ورشة لـ «ألف عنوان وعنوان»
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
إن تقديم ورشة كتابة لهذا العدد الكبير باهتمامات كتابية مختلفة كان يتطلب بالضرورة الإصغاء لأفكارهم ومناقشة قناعاتهم بأهمية وجدوى الكتابة الإبداعية، وأخيراً شرح وتقديم عناصر الكتابة الإبداعية للقصة القصيرة، والتوقف عند كل عنصر، لبيان أهميته واتصاله بالعناصر الأخرى.لقد أصبحت الورش التدريبية، في شتى علوم الحياة، شأناً يومياً، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على مدى التعقيد والتخصص الذي أصاب المشهد الإنساني اليومي، ومدى حاجة ورغبة الإنسان لفهم ما يدور حوله، ومحاولة المشاركة والإجادة فيه. من هنا درجتُ على القول: "إن الكتابة الإبداعية، بقدر ما تخص الأجناس الأدبية، فإنها تخص الحياة. فبعدد البشر الذين يشغلون فضاء العالم ببوحهم بأفكارهم وقناعاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بقدر حاجة كل فرد للتعبير عن نفسه بشكل صحيح وبشكل جاذب وبشكل عصري. لذا تأتي الكتابة الإبداعية اليوم بوصفها أحد أهم مواد التدريس في جامعات ومعاهد أوروبا وأميركا، مع ملاحظة وجود ملمح أساسي يجمع بين من يدرِّس هذه المادة، وهو أن يكون كاتباً متمرِّساً في الجنس الأدبي أو المهارة الفنية التي يقدمها. فالقصّاص أقدر على تدريس ورشة كتابة القصة متى كان مؤهلاً أكاديمياً لذلك، وكذا الروائي لجنس الرواية، والمسرحي للمسرح، والشاعر للشعر، وعازف البيانو لورشة تعليم البيانو، وكذا الفنان التشكيلي والسينمائي وكاتب السيناريو. لقد حرص منظمو الورشة على أن يكون المشارك من طلبة الجامعات والمعاهد، أو أن يكون على صلة بالكتابة الإبداعية، سواء عبر إصدار كتاب، أو لديه مخطوط لكتاب يرغب في نشره، وذلك لضمان سقف عالٍ لحوارات ونقاشات الورشة. وكان أحد أهم الأسئلة التي طُرحت في الورشة، هو كيفية نقل المشهد الحياتي ليكون مشهداً فنياً.إن المشهد الحياتي إذ ينعقد بشكله الواقعي البسيط والمعروف، فإنه أعقد ما يكون لحظة نقله ليكون مشهداً فنياً، فانتقال المشهد الواقعي إلى الفن لابدّ أن يمر عبر بوابة الكتابة، وبوابة الكاتب بتمتعه بموهبة الكتابة، وإتقانه لعناصر الكتابة الإبداعية، وأخيراً فإن المشهد الفني يتخلّق بخيال ولغة ووعي الكاتب، وهذا ما يجعل منه مختلفاً من كاتب لآخر.إن ظن البعض بقدرة دورات الكتابة الإبداعية على تخريج كتّاب، ظنٌّ لا أساس له على أرض الواقع. فورش الكتابة الإبداعية تقدم المعرفة الأولية لأساسيات الكتابة، وتكون مفيدة لمن يمتلك موهبة، وله كتابات يأمل أن يجوّدها بمعرفة علمية، تمهيداً لنشرها، لذا تأخذ ورش الكتابة