عقب ساعات من تحذير غربي مشترك من «هجوم إرهابي محتمل قد ينفّذه تنظيم داعش في مطار كابول» في خضم عمليات الإجلاء الجارية حالياً، وقع انفجار دامٍ عند مدخل المطار الشمالي نفذه انتحاري من تنظيم داعش، مما أدى إلى سقوط ١٥ قتيلاً وإصابة العشرات بينهم عناصر من طالبان وأطفال ٣ جنود أميركيين أحدهم اصابته خطيرة، في حين وقع انفجار ثان قرب فندق "بارون"، حيث يقيم أجانبيأتي ذلك بينما لا يزال آلاف الأشخاص محتشدين عند مداخل المطار على أمل الفرار من أفغانستان بعد سيطرة "طالبان" على البلد، في وقت كانت دول غربية دعت رعاياها إلى الابتعاد بأسرع ما يمكن عن مطار كابول بسبب أخطار "إرهابية"، في حين تعرّضت طائرة عسكرية ايطالية لإطلاق نار.
ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة لانسحابها من أفغانستان في 31 أغسطس الجاري، أعلنت العديد من الدول، أمس، أنها أوقفت أو ستوقف قريباً رحلات الإجلاء.وبشكل متزامن، أصدرت الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة مساء الأربعاء ـ الخميس تحذيرات في غاية الدقة وشبه مماثلة.وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الأشخاص "الموجودين حالياً عند مداخل آبي والشرقي والشمالي عليهم المغادرة فوراً" محذرة من "أخطار أمنية".
من جهتها حذّرت وزارة الخارجية الأسترالية من "خطر كبير جداً بوقوع اعتداء إرهابي".ولم ترد أي تفاصيل عن طبيعة التهديد، لكن وزير الدفاع الأسترالي أندرو هاستي، أوضح أن "خطر وجود انتحاري مرتفع لدرجة أن التهديد يتزايد".وأعلنت بدورها الحكومة البريطانية، أن التهديد الإرهابي الذي دفع لندن إلى تحذير مواطنيها من الذهاب إلى مطار كابول ليلاً كان "خطيراً جداً ووشيكاً".وقال وزير القوات المسلحة البريطاني جيمس هيبي،أمس، إن "المعلومات التي جمعت خلال الأسبوع تزداد خطورة وتشير إلى تهديد للأرواح وشيك وخطير".وحذّرت المملكة المتحدة رعاياها، مساء أمس الأول، من التوجه إلى مطار كابول ليتم إجلاؤهم من أفغانستان، محذرة من خطر كبير بوقوع "هجوم إرهابي".من ناحيتها، قالت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغرت كرامب كارنباور، أمس، "إننا نعلم أن التهديدات الإرهابية تزايدت بشكل كبير لدرجة أنها صارت ملموسة أكثر. إننا نوجد حالياً في أخطر المراحل وأكثرها ارتباكاً وحساسية".وفي روما، ذكر مصدر بوزارة الدفاع الإيطالية، أن طائرة نقل عسكرية إيطالية كانت تقل ما يقرب من 100 مدني أفغاني، تعرضت لإطلاق نار لدى مغادرتها مطار كابول أمس، من دون أن تلحقها أضرار.
بلينكن
ووردت هذه التحذيرات بعيد إعلان الرئيس جو بايدن تمسّكه بتاريخ 31 أغسطس الجاري، مشيراً إلى "خطر حاد ومتزايد بشن تنظيم داعش هجوماً على المطار".وتواصلت الانتقادات الداخلية لبايدن خصوصاً على وسائل الإعلام المحافظة. ونشر موقع "فوكس نيوز" مقالاً للمعلق السياسي المحافظ جيسي واترز عنوانه: "ترامب قتل الإرهابيين وبايدن يتلقى الأوامر منهم"، في إشارة إلى رفض بايدن تمديد مهلة 31 أغسطس التي تمسكت بها طالبان وحذرت من عواقب تمديدها.كما وردت هذه التحذيرات بعد تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن "طالبان" تعهدت السماح للأميركيين والمواطنين الأفغان المعرّضين للخطر بالمغادرة بعد انسحاب القوات الأميركية في 31 أغسطس، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن جهود إجلاء الأميركيين والأصدقاء من أفغانستان قد تستمر بعد هذا الموعد، لافتاً الى أن لا شيء يمنع ذلك.ورغم الفوضى وإعلان دبلوماسي غربي، أمس، أن حشوداً ضخمة تواصل التوافد على بوابات المطار رغم تحذيرات الولايات المتحدة وحلفائها، أعلنت فرنسا وبلجيكا وهولندا والدنمارك وألمانيا وهنغاريا وكندا، أمس، انتهاء عمليات الإجلاء الخاصة بها أو أنها ستنتهي في خلال اليوم.وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن تقييماً جديداً نشرته أمس الأول "جمعية حلفاء الحرب" (Association of Wartime Allies) استناداً إلى بيانات رسمية أظهر أن 250 ألف مواطن أفغاني على الأقل لديهم الحق في الحصول على تأشيرة أميركية مستعجلة لا يزالون في أراضي بلدهم. ورجحت الجمعية أن هذا العدد قد يكون أكبر بكثير وربما يتجاوز مليون شخص.من جانبها، قدرت لجنة الإنقاذ الدولية عدد الأفغان الذين لديهم علاقة مع البعثة الأميركية بأكثر من 300 ألف شخص.«طالبان»
