شكَّلت مسألة التعامل مع الإطارات المطاطية البالية هاجساً لدى جميع الشرائح بالمجتمع، وعلى مدار السنين الطويلة الماضية. تلك الإطارات (الدواليب، التواير) تركَّزت في بر منطقة إرحية، لتشكّل أكبر مقبرة إطارات على مستوى العالم، لندخل بذلك موسوعة الأرقام القياسية وعالم الأخبار الإلكترونية المتداولة من الباب الضيق.
حسناً، هل هذا الكلام كُله جديد؟! هل يجهل أحد؛ صغيراً كان أم كبيراً، أن تبعية مقبرة بر إرحية تنقلت على مدى سنين ككرة النار بين جهات الدولة؟! إجابة كلا السؤالين، هي بالطبع «لا».البلبلة التي حصلت طيلة الأيام الماضية كانت نتيجة إقرار نقل تلك الإطارات من بر إرحية إلى بر منطقة أخرى (السالمي)، ليتوسع العمران في المنطقة الأولى، بعد تداول أخبار الموافقة على تخصيصها لذات الغرض. باختصار، وبشكل مباشر، نقل تلك النفاية من مكان إلى آخر ليس بحل، حتى إذا نظرنا إلى الموضوع بنظرة الإنجاز الملهم، فلم أجد شخصياً دراسة تطمئنني على أهلية المنطقة البرية الأولى للسكن، ومطابقتها للمعايير البيئية المتصلة بذلك الشأن. أما المسألة الثانية، وهي الأقاويل بأن الخطة ستكون بالمستقبل القريب متضمنة تقطيع «توايرنا»، وتصديرها للخارج، على أساس أن هذا العمل هو إعادة للتدوير! دون الدخول في التفاصيل الهندسية لإعادة التدوير، فإن تصغير الحجم من وإلى سيستنزف طاقة ومواد، وتصدير هذه المادة الخام لن يعود علينا بأي مردود هنا في الكويت، وبشكل أمثل كما ينبغي لها. التعامل مع الإطارات وكأنها مسألة لحظية، تنتهي بتخلصنا من تلك المقبرة، لهو أمر محزن وخطأ بجميع المقاييس. مبدئياً، سيستمر العالم، والكويت ليست بمعزل عنه، في إنتاج هذه النفاية والتخلص منها بعد الاستعمال. فالأنجع والأفضل هو استغلالها، والاستفادة منها كلقيم متجدد ومستدام يتم إعادة تدويره داخل حدود الدولة، ليستفيد من منتجاته المجتمع بشكل عام، سواء كان من خلال السبل الميكانيكية أو في إنتاج الوقود وأسود الكربون وخلافه، مخففين حدة المشاكل البيئية المترتبة على ذلك، وفي نفس الوقت يستفيد المجتمع من النفاية الصلبة التي ينتجها بشكل سليم يعود على المواطن بالنفع في عملية تضافرية للجهود البيئية والاقتصادية. علينا أن نعي أن النفط لن يدوم كمصدر للدخل والطاقة إلى أمد بعيد. فماذا أعددنا ليوم كهذا، والعالم كُله ينظر إلى النفايات، بجميع أنواعها، كمصدر دخل وطاقة؟! فلنتذكَّر أننا لسنا بمعزل عن العالم، وعلاوة على الاغتراب الذي نتعايش معه في جوانب حياتنا المتعددة، لا داعي أن نزيد عليه اغتراباً بيئياً، بسبب التلوث وخيال العُزلة عن الآخرين.
مقالات
عن الاغتراب البيئي: توايرنا... ثروتنا
26-08-2021