آخر جندي أميركي يغادر أفغانستان

• «طالبان» تحتفل... وتحديات كبيرة تنتظرها
• الحركة الأفغانية تواجه 5 تحديات في الحكم أبرزها الضغوط الاقتصادية ونيل الشرعية الدولية
• مساعد بن لادن يعود إلى ننغرهار وترامب يطالب باستعادة معدات عسكرية أميركية بالقوة

نشر في 01-09-2021
آخر تحديث 01-09-2021 | 00:09
بعد أسبوع فوضوي، خرج أمس، آخر جندي أميركي من أفغانستان لتنهي أميركا حرباً استمرت 20 عاماً في هذا البلد. ورغم احتفالها بانتصارها الميداني، تواجه حركة "طالبان" تحديات هائلة لتتمكن من الحكم وتثبت أنها تغيرت بعد أن كان حكمها السابق كارثياً.
أنهت الولايات المتحدة، أمس، أطول حرب خاضتها واستمرت 20 عاماً، بانسحاب آخر جنودها من أفغانستان في منتصف ليل الاثنين ـ الثلاثاء، في حين احتفلت "طالبان" التي اسقطت حكمها القوات الأميركية في 2001 بما اسمته "الاستقلال الكامل".

وقبل دقيقة من منتصف ليل الاثنين ـــ الثلاثاء أعلنت القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) على "تويتر"، مغادرة آخر طائرة عسكرية أميركية من مطار كابول.

وقال قائد "سنتكوم" الجنرال كينيث ماكينزي، إن جهود الإجلاء ستتم الآن عبر الطرق الدبلوماسية، متوقعاً استمرار الاتصالات العسكرية مع حركة "طالبان".

وأكد أن القوات الأميركية دمّرت قبل المغادرة، أكثر من 70 طائرة وعشرات المدرعات وعطلت الدفاعات الجوية.

وأعلنت السفارة الأميركية في كابول تعليق عملياتها في أفغانستان، وأوضحت أنها ستواصل عملها من العاصمة القطرية الدوحة، في حين كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ ما بين 100 إلى 200 أميركي لم يتمنكوا من اللحاق بآخر طائرة وسيغادرون في وقت لاحق.

من ناحيته، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان نشره البيت الأبيض، إن إنهاء المهمة العسكرية كان أفضل سبيل لحماية أرواح الجنود، وتأمين خروج المدنيين الذين يريدون مغادرة أفغانستان.

وأكد أن "طالبان" قدمت تعهدات بشأن ممر آمن، معتبراً أن العالم سيلزمها بالوفاء بالتزاماتها.

«طالبان»

في المقابل، دوت الطلقات النارية ابتهاجاً في أنحاء العاصمة الأفغانية كابول في حين حلّق عناصر من "طالبان" بمروحية عسكرية أميركية من طراز "بلاك هوك" في سماء قندهار، في أول طلعة جوية رمزية للحركة.

وأظهر مقطع مصور وزعته "طالبان" مقاتلين من قوات "بدري 313" الخاصة، وهم يسيطرون على مطار كابول بعد مغادرة الأميركيين، في حين راح بعض منهم يلتقط الصور في طائرات عسكرية غنموها وداخل آليات عسكرية أميركية وأفغانية، ما دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى مطالبه إدارة خلفه بإجبار الحركة الأفغانية على إعادة معدات عسكرية أميركية قدرها بـ 89 مليار دولار أو مواجهة ضربات عسكرية.

وإذ تقدم بالتهاني للأفغان بـ "النصر"، اعتبر الناطق الرئيسي باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد، أن "الهزيمة الأميركية درس كبير لغزاة آخرين"، مضيفاً وهو يسير برفقة كبار قادة "طالبان" عبر مدرج مطار حامد كرزاي: "لم نستسلم أبداً للضغط أو للقوة. والآن الإمارة الإسلامية تريد علاقات دبلوماسية طيبة مع الولايات المتحدة والعالم".

وقال عضو اللجنة الثقافية في "طالبان" بلال كريمي:"لا يمكننا التحكم في عواطفنا، لقد هزمنا أقوى دولة في العالم"، وعلق قاري يوسف، الناطق الآخر باسم "طالبان" قائلاً: "بلادنا نالت الاستقلال التام".

وبينما جدد ممثل طالبان" في الدوحة سهيل شاهين تعهد حركته بالإعلان قريباً عن مشاوراتها حول تشكيل حكومة موسعة وكيفية إدارتها للعملية السياسية، قال أحمد مسعود، قائد جبهة المقاومة المناهضة لطالبان، إنه سيتخلّى عن سلاحه وينسحب من السياسة، إذا أقامت "طالبان" حكومة شاملة وضمنت الحرية والمساواة بين المواطنين، بينما أعلن عضو في جبهته عن مقتل 8 من عناصر "طالبان" وإصابة آخرين بهجوم شنته الحركة في بنجشير.

تحديات

وفي حين يخوض الغرب نقاشا حول جدوى تدخلاته الخارجية بعد الكارثة الأفغانية تواجه "طالبان" 5 تحديات في إحدى أفقر دول العالم والمعزولة دبلوماسياً، والتي تخرج من أكثر من 4 عقود من الحرب.

أولاً، يحيط شك عام بالحركة من جانب السكان المثقفين والمتعلمين لسبب وجيه، إذ لا يزال الكثير من الأفغان يذكرون فترة 1996-2001 حين كانت الحركة في السلطة وتطبق نموذجاً متطرفاً من الشريعة. وبعد 20 عاماً، تؤكد "طالبان" أنها تنوي اعتماد سياسة مختلفة بما يشمل مجال حقوق المرأة. كما وعدت بتشكيل حكومة شاملة.

ثانياً، تواجه الحركة تحدياً اقتصادياً فمنذ 2001، تدفقت المساعدة الأجنبية الى البلاد لتشكل. في 2020 أكثر من 40 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي.

والآن قسم كبير من هذه المساعدة بات معلقاً، ولا تتمكن "طالبان" من الوصول إلى الأموال في البنك المركزي الأفغاني الموجودة بمعظمها في الخارج. بالتالي يمكن أن يتطور الوضع إلى كارثة في وقت ستضطر فيه الحركة لإيجاد المال سريعاً لدفع رواتب الموظفين الحكوميين وتسيير البنى التحتية الحيوية.

ثالثاً، سيكون على "طالبان" مواجهة نقص آخر مهم ودراماتيكي أيضا هو هجرة الأدمغة، فالعديد من الأفغان المتعلمين من خبراء قانونيين وموظفين حكوميين وتقنيين فروا من البلاد عبر رحلات الإجلاء في الأسابيع الماضية.

رابعاً، تواجه طالبان شروطاً دولية قاسية للاعتراف بشرعيتها لتجنب العزلة الدولية التي عاشها نظامها بين 1996 و2001 .

خامساً، تعهدت "طالبان" بمواجهة "داعش - ولاية خراسان"، إذا لم يوقف عملياته بعد خروج الأميركيين لكن علاقتها مع تنظيم "القاعدة" تبدو جيدة. وأخيراً عاد محمد أمين الحق، المساعد الأمني السابق لاسامة بن لادن إلى مسقط رأسه في ولاية ننغرهار جنوب شرقي أفغانستان قادماً على الأرجح من باكستان.

إدارة المطار

إضافة الى هذه التحديات، هناك قضية مطار كابول. وفي حين لا يزال هناك بضعة مئات من الأميركيين والبريطانيين والأوروبيين عالقين في أفغانستان، لا تزال المفاوضات متواصلة حول الجهة التي ستدير المطار في المرحلة المقبلة، في وقت لا تزال الحركة تتمسك بإدارته منفردة.

وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، إن رفض "طالبان" السماح بوجود أمني أجنبي في المطار يعرقل الجهود الدولية للإبقاء على مركز النقل مفتوحاً.

وفي وقت سابق طلبت "طالبان" من تركيا التكفل بالأمور اللوجستية فيما ستهتمّ هي بضبط الأمن، لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لم يقبل العرض بعد.

اللاجئون

وعقد وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي اجتماعا استثنائياً في بروكسل لمناقشة التطورات في أفغانستان وسط مخاوف من حدوث موجة هجرة جديدة نحو أوروبا.

ولاحت بوادر خلافات أوروبية جديدة. فقد أعلنت المستشارة الألمانية أن ما يصل إلى 40 ألف أفغاني يملكون حق الإجلاء إلى ألمانيا، لكن وزير داخليتها هورست زيهوفر، رفض التعهد باستقبال حصص محددة من اللاجئين الأفغان.

وأكد رئيس وزراء سلوفينيا يانيز يانشا الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي في وقت سابق أن الاتحاد الأوروبي لن يكرر "أخطاء" الماضي ولن يفتح ممرات إنسانية أو ممرات هجرة أوروبية أمام أفغانستان.

من ناحيته، أعرب المستشار النمساوي سيباستيان كورتس خلال اجتماعه مع ميركل في برلين، أمس، عن رفض بلاده استقبال لاجئين أفغان، قائلاً، إن موقفه من هذه القضية "معروف ولم يتغير".

«مقاومة بنجشير» تقتل 8 من الحركة ومسعود يضع شرطاً لإلقاء سلاحه
back to top