بدوره، قال الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، الذي يشغل منصب وزير الاتصالات الجديد بـ"حكومة طالبان"، إن هناك "تهديدات حقيقية من أن تقوم عناصر إرهابية مثل داعش بمهاجمة المطار".أضاف: "حراسنا يخاطرون بحياتهم أيضاً عند مطار كابول، ويواجهون أيضاً تهديداً من تنظيم داعش"، مشدّداً على أن "موعد خروج القوات الأميركية الذي حددناه غير قابل للتمديد".وأشار من ناحية أخرى في مقابلة مع قناة NBC News الأميركية، إلى أنه لا يوجد دليل على تورط زعيم "القاعدة" أسامة بن لادن في هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، رغم وجود أدلة تربطه بالهجمات واعترافه بذلك.روسيا
كما أكد مجاهد، أن الحركة لا تنوي التوسع في آسيا الوسطى أو إلى حدود روسيا التي أكدت بدورها، أمس، أنها تلقت طلبيات من دول في آسيا الوسطى محاذية لأفغانستان لتزويدها بأسلحة ومروحيات.وقال رئيس مؤسسة "روسونبورون إكسبورت" الروسية الحكومية لصادرات الأسلحة ألكسندر ميخيف: "إننا بصدد العمل على عدد من الطلبيات من دول في المنطقة لتزويدها بمروحيات روسية وأسلحة نارية وأنظمة حديثة لحماية الحدود".وفيما لا تزال روسيا متفائلة بحذر إزاء القيادة الجديدة في كابول، فقد حذرت من تسلسل مقاتلين إلى دول مجاورة بين لاجئين.وفي هذا السياق، قال الدبلوماسي الروسي السابق فيتشسلاف ماتوزوف أمس الأول، نقلاً عن معلومات برلمانية روسية أن نحو 30 ألف مقاتل في "داعش" انتقلوا من سورية إلى أفغانستان.إلى ذلك، كشفت قناة ABC الاميركية أن مسؤولين قطريين حذروا نظراءهم الأميركيين من أن الوضع في المنشآت الأميركية في قطر حيث يتم إيواء الآلاف من الأفغان الذين تم إجلاؤهم يزداد خطورة وفقاً لتقرير داخلي لوزارة الخارجية الاميركية. وأمس الأول تم توقيف أحد اللاجئين القادمين من كابول في لندن بعد اكتشاف صلة له بتنظيم "داعش".تركيا
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع التركية أنها باشرت سحب قواتها التي كانت تشارك في حراسة مطار كابول، متخلية عن هدفها بضمان أمن المطار بعد انسحاب القوات الأميركية.ونشرت تركيا في أفغانستان 500 جندي أدّوا مهام غير قتالية في إطار مهمة "الأطلسي" التي تم التخلي عنها حالياً في البلاد.أول مفاوضات
في غضون ذلك، جرت، أمس، أول مفاوضات بين "طالبان" وممثلي "جبهة المقاومة الوطنية"، وهي أكبر جماعة مناهضة لـ"طالبان" ويقودها أحمد مسعود، نجل القائد الراحل أحمد شاه مسعود.وذكر المفاوض عن "جبهة المقاومة" عبدالحافظ منصور أن وفد الجبهة التقى وفد "طالبان" في مدينة شاريكار، عاصمة ولاية بروان شمال شرقي أفغانستان، مشيراً إلى أن الطرفين أجريا حواراً مباشراً للمرة الأولى، مضيفاً أن الطرفين اتفقا على مواصلة الحوار حول السلام من أجل تفادي القتال.وصرح مسؤولون من "طالبان" بأن المحادثات تتواصل مع ممثلين عن القادة في وادي بنجشير، وأن الجانبين اتفقا على وقف الأعمال العدائية.كرزاي وعبدالله
مــــن ناحيـــــة أخــــرى، كشفــت مصادر لـCNN أن حركة "طالبان" قامت بسحب الحماية عن الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي وعبدالله عبدالله الذي شغل منصب رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الأفغانية. وأوضحت المصادر أن الحركة صادرت الأسلحة التي كان يحملها فريق الحماية الذي يرافق كرزاي إضافة إلى سياراتهم، الأمر الذي دفعه للانتقال والإقامة مع عبدالله عبدالله الذي بدوره قامت طالبان، بتفتيش منزله وسحب أسلحة مرافقيه وسياراتهم.وأضافافت أن كرزاي وعبدالله عبدالله يقبعان في الوقت الحالي تحت الإقامة الجبرية في كابول.