رغبة الآباء المؤسسين الملكية الدستورية
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
الأولى: نظام حُكم وراثي ملكي أو أميري، تسند رئاسة الدولة فيه لحاكم يأتي من أسرة حكم، نموذجه انتقاله من أب لابن، لكن من نماذجه انتقاله في ذرية حاكم محدد (ذرية مبارك الصباح)، كما في الدستور الكويتي، علماً أنه من حينه لم يتقلد إمارة الكويت من لم يحكم أبوه قبله.الثانية: تجاور رئاسة الدولة مع رئيس آخر لمجلس الوزراء، لكون الأمير يسود ولا يحكم، وذاته مصونة، ويتولى سُلطاته بواسطة وزرائه (المادتان ٥٤ و٥٥ من الدستور)، ويتولى رئاسة الحكومة رئيس وزراء (المادة 56 من الدستور).الثالثة: أن أسرة الحكم يتم النأي بها عن التجريح السياسي، حتى لا تغدو طرفاً سياسياً، حفاظاً على حيادها ودورها المرجعي، وكونها مصدر إمداد الدولة بالملك، وهي بالكويت مصدر إمدادها بمنصبي الأمير وولي العهد. لذا لا يتم توزير أبنائها وفقاً للدستور، وإنما أجازته استثنائياً المذكرة التفسيرية للدستور، ولذا لم يقرر الدستور رئاسة الوزراء لأسرة الحكم، وهذا من ركائز الملكية الدستورية للنأي بها عن التجريح السياسي.والرابعة: وجود برلمان منتخب من الشعب إلى جوار النظام الوراثي، وهو ما يُعرف بالنظام البرلماني، ونموذجه نشأ واستوى على عوده، ولا يزال في كنف الملكيات الدستورية، وهو الذي أخذ به الدستور الكويتي.وفي أعطاف ما تقدم يتضح جلياً أن الآباء المؤسسين الذين وضعوا الدستور الكويتي، كان واضحا في مسلكهم تبنيهم للملكية الدستورية، ولعل تعقب مواطن عديدة من الدستور ومذكرته التفسيرية تساند هذه الحقيقة وتدلل عليها، ولن يكون بوسعنا تعدادها في هذه المقالة لكثرتها، ويمكن أن نذكر منها إلى جوار الركائز الأربع السابقة باختصار ما يلي:- عدم تصويت أبناء الأسرة الحاكمة في المجلس التأسيسي على مواد الدستور. - تزكية الأمير لولي العهد وتعيينه له.- تكليف الأمير لرئيس الوزراء وتعيينه له.- افتتاح الأمير لجلسات البرلمان.- إدلاء الأمير للخطاب الأميري (م. 104 )- السماح بتعديل الدستور بعد مُضي خمس سنوات على صدوره، إن لزم، تعزيزاً لمظاهر النظام البرلماني في كنف الملكية الدستورية.- عدم حظر الدستور للأحزاب السياسية، لتمكين الشعب من تداول رئاسة الوزراء.- وختاماً، يلزم أن نؤكد أن الممارسات الخاطئة التي أبعدت نظامنا الدستوري عن طبيعته، وهي الملكية الدستورية، كانت سبب حالة الإرباك السياسي، الذي شهدناه، مما يلزم معه إمضاء إرادة الآباء المؤسسين بالعودة لرغبتهم، وهي الملكية الدستورية، تحقيقاً للمقاصد الدستورية.