أفغانستان: واشنطن تدمّر «إيغل» وتتوقع هجمات
«البنتاغون» يعلن تصفية «هدفين كبيرين» في «داعش - خراسان» متورطين بهجمات كابول
مع دخول الجسر الجوي مراحله الأخيرة في أجواء من التوتر، هاجمت الولايات المتحدة مسؤول «التخطيط» في «داعش» على خلفية تفجير مطار كابول، في حين أكدت أن هناك مخاطر كبيرة من وقوع مزيد من الانفجارات، مع اقتراب نهاية مهمة إجلاء المدنيين وسحب القوات.
في إنهاء لوجودها بالكامل في أفغانستان، ومنعاً لأن تستغل حركة "طالبان" مواقعها السابقة، تخلّصت الاستخبارات الأميركية CIA من آخر معاقلها في كابول، تجنّباً لأي استفادة للحركة المتطرّفة من القاعدة. وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الاستخبارات الأميركية دمّرت قاعدة "إيغل" التابعة لها والمحصنة بشدة، والتي كانت آخر موقع لها خارج مطار العاصمة الأفغانية، من خلال تفجيرها عن بُعد، بَعدما ملأتها بالمتفجرات الشديدة.ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، أن "تدمير القاعدة جاء بهدف التأكد من أن البيانات والمعدات الموجودة فيها لن تقع في أيدي مسلحي طالبان، وأن العملية كان مخططاً له وليس له علاقة بتفجيري المطار الخميس الماضي".
واتخذت هذه القاعدة، التي تم إنشاؤها في مستهل الحرب، مقرا لها في مصنع طوب سابق، وتحوّلت من موقع صغير إلى مركز كبير استخدم لتدريب قوات مكافحة الإرهاب في أجهزة الاستخبارات الأفغانية.وكانت القاعدة سرية جدا، وسُيّجت بجدار ارتفاعه 3 أمتار، إضافة إلى إنشاء نقاط تفتيش عدة في داخلها.
رد انتقامي
في غضون ذلك، ورداً على التفجير الدامي خارج مطار كابول، هاجمت الولايات المتحدة مسؤولا عن "التخطيط" في تنظيم "داعش ولاية خراسان".وأكدت القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، في بيان، أنّ "الغارة الجوية التي نُفذت ليل الحمعة - السبت وقعت في جلال آباد عاصمة ولاية ننغرهار المتاخمة لحدود باكستان شرق كابول، في اطار عمليات مكافحة الارهاب، والمؤشّرات الأولية تفيد بأنّنا قتلنا الهدف، وهو مسؤول من داعش". وأضافت: "لا عِلم لنا بسقوط أيّ ضحايا مدنيّين".وذكر مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه أن العملية نفّذتها طائرة مسيرة من نوع "ريبر" انطلقت من الشرق الأوسط واستهدفت عضوا من "داعش" يخطط لشن هجمات، وهو داخل سيارة، مع عضو آخر من التنظيم في جلال اباد، مضيفا أن الاثنين قتلا على الأرجح.وهذه أول ضربة ينفذها الجيش الأميركي منذ الهجوم الذي وقع الخميس الماضي في مطار كابول وأدى إلى سقوط نحو 170 قتيلا بينهم 13 جنديا أميركيا و28 مسلحاً "طالبانياً".وأعلن «البنتاغون»، أمس، انه «تم قتل هدفين كبيرين في تنظيم داعش-ولاية خراسان وإصابة ثالث» في الهجوم. وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع أن المسؤولين متورطون في التخطيط لهجمات كابول. ونقلت «رويترز» عن مصدر أميركي، أن واشنطن قد تشن عمليات لملاحقة «داعش» في أفغانستان بعد 31 أغسطس.بايدن
وفيما يواجه أخطر أزمة منذ بداية عهده يبدو أنّها أضعفته، تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن "مطاردة منفّذي الهجوم وجعلهم يدفعون ثمن قتلهم العسكريّين الأميركيّين". وفي خطاب ألقاه في البيت الأبيض، قال بايدن فيما كانت عيناه تدمعان، لمنفذي الاعتداء الأكثر دموية الذي يستهدف الجيش الأميركي في أفغانستان منذ 2011: "أميركا لن تسمح بترهيبها"، واصفاً جنود بلاده الذين قتلوا في الهجوم الانتحاري بأنّهم "أبطال". وقال بايدن: "لأولئك الذين نفّذوا هذا الهجوم، وكذلك لأي شخص يتمنّى الضرر لأميركا، اعلموا هذا: لن نسامح. لن ننسى. سنطاردكم ونجعلكم تدفعون الثمن في الزمان والمكان اللذين سنختارهما".وفي سياق متصل، أفادت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، بأن مستشار الرئيس جو بايدن للأمن القومي أبلغ الرئيس بأنه من المرجح وقوع هجوم إرهابي آخر في كابول، وأن التهديد مستمر ونشيط. وأضافت: "قواتنا تتخذ أقصى الإجراءات الأمنية في مطار كابول ومحيطه".وصدرت التحذيرات في اجتماع لغرفة الطوارئ عقده بايدن مع مسؤولين بالأمن القومي والجيش ووزارة الخارجية، بعد هجوم المطار.وحسب بيان للبيت الأبيض، فقد أعطى بايدن للقادة والعسكريين السلطة الكاملة لشن عملية ضد أهداف لتنظيم "داعش" في خراسان، وحذّر من أن الأيام القليلة المقبلة من مهمة الإجلاء من أفغانستان ستكون الأكثر خطورة.وقالت ساكي: "نحن لا نثق بطالبان، لكن الواقع على الأرض أنها تسيطر على أغلبية المديريات والولايات، لذلك ليس لدينا خيار آخر سوى التعامل معهم لإجلاء الرعايا الأميركيين والأفغان المتعاونين".بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي إن بلاده ما زالت تعتقد بوجود "تهديدات محدّدة وذات مصداقية" على مطار كابول.وأضاف: "نحن بالتأكيد مستعدون ونتوقع محاولات مستقبلية ونراقب فعليا هذه التهديدات بشكل دقيق".ونصحت السفارة الأميركية في كابول رعاياها، في بيان على موقعها الإلكتروني، بتجنب الذهاب إلى المطار بسبب تهديدات أمنية.كما حذر مسؤولون أميركيون من احتمال تعرض الولايات المتحدة لهجمات داخلية، وشددوا على ضرورة التأهب الأقصى تحسباً لهذه التهديدات.هجمات إعلامية
في غضون ذلك، أدى تبادل هجمات عبر وسائل الإعلام بين "طالبان" وواشنطن إلى تصاعد التوتّر الحاد أصلا، قبل أيام قليلة من الموعد النهائي المحدد في 31 أغسطس لانسحاب الجنود الأميركيين.وقال كيربي إن "حكام البلاد الجدد لا يهتمون بأي من بوابات الصعود ولا بأي عمليات في المطار"، مؤكدا أن المطار "ما زال تحت سيطرة الجيش الأميركي، ومسلحو الحركة غير مسؤولين عن أي من البوابات، ولا عن أي نوع من العمليات داخل المطار. هذه الأمور لا تزال تحت السيطرة العسكرية الأميركية".«طالبان»
وكانت أحد الناطقين باسم الحركة بلال كريمي قال: "قواتنا سيطرت على غالب المطار عدا جزء صغير لا يزال به أميركيون".من ناحيته، أكد قيادي بارز في الحركة، أن "قواتنا مستعدة لتولي السيطرة الكاملة، والأمر لا يتخطى مسألة وقت". وتابع: "بمجرد رحيل الأميركيين، سنتسلم زمام الأمور... قد يتم ذلك بسرعة في وقت قريب قد يكون مطلع الأسبوع".ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين أن المهاجم الانتحاري الذي نفذ هجوم مطار كابول تسلل في صفوف من كانوا يحاولون الدخول إلى المطار وانتظر إلى لحظة تفتيشه من طرف الجنود الأميركيين ليفجر نفسه.وتسابق القوات الأميركية والقوات الحليفة لها الزمن لاستكمال إجلاء مواطنيها وأفغان معرضين للخطر والانسحاب قبل الموعد النهائي المقرر الثلاثاء.وأكدت معظم دول التحالف المشاركة في نقل الأفغان ورعاياها جوا من كابول، ويزيد عددها على 20 دولة، أنها أكملت عمليات الإجلاء .اتفاق وشيك
إلى ذلك، أفادت تقارير بأن "طالبان" وتركيا تقتربان من التوصل إلى اتفاق حول تشغيل مطار كابول. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال أمس الأول إن الحركة الأفغانية تريد من انقرة تولي الجانب اللوجيستي فقط على أن تتولى هي ضمان الأمن، مضيفاً أن بلاده لا تزال تدرس الاقتراحات. ويقول مراقبون إن تركيا تفضل وجود قوة تركية عسكرية محدودة لضمان أمن المطار والعاملين فيه.ورغم حالة الفوضى عند مطار كابول، فإن باقي أنحاء المدينة يشهد هدوءا بشكل عام. وقال ذبيح الله مجاهد الناطق باسم "طالبان"، إن الحركة طلبت من السكان تسليم معدات حكومية منها أسلحة ومركبات في غضون أسبوع، كما دعت الحركة جميع النساء العاملات في قطاع الصحة العامة إلى العودة إلى العمل.من ناحية أخرى، خرج أمس مئات المواطنين إلى شوارع كابول احتجاجا على إغلاق المصارف المستمر منذ أسبوعين، بالتزامن مع تشكيل طوابير طويلة أمام ماكينات الصراف الآلي.ورغم إصدار "طالبان" تعليمات بإعادة فتح المصارف اعتبارا من الأمس، يصر أصحاب المصارف على أنهم لا يستطيعون استئناف العمل ما لم تتم إعادة فتح البنك المركزي.إعفاء ضابط
وبعدما طالب بمحاسبة المسؤولين في القيادة العسكرية على الإخفاق بعد تفجير كابول، أعفى الجيش الأميركي المقدم في مشاة البحرية "المارينز" ستيوارت شيلر، الذي شارك مقطعا مصورا على وسائل التواصل الاجتماعي وحظي بانتشار واسع.وأوضح شيلر أنه كان على علاقة شخصية ببعض ضحايا التفجير، قائلا إن موتهم سيكون عبثا إذا لم تتحمل القيادة المسؤولية، لافتا إلى أن الخطأ الاستراتيجي كان عدم تأمين قاعدة باغرام الجوية قبل البدء بإجلاء الناس، واعتبار مطار كابول السبيل الوحيد للخروج من البلاد.وقال المتحدث باسم مشاة البحرية، الرائد جيم ستينغر، لصحيفة "ديلي ميل"، إن شيلر قد أعفي من مهامه بسبب "فقدان الثقة في قدرته على القيادة".
إعفاء ضابط بالجيش الأميركي هاجم مسؤوليه بسبب أفغانستان