تعاني العقارات الاستثمارية، منذ فترة ليست قصيرة، ارتفاع نسبة الشواغر، لتأتي جائحة "كورونا" وما خلفته من اختلالات اقتصادية لترفعها إلى نسبة 15.4 في المئة، حيث جعلت هذه الجائحة عددا كبيرا من فئة الوافدين، المشغل الرئيسي لهذا القطاع، يهمون بالرحيل إلى بلدانهم، أو ترحيل أسرهم ومشاركة السكن مع أقرانهم.ويمكن تقسيم العقارات الاستثمارية إلى فئتين، مخالفة لقوانين البناء والتشييد، وقامت بتقسيم الشقة الواحدة إلى أكثر من شقة، وغير مخالفة ملتزمة بالمخطط التنظيمي للعقار، إذ إن الأولى، خصوصا القديمة منها، كانت الأكثر ضررا وارتفاعا في نسبة الشواغر، أما الثانية فتأثرها كان محدوداً نوعا ما.
وطوال السنوات الماضية كان يتعرض القطاع الاستثماري بين فترة وأخرى لحالة من الركود، يصاحبها انخفاض في نسب الإشغالات، خصوصا خلال فترة الصيف، وعادة ما يقدم الملاك عروضا بغرض جذب مستأجرين جدد وسد الشواغر، ومنها منح أشهر مجانية أو مواقف سيارات مخصصة أو تخفيض جزء من القيمة الإيجارية.ولكن في ظل الظروف الحالية، لم تعد تلك العروض ذات جدوى، خصوصا مع وجود توقعات بارتفاع نسبة الشواغر خلال الفترة المقبلة، وذلك بوجود متحورات جديدة قد تعيدنا إلى المربع الأول، فضلا عن توجه الدولة نحو تعديل التركيبة السكانية، مما يعني رحيل المزيد من الوافدين، ودخول عدد إضافي من العقارات في السوق.كل تلك المعطيات أدت إلى بحث الملاك عن طرق جديدة لسد الشواغر المرتفعة في عقاراتهم، إذ إن عددا كبيرا منهم توجه نحو تأجيرها لأصحاب الأنشطة التجارية لتخزين بضائعهم، وبذلك تحولت العديد من العقارات الاستثمارية إلى مخازن، لتخزين المواد التي لا تحتاج إلى مبردات كمواد التنظيف والأواني المنزلية والملبوسات.واستغل ملاك العقارات الطلب المرتفع على المخازن من قبل أصحاب الأنشطة التجارية، للاستفادة من ارتفاع القيمة الإيجارية، وتحقيق أعلى عائد من العقار وسد الشواغر.وفي المقابل، يبحث أصحاب الأنشطة التجارية أيضا عن عقارات تؤجر شققها أو سراديبها كمخازن، إذ إن القيمة الإيجارية للمخازن في العقارات تعد منخفضة، إذا ما قورنت بالقيم الإيجارية في العقارات المخصصة كمخازن، التي تؤجر على أساس المتر، والذي أخذ يرتفع خلال الفترة الماضية في ظل الطلب المتزايد، ولا تحتاج الشقق التي يتم تأجيرها مخازن الى تشطيبات عالية، وهذا يقلل من التكاليف والمصروفات على مالك العقار.ولكن رغم أن هذا التوجه له عائد على الملاك، فإنه يحمل الكثير من المخاطر، إذ إن معظم المواد التي يتم تخزينها تعتبر سامة وعالية الخطورة، أو قابلة للاشتعال، وهذا خطر يحدق بسكان العمارة والعمارات المجاورة لها.وتفتقر العديد من العقارات الاستثمارية إلى إجراءات الأمن والسلامة، ومع وجود تلك المواد المخزنة ستنتج كارثة في حال حدوث أي تسريب من المواد أو حريق.وكان التوجه في السابق من قبل ملاك العقارات تأجير عقاراتهم لأصحاب الأنشطة التجارية من صالونات وأندية صحية ومكاتب محاماة، اذ يعاني القطاع فوضى في عمليات التأجير، حيث ان هناك عقارات يتم تأجيرها بالكامل لأصحاب المشاريع والأنشطة الاستثمارية، وهذا يخالف القوانين التي تسمح بتأجير الدور الأول والثاني فقط.وتتسبب العمليات العشوائية في تأجير العقارات في العديد من المشاكل والازدحامات المرورية، وتساهم في انتقال عدد من الأسر الوافدة من تلك المناطق الى المناطق النموذجية، وفي خلق عدم توازن القطاعات العقارية فيما بينها.ومن جهة أخرى، قال عدد من العقاريين إن تأجير الشقق أو السراديب كمخازن مخالف للقانون، ويجب ان تكون هناك وقفة جادة من قبل الجهات المعنية، وفرض غرامات على المؤجر والمستأجر.وبين العقاريون أن العديد من العقارات مخالفة لاشتراطات البناء في التقسيمات الداخلية للوحدات والممرات الخارجية للشقق، حيث أثرت هذه الاشكاليات على السوق العقاري، موضحين أن أبرز المخالفات التي يتم تسجيلها في بلدية الكويت هي التغيير في المساحات الداخلية للشقق، وزيادة الغرف، وتقليص المساحات الموزعة، وإغلاق الطابق المخصص للخدمات كغرف وملاحق، وتضيق الممرات، وعدم توافر مواقف سيارات.وبينوا أن القطاع الاستثماري يعتبر من القطاعات المهمة في البلاد، وان تلك المخالفات والمشاكل التي يعانيها ستعوق تقدمه وتخلق الفوضى، ويكون غير جاذب للمستثمرين.وفيما يخص شواغر القطاع، توقع العقاريون أن ترتفع نسبتها خلال العام المقبل، لتصل الى 18 في المئة، بسبب التوجه نحو تعديل التركيبة السكانية، وايضا المعروض الإضافي الذي سيدخل السوق خلال تلك الفترة.وأشار العقاريون إلى أن متوسط القيم الإيجارية بلغ نحو 4.7 دنانير للمتر المربع في 2017، بينما انخفض المتوسط إلى 4.6 في 2018 و 4.5 في 2019 و4.4 في 2021، موضحين أن عوائد القطاع الاستثماري تتراوح بين 6.5 إلى 7.5 في المئة.
اقتصاد
شواغر العقارات الاستثمارية تحولها إلى «مخازن»!
01-09-2021