في خطوة تأتي بعد سلسلة إجراءات لإذابة الثلج وطي صفحة الخلافات بين البلدين، بحث ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال اتصال هاتفي، ليل أمس الأول، العلاقات الثنائية.

وذكرت وكالة أنباء «وام» أن الاتصال تناول سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية، «بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين».

Ad

وتبادل بن زايد وإردوغان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والملفات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وكتب المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش عبر «تويتر»، أمس: «اتصال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالشيخ محمد بن زايد كان ايجابياً وودياً للغاية».

وتابع قائلاً: «إن الإمارات تسعى إلى بناء الجسور وتعظيم القواسم والعمل المشترك مع الأصدقاء والأشقاء لضمان عقود مقبلة من الاستقرار الإقليمي والازدهار لجميع شعوب ودول المنطقة».

وعززت مباحثات بن زايد وإردوغان آمالاً بوضع حد للتوتر الذي طبع العلاقات بين الإمارات وتركيا على مدى سنوات، إذ دعم كل منهما طرفاً مختلفاً في النزاع في ليبيا، بينما تختلف مواقفهما بشدة في قضايا إقليمية أخرى بينها الموقف من جماعات الإسلام السياسي الذي ترفضه أبوظبي. ويأتي الاتصال الذي يعد الأرفع منذ سنوات بين البلدين، بعد زيارة قل مثيلها لوفد إماراتي إلى أنقرة، الأربعاء الماضي، ترأسه مستشار الأمن القومي الشيخ طحنون بن زايد لبحث التعاون الاقتصادي وفرص الاستثمار.

استجابة مصرية

في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أمس، استجابتها للدعوة المقدمة من وزارة الخارجية التركية بشأن إجراء الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية بين القاهرة وأنقرة.

وأشارت، في بيان على «فيسبوك»، إلى أن نائب وزير الخارجية حمدي لوزا سيزور أنقرة يومي السابع والثامن من سبتمبر المقبل، لافتة إلى أن الجولة، التي تأتي بعد 4 أشهر من الاجتماع الأول، ستتناول العلاقات الثنائية بين الجانبين، فضلاً عن عدد من الملفات الإقليمية.

وذكرت مصادر مطلعة لـ«الجريدة»، إن المباحثات المرتقبة ستستكمل ما بدأ خلال الجولة الأولى التي جاءت بعد قطيعة سياسية استمرت ثماني سنوات. وأوضحت أن الجولة الثانية، ستبدأ في تقييم ما تم تنفيذه على أرض الواقع من تعهدات من الجانبين لإعادة العلاقات، خصوصاً وقف «المنابر الإعلامية الإخوانية» المعارضة للقاهرة في إسطنبول، وتسليم بعض الشخصيات المطلوبة أمنياً للقاهرة ووقف الدعم التركي للجماعة المصرية المحظورة.

وأشارت المصادر إلى أنه من المبكر الحديث عن الخطوة التي ستتمخض عن مباحثات أنقرة المقبلة، لافتة إلى أنه إذ كللت المباحثات بالنجاح عبر «خطوات متتالية» فمن الممكن الحديث عن إعادة السفراء بعد السحب المتبادل لهما منذ نهاية عام 2013، والترتيب لزيارات دبلوماسية على أعلى مستوى قبل نهاية العام الجاري، لكن هذه كله رهن بما ستتمخض عنه جولة أنقرة.

وتسعى تركيا لاستعادة العلاقات مع مصر منذ بداية العام الجاري، عبر إطلاق كبار المسؤولين وفي مقدمتهم الرئيس إردوغان تصريحات ودية بشأن القاهرة، في إطار سياسة أنقرة الجديدة، التي ترغب في طي صفحة الخلافات مع دول عربية وفي مقدمتها مصر والسعودية والإمارات، خصوصاً أن القاهرة وأنقرة تجمعهما مصالح مشتركة في عدة ملفات بمقدمتها الملف الليبي وغاز شرق المتوسط.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قال، يوليو الماضي، إن عودة العلاقات وتطبيعها مع تركيا، غير مرتبطة فقط، بطريقة تعاملها مع جماعة «الإخوان»، وإنما مرتبطة، أيضاً، بالملف الليبي حيث تدعم أنقرة عسكرياً السلطات المتمركزة في العاصمة طرابلس غرب البلاد ضد السلطة الموازية في شرق البلاد بزعامة خليفة حفتر.

وقال شكري، إن «وقف الإعلاميين الإخوان خطوة إيجابية من جانب تركيا، ونؤكد دائماً أن العلاقات بين الدول مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومن ذلك عدم السماح لأطراف مناوئة بأن تعمل على أراضي بلد في مواجهة بلد آخر».

وأضاف أن «السياسة التي اتبعتها تركيا أخيراً، تتفق مع قواعد القانون الدولي، وإذا ما استقرت وكانت مستمرة، فهي تؤدي إلى تطبيع العلاقات، واستمرار الاتصالات على مستويات مختلفة، لوضع الإطار للعلاقات وكيفية استئنافها».

انفراجة وتنسيق

وبينما تتواصل الخطوات الرامية لإعادة تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة، تدور عجلة استعادة العلاقات الكاملة بين مصر وقطر من ناحية أخرى، إذ شهد الملفان عدة تطورات خلال الأيام القليلة الماضية، بما يكشف عن نية ثلاثية بطي صفحة الخلافات التي اعقبت أحداث 30 يونيو 2013 التي أنهت حكومة جماعة «الإخوان»، وصعدت بالمشير عبدالفتاح السيسي لسدة الحكم في مصر.

وشهدت العلاقات المصرية القطرية ما وصف بـ«الانفراجة الكبرى»، بعدما التقى الرئيس السيسي بأمير قطر تميم بن حمد على هامش مشاركتهما في مؤتمر «بغداد لتعزيز التعاون والشراكة»، السبت الماضي، تكليلاً لمسار المصالحة التي توسطت فيها الكويت يناير الماضي.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، إن العلاقات المصرية القطرية جيدة جداً بعد استعادتها في الأونة الأخيرة، ووصول السفير القطري الجديد للقاهرة منتصف أغسطس بعد غياب استمر أربع سنوات، وأنه يجري التنسيق في عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً القضية الفلسطينية، وما يتعلق بتذليل الصعاب أمام دخول المنحة القطرية إلى قطاع غزة، إذ تتفق القاهرة والدوحة على ضرورة إدخال المنحة في أقرب وقت لمساعدة الأسر الفلسطينية في القطاع ومنع الأمور من الانفجار هناك.

حسن حافظ