بيروت تدخل «أخطر شهر» بصدامات أهلية وانسداد حكومي
يشهد لبنان غلياناً اجتماعياً، إذ إن الواقع المعيشي والمالي الصعب يدفع الجماعات الطائفية، أو حتى داخل الطائفة الواحدة، إلى التصارع، بحثاً عن مقومات العيش والبقاء، وهو ما يؤسس إلى عوامل الفرز المناطقي، بالمفهوم الشعبي للكلمة، فكل جهة ستقاتل لخوض صراع الوجود. وفي الأيام الماضية تنقلت الاشتباكات والصدامات الأهلية بين المناطق، واتخذت في الشمال طابعاً سنياً - سنياً على خلفية الانقسام الجغرافي، أما في الجنوب، وتحديداً في منطقتي مغدوشة وعنقون، فاتخذت بعداً طائفياً بين الشيعة والمسيحيين، على خلفية تعبئة المحروقات. وفي العمق الجنوبي الأبعد، وقع إشكال في بلدة العباسية بين أبناء الطائفة الشيعية الواحدة، مما يشي بأن كل المناطق مرشحة لمثل هذا الالتهاب، في ظل انعدام أي أفق للحل السياسي، الذي يضع البلاد على سكة إصلاح اقتصادي.
ورغم تنامي المخاوف من تكرار هذه الحوادث، لم تتجلَّ المسؤولية السياسية بين القوى المختلفة في سبيل تشكيل الحكومة، بل استمرت الخلافات على حالها، وسط تدخلات فرنسية مستمرة من المستشار الرئاسي باتريك دوريل ورئيس المخابرات الخارجية برنار إيمييه، مع المسؤولين اللبنانيين، لحثهم على ضرورة تشكيل الحكومة. وتشير المعلومات إلى أن تواصلاً حصل بين المسؤولين الفرنسيين ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، لدفعه إلى الاستمرار في مهمته وعدم الإقدام على الاعتذار، وهذا ما دفعه لإعلان أن الاعتذار ليس في حساباته حالياً.وتقدر تقارير داخلية ودبلوماسية أن الصراع الاجتماعي والمعيشي سيتوسع، خصوصاً أن سبتمبر سيكون من الأشهر الصعبة جداً، في ظل مغادرة المغتربين اللبنانيين، والاستعداد للعودة إلى المدارس، وعلى مشارف فصل الشتاء، مما سيرتب الكثير من الأعباء على الأسر، وسيترافق ذلك مع موعد تم تحديده لرفع الدعم بشكل نهائي عن المحروقات، التي تعتبر عصب الحياة والتنقل، وكل هذا مرشح لأن يفاقم الأزمة ويوصل إلى شلل عام يشمل كل القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والإدارية والمؤسسات التربوية. وفي حين يذهب لبنان إلى عزلته بشكل أسرع وأعمق، لا يزال الجميع بانتظار مصير ناقلة النفط الإيرانية، التي أعلن «حزب الله» قرب وصولها. وبحسب ما ترجح المعلومات، فإنها سترسو في مرفأ بانياس السوري، لتجنب تعريض الدولة اللبنانية لعقوبات أميركية، على أن يعمل الحزب على نقل هذه المحروقات براً عبر صهاريج تمرّ إما من خلال المعابر الرسمية، وهذا سيؤدي إلى إحراج لبنان؛ وإما من خلال معابر يسيطر عليها الحزب، وهذا ما سيشير بوضوح إلى طرقات التهريب المفتوحة بشكل دائم بين البلدين.