التعامل مع «كارثة تغيير المناخ» في العالم يشبه إلى حد كبير، التعامل مع فيروس «كوفيد19» واعتباره أمراً عابراً أو أقله «مؤامرة غربية»! إذ لم نلحظ بعد أن هناك إجراءات أو سياسات من شأنها التحوط مما سيأتي وإشراك الناس والمجتمع المدني برفع درجة الوعي بالمخاطر التي تنتظرنا، فكورونا لم يميز بين دول غنية وأخرى فقيرة، تماماً مثل تغير المناخ، فهو «عادل» بالتوزيع! صحيح أن التغير المناخي، من الظواهر الطبيعية والتي لم تتوقف على مر الأزمان والعصور، لكن نتائجها ستكون هذه المرة «مدمرة وكارثية»!

أقرب مثالين واقعيين عن تغير المناخ ما يحدث في سلطنة عمان وفي الجزيرة العربية وبالتبعية في الكويت، إذ لم يكن معهوداً كما يتحدث رئيس جماعة الخط الأخضر البيئية خالد الهاجري، أن تحدث الأعاصير بهذا الزخم ولم نر عواصف ترابية عصفت بالكويت كما هي الحال في السنوات الماضية، والسبب ارتفاع في درجة حرارة الأرض.

Ad

وقد تكون المياه أخطر ما تتعرض إليه في القادم من الأيام فإنتاج منطقة الخليج من المياه الطبيعية عموماً يساوي صفراً! والاعتماد الكلي على تحلية مياه البحر فيه الكثير من المخاطر على حياة الإنسان! ليس من باب التخويف بل حقائق يتحدث عنها علماء وتقارير الأمم المتحدة والمنظمات المختصة، تقول «منطقتنا ستكون الأولى في العالم التي سيضربها تغير المناخ ويجعلها غير قابلة للسكن»، كما يحذر وينبه الزميل سعد محيو صاحب منتدى التكامل الإقليمي والذي ينهي تحذيره بالقول «قارنوا محصلات تقرير الأمم المتحدة مع تقرير الفايننشال تايمز مع نمط الوعي السائد في أوساط النخب، فماذا ستجدون؟ المنطقة غارقة في حروب مذهبية وعرقية وقومية وجيوسياسية قاتلة، ونحن قرعنا الباب ولم نسمع الصدى، فإما التكامل أو الانتحار»، فلا حلول وسط مع الطبيعة، وعندما تغضب سيحل الكابوس مكان الرجاء والأمل.

الموضوع ليس فيه مكان للتأجيل أو الترحيل، الكارثة قادمة ولعل ما حملته أنباء مدغشقر قبل أيام كاف لإعلاء الصوت وجرس الإنذار، فهذا البلد في مواجهة مباشرة بسبب تغير المناخ وبحسب الأمم المتحدة هناك عشرات الآلاف يعانون بالفعل من مستويات «كارثية» من الجوع وعدم توافر الأمن الغذائي، وبعد أربع سنوات من شح هطول الأمطار! الجفاف وهو الأسوأ منذ 40 سنة، أدى إلى تدمير المجتمعات الزراعية في جنوب مدغشقر، تاركاً العائلات تبحث عن الحشرات للبقاء على قيد الحياة! وتلك ظروف شبيهة بالمجاعة بسبب تغير المناخ لا بسبب الصراعات!

قبلها أطلقت جزر المالديف نداء استغاثة إلى العالم «زورونا قبل أن نغرق» لأن مياه المحيط ستغمرها وتتعرض للاختفاء، فما يجري في منطقتنا ليس إلا البداية، وتقرير «الفايننشال تايمز» يعترف بأن الشرق الأوسط أكثر المناطق تضرراً والأقل جاهزية للتعامل و«غير قابل للسكن» قبل نهاية القرن بالتعبير الحرفي، مستشهدة بارتفاع درجات الحرارة وموجات الجفاف المتلاحقة، فالحرارة في الكويت سجلت 53.5 في يومين خلال عام 2021 وفي سلطنة عمان والإمارات والسعودية 50 درجة، وفي العراق 51 درجة وكذلك في إيران.

الحرارة في الشرق الأوسط ترتفع بمعدل ضعفي ارتفاعها في مناطق آخرى، وهذا معناه في أبسط الأحوال أنها ستكون منطقة طاردة لسكانها!

واضح أن تأثير البشر الضار على التغير المناخي حقيقة لا تقبل الجدال فقد أدى إلى زيادة في درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر إلى ما يقرب من مترين بحلول نهاية القرن الحالي وهذا أمر لا يمكن استبعاده!

لقد أخفق العالم في الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين خلال القرن الحالي، وإن كان عدد من علماء المناخ يعتقدون أنه ستحدث زيادة تصل إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2040.

سجلت درجة حرارة الأرض ارتفاعاً بواقع 1.09 درجة مئوية خلال 2011-2020 وتضاعف ارتفاع مستوى مياه البحر ثلاث مرات، مقارنة بالفترة 1901-1971 والأخطر من ذلك أن يصبح القطب الشمالي خالياً تماماً من الجليد قبل عام 2050، فلننتظر ماذا سيخرج عن قمة المناخ العالمية المرتقبة في نوفمبر 2021 بمدينة «غلاسكو» وما إذا كانت ستحقق شيئاً مفيداً للبشرية!

● حمزة عليان