بين رغبة الحكومة وعجزها
المشكلات التي تواجه البلد بتراكماتها عبر أربعة عقود من الزمن، والتي تتوارثها الحكومات المتعاقبة منذ تلك الفترة منذ السنة الثالثة لرئاسة الشيخ سعد، رحمه الله، لمجلس الوزراء ومروراً بجميع رؤساء الحكومات المتعاقبين، حتى آخرهم وهو الشيخ صباح الخالد، هي هي ذات المشكلات ولا جديد فيها! وعلى الرغم من الإمكانيات المالية الضخمة للبلد، والإنفاقات الهائلة في الميزانيات والمشاريع، والتي فاقت ٣٥٠ مليار دينار في السنوات الأربعين الماضية، ورغم إنفاق أكثر من ١٥٠ ملياراً أُخَر في الفترة نفسها بمصروفات أخرى، وهو ما يعني إنفاق ما يزيد على ١٢.٥ ملياراً بالمتوسط السنوي، فإن المشكلات ما زالت قائمة في البنية التحتية من مدارس وشوارع ومستوصفات ومستشفيات متداعية ومستهلكة، وتواجه إشكالات متكررة وبصورة محزنة، بكل أسف! التعليم من ضعف إلى آخر، وإشكالية فرص التعليم الجامعي مازالت تحدياً يؤرق الحكومة ويقض مضجع كل الآباء والأمهات!
الرعاية الصحية مازالت تخضع للتجربة والخطأ، ومازالت تتراجع عن مستوياتها في الستينيات والسبعينيات! والرعاية السكنية تتحكم بها أهواء ورغبات حفنة من المتنفذين، حتى وصلت أسعار العقارات السكنية إلى أرقام فلكية لعدم تحرير الأراضي من قِبل الدولة من جهة، وعدم تسريع عجلة تخصيص الأراضي السكنية من جهة أخرى! فضلاً عن احتكار الأراضي وتحويلها سلعة للمضاربات التجارية فيها، والتعامل معها على أنها أصول تحجب فلا يتم تداولها، ولا يتم بناؤها حتى بلغت الأراضي الصالحة للسكن والمحتكرة في المناطق المأهولة أكثر من ٥٠ ألف قسيمة مجرد فرض رسوم وضرائب تصاعدية جادة عليها سيحررها ويخفض أسعارها إلى مستوى طبيعي، وهو ما نأمل أن يرى النور بمقترح النائب عبدالعزيز الصقعبي. والتوظيف صار مشكلة مزمنة لعجز الدولة عن خلق الوظائف وتوظيف الكويتيين، فضلاً عن اختلالات التركيبة السكانية ومشكلة المتاجرة بالعمالة التي زادت إرهاق البلد والمواطن، والوضع المالي والاقتصادي في البلد يسير على بركة ارتفاع وانخفاض سعر النفط، فلا سياسات حصيفة ولا إدارة اقتصادية، مما أوصلنا إلى أزمات اقتصادية رغم فرضية متانة الاقتصاد الكويتي! كفانا سوء إدارة بحكومات عاجزة واحدة تلو الأخرى، وأتمنى أن يتم إقصاء كل مسؤول أو وزير لا قدرة له ولا إمكانيات ولا شجاعة ولا رؤية للقيام بمهام الإدارة الرشيدة للبلد، فليتم إبعاد أبناء الأسرة الحاكمة الذين أثبتت الأيام عدم أهليتهم لإدارة حكومية رشيدة، وكفانا ما أوصلونا إليه، لنحرر المنصب الوزاري من المحاصصة والترضيات والأقرباء والمحسوبيات حتى أصبح الوزراء اليوم ٥ أو ٦ أقسام كل أربعة منهم ضمن حصة فلان أو اختياراته، ولا عزاء لبلد هكذا يختار أو يعين وزراءه، حتى صار الوزير السابق والقيادي السابق حالة مأساوية من كثرة انتشارها، والغالبية العظمى منهم لا تصلح لإدارة خمسة أفراد حتى تدير مؤسسات!العلة واضحة، والأزمة جلية، والإشكالات ستظل قائمة، إذا استمررنا على "طمام المرحوم"، إشكاليتنا في غياب إدارة حكومية رشيدة وحصيفة يكون رئيس الوزراء فيها بصلاحيات كاملة ودون تدخلات سياسية أو نيابية، ووقوف كل سلطة من السلطات عند حدودها الدستورية دون تغول أو ارتجال أو مفاجآت أو فرض، ولتكون معالجة الملفات المتراكمة، بقرارات جريئة تحقيقاً لمصلحة البلد لا شيخ ولا تاجر ولا متنفذ ولا فئة محدودة من الناس، حينئذ فقط ستتغير مجريات الأمور ونكون سرنا في مسار دولة بدلاً من مسار "العزبة".وحينئذ ستنتهي مشكلات البلد المتوارثة، وسينعم الوطن والمواطن بالرفاه والحياة المستقرة الرغيدة.ألا هل بلغت اللهم فاشهد.