاص، وذلك بعد قرارها تكليف الهيئة العامة للقوى العاملة إجراء دراسة حول وقف صرف دعم العمالة الوطنية لفئةٍ من المستحقين ممن تجاوز راتبهم 3000 دينار، وهذا التوجه إنْ تحقق فستكون نتيجته الإضرار مباشرة بالمواطنين المعنيين، والانقلاب على تشجيع الكويتي على الالتحاق بالقطاع الخاص، فضلاً عن أنه سيتم التحايل على هذا القرار بإعادة توقيع عقود توظيف جديدة بمبلغ أقل من 3000 دينار، ولو بعشرة دنانير، لضمان استمرار الدعم.ما الفكرة من هذا القرار؟ وما الأساس الذي بناءً عليه تم تحديد مبلغ 3000 دينار كحد أعلى للراتب المستحق للدعم؟ هل هذا هو سقف الدخل الشهري الذي تراه الحكومة مناسباً لفرض ضريبة الدخل مستقبلاً؟ وهل يستوي فيه المتزوج والأعزب؟ هل يستوي فيه من لديه أسرة وأبناء ومن لديه طفل واحد؟ هل يستوي من يملك سكنه الخاص ومن يسكن بالإيجار وينتظر السكن الحكومي؟ وماذا عن المركز المالي لهذا الموظف فبعد أن كان سقفه الائتماني يتجاوز 1500 دينار (40 في المئة من الراتب) سينخفض فوراً 25 في المئة فلا يتجاوز 1200 دينار، فماذا سيفعل بالتزاماته القائمة ومعاملاته التمويلية المختلفة؟ وماذا أيضاً عن باقي موظفي الدولة في القطاعات المختلفة ممن تجاوزت رواتبهم 3000 دينار هل سيتم مساواتهم بالقطاع الخاص من حيث المساس بالرواتب والبدلات والمكافآت؟الغريب في الموضوع أن هذا التوجه الحكومي، الذي نفترض استناده إلى تخفيض ميزانية الرواتب والدعوم، يصطدم بالقرارات الحكومية التي صدرت مؤخراً مثل زيادات العسكريين، وحتى التراجع عن شرط دفع 2000 دينار سنوياً للمقيمين ممن تجاوزت أعمارهم 60 عاماً، فهل تتشدد الحكومة الموقرة في جهة وترخي يدها في مواقع أخرى؟
كلنا مع الحكومة الموقرة في ترشيد الإنفاق وضبط المصروفات، ولكن هذا العنوان الهلامي الذي نسمعه من عقود مضت لن يتحقق بالقرارات العشوائية ولا بالانتقاص من حقوق ومكاسب المواطنين، ولا بالتردد والاضطراب في تطبيق القانون، بل هو مشروع دولة يمكن رسمه وتنفيذه من خلال برامج اقتصادية كفؤة واضحة المعالم ومنطقية في الرؤية ومتزنة في التطبيق، ولذلك رسالتي للحكومة ولمجلس الأمة مرة أخرى أن احموا الكويتيين في القطاع الخاص من الاضطهاد والابتزاز اللذين يتعرضون لهما كل يوم وليلة، ولا تنسفوا ما تبقى لهم من الأمان الوظيفي... والله الموفق.