من صيد الخاطر: حروب الأفيون
كانت تجارة الأفيون هي السبب وراء ما سمي حروب الأفيون، فتلك الحروب قامت لأن الصين حاولت الحد من بيعه وانتشاره بين شعبها، إلا أن بريطانيا رفضت ذلك وحاربتها بضراوة حفاظا على الأرباح الكبيرة التي كانت تجنيها من تلك التجارة القاتلة للشعوب.ففي نهاية القرن الثامن عشر طلب الملك «جورج الثالث» من الإمبراطور الصيني «شيان لونغ» فتح أبواب بلاده أمام التجارة العالمية، وتوسيع العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن الإمبراطور رفض عرضه مما تسبب بخسائر مادية كبيرة للبريطانيين لميل الميزان التجاري لمصلحة الصين، فكانوا يضطرون الى دفع الفضة مقابل مشترياتهم من الصين.أسقط بيد البريطانيين فأوعزوا الى «شركة الهند الشرقية» المملوكة لهم، التي كانت تحتكر التجارة مع الصين، بزرع الأفيون في المناطق الوسطى والشمالية من مستعمرتهم الهندية، ومن ثم تصديره، وأيضا تهريبه لدفع قيمة وارداتها للصين.
لاقت تجارة الأفيون رواجا كبيرا في الصين وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين، وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية بالظهور، بعد أن ابتلي الشعب الصيني بإدمان الأفيون من أجل الكيف، وبدأ يزداد نزوح الفضة العكسي من الصين الى بريطانيا لدفع قيمة ذلك السم القاتل، وبدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني، وهذا ما جعل الإمبراطور الصيني «يونغ تشينغ» يصدار أول مرسوم يحرم فيه استيراد المخدرات.عندها قررت بريطانيا العظمى، القوة الأعظم في العالم، إلى إعلان الحرب على الصين لإجبارها على فتح أبوابها أمام تجارة الأفيون، وكانت ذريعتها هي فرض تطبيق مبدأ حرية التجارة، كان النظام العالمي وقتها يقوم على مبدأين، حرية التجارة، ودبلوماسية السفن المسلحة، فأرسلت سفنها الحربية في سنة 1840م لمحاربة الصين وإجبارها على فتح أبوابها للتجارة بالقوة، فقامت ما سمي حرب الأفيون الأولى سنة 1840 لتستمر عامين، انتصرت فيها بريطانيا، وأجبرت الإمبراطور الصيني على قبول اتفاقية «نان غنغ» في أغسطس 1842. ويبدو أن الاتفاقية مع الصين لم تشبع الطمع البريطاني ومعها فرنسا تحديدا، فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يريدون، ولم يرفع الحظر عن استيراد الأفيون، وتواصل رفض البلاط الإمبراطوري التعامل مباشرة معهم، إلا أن فرصة واتتهم عندما قام الصينيون بتفتيش سفينة بريطانية، واعتقال بحارتها، وقتل مبشر فرنسي.عندها قامت حرب الأفيون الثانية بين بريطانيا وفرنسا ضد الصين سنة 1856 لتستمر أربع سنوات، انتهت باحتلال القوات الغازية مينائي «غوانغ شو»، و«تيان» القريب من بكين، مما أجبر الإمبراطور على القبول بمراجعة الاتفاقات التي كان قد رفضها، وتوقيع اتفاقية «تيان جين» الجديدة مع كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا، والتي أعطتهم المزيد من الامتيازات وكان من أهم بنودها فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية، واعتبار الأفيون بضاعة يسمح باستيرادها، كما أصبحت هونغ كونغ مستعمرة بريطانية، فهذا ما أرادته.كان عدد المدمنين في الصين سنة 1850 مليونين، ووصل في سنة 1878 الى 120 مليون مدمن صيني، استمر هذا الداء قاتل الشعوب مستشريا حتى مطلع القرن العشرين، الى أن قضى على تعاطيه نهائيا الزعيم الصيني الشيوعي ماو تسي تونغ.الخوف الآن من أن تواجه الدول العربية، والخليجية تحديدا، غزو الكيف، فحبوب الهلوسة والمخدرات تنتشر بصورة كبيرة بين الشباب، ويتم تهريب أغلبه من إيران ولبنان كما أعلن رسميا.