عشية اليوم الذي يغادر فيه الجيش الأميركي أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب وبعد أكثر من أسبوعين بقليل على استيلاء «طالبان» على السلطة، جمعت الولايات المتحدة حلفاءها الرئيسيين لمناقشة الخطوات المقبلة في أفغانستان، في وقت دخلت عمليات الإجلاء من كابول مرحلتها الأخيرة.

وشارك وزراء خارجية دول عدة أمس، في مؤتمر بالفيديو بحث خلاله المشاركون في نهج منسق للأيام والأسابيع المقبلة.

Ad

ونظمت واشنطن هذا الاجتماع بين «الشركاء الرئيسيين». وشارك في المناقشات ممثلون عن فرنسا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

كما تحدّث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد الاجتماع لتقييم الخطوات الأميركية الأخيرة في أفغانستان.

صواريخ على المطار

وبينما تُسارع الولايات المتحدة في استكمال انسحابها النهائي من أفغانستان لتنهي اليوم أطول حرب خاضتها، وفي وقت تستعد الحركة لتسلّم السيطرة الكاملة على مطار كابول، أطلقت صواريخ أمس، باتجاه المطار.

وقال مسؤول أميركي، إن الدفاعات الأميركية المضادة للصواريخ اعترضت ما يصل إلى 5 صواريخ.

وذكرت تقارير إعلامية أفغانية، أن الصواريخ أُطلقت من على ظهر سيارة. وحسب وكالة «باجهوك» للأنباء، أصابت الصواريخ مناطق متفرقة من العاصمة الأفغانية.

ورجح مسؤول في «طالبان» في المكان إطلاق 5 صواريخ لكن الدفاعات الجوية الخاصة بالمطار اعترضتها ودمرتها.

بيان «داعش»

وأعلن تنظيم «داعش»، أمس، عبر موقع «ناشر نيوز» التابع للتنظيم الارهابي على «تليغرام» المسؤولية عن الهجوم الصاروخي.

وقال التنظيم في بيان «بفضل الله تعالى، استهدف جنود الخلافة مطار كابول الدولي، بـ6 صواريخ (كاتيوشا)، وكانت الإصابات محققة».

ويطرح تنظيم «داعش» المنافس لحركة «طالبان» التهديد الأكبر على الانسحاب بعدما نفذ هجوماً انتحارياً في محيط المطار الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل أكثر من 170 شخصاً بينهم 13 عسكرياً أميركياً.

وأمس الأول، أكدت الولايات المتحدة أنها شنت غارة بطائرة مسيرة على بعد كيلومترين من مطار كابول على آلية مفخخة، قالت انها تابعة لـ»داعش».

وذكر المتحدّث باسم القيادة الوسطى الأميركيّة، بيل أوربان: «نحن على علم بتقارير عن سقوط ضحايا مدنيّين في أعقاب غارة الأحد، ونشعر بحزن عميق إزاء أيّ خسائر محتملة في أرواح الأبرياء».

في السياق، قال الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، إن الهجوم أسفر عن مقتل 7 مدنيين، ودان الولايات المتحدة لعدم إبلاغها الحركة قبل إصدار الأمر بشن الهجوم الذي اعتبر بأنه «دفاع عن النفس»، لكنه وصف التحرك الأميركي على أرض أجنبية بأنه غير جائز قانوناً.

إلا أن مصدراً من «طالبان» أعرب في تصريحات سابقة لصحيفة «تلغراف» البريطانية عن ترحيبه بتلك الضربات.

وأكد أن «تنظيم داعش في خراسان يمثل مصدر قلق حقيقي».

وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن التنظيم الإرهابي زاد من عدد المواقع أو البيوت الآمنة في العاصمة الأفغانية، التي يقوم بالتجنيد منها.

كذلك، كشف أنه «عناصر طالبان نبهوا إلى حجم التهديد الذي يمثله داعش حاليا، بعد تلقي الحركة معلومات استخبارية حول هجوم مخطط له على المجتمع الشيعي في كابول، تم منعه لاحقاً».

وفي حين أطلقت «طالبان» سراح الرئيس السابق لمجلس العلماء الأفغاني مولوي محمد سردار زدران، بعد ساعات فقط من اعتقاله، قال المسؤول في «طالبان» عبد الباقي حقاني خلال اجتماع لمجلس أعيان (لويا جيرغا)، إن الحركة ستسمح للنساء الأفغانيات بمتابعة الدراسة في الجامعات، شريطة عدم اختلاطهن بالطلاب الذكور.

روسيا

وتعليقاً على على الفكرة التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول إنشاء منطقة آمنة في العاصمة الأفغانية لمواصلة العمليات الإنسانية، قال النطاق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، «بالطبع، هذا اقتراح يجب مناقشته. ومن المهم جداً بحث كل جوانب صيغة مثل هذه المنطقة ونظامها. والأهم من ذلك، لا بد من فهم موقف طالبان من فكرة إقامة منطقة كهذه».

من جانب آخر، اعتبر بيسكوف أن فكرة شطب «طالبان» عن لائحة المنظمات الإرهابية «سابقة لأوانها».

وكان ناطقاً باسم «طالبان» أوضح في وقت سابق رفض الحركة لفكرة ماكرون الآمنة معتبراً أن «الحرب انتهت ولا حاجة للمنطقة الآمنة».

من ناحيته، أكد مبعوث الرئيس الروسي إلى أفغانستان، مدير القسم الآسيوي الثاني بوزارة الخارجية الروسية، زامير كابولوف، أمس، أن موسكو «تعمل حالياً على إقامة الاتصالات مع طالبان، ونحن بحاجة إلى الحفاظ على علاقات طبيعية مع أي حكومة في أفغانستان»، داعياً في الوقت نفسه الولايات المتحدة إلى الإفراج عن الاحتياطي النقدي للبنك المركزي الأفغاني الذي جمدته واشنطن بعد سيطرة «طالبان» على كابول.

وكان إجمالي الاحتياطي في البنك المركزي الأفغاني يبلغ 9.4 مليارات دولار بنهاية أبريل، وفق صندوق النقد الدولي. ومعظم تلك الأموال موجودة خارج أفغانستان.

كما أعرب كابولوف عن أمل موسكو في ألا تستخدم الأسلحة التي تركها الأميركيون في أفغانستان لإشعال حرب أهلية جديدة.

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أعلن في وقت سابق، أن الولايات المتحدة تركت وراءها العديد من الأسلحة المتطورة والعالية الدقة في أفغانستان، تشمل أنظمة دفاع جوي محمولة، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات.

وفي تصريحات متزامنة، حذرت الخارجية الروسية من أن عدد اللاجئين الأفغان قد يصل إلى مئات الآلاف، وأن موسكو تتواصل مع دول الجوار الأفغاني بهذا الشأن.

ووسط حالة عدم الاستقرار في أفغانستان المجاورة، أفادت وزارة الدفاع الروسية، أمس، بأن نحو 500 من قوات المشاة الآلية الروسية يجرون تدريبات في جبال طاجيكستان، مشيرة إلى أن «جميع الجنود المشاركين في التدريبات جاءوا من القاعدة العسكرية الروسية في طاجيكستان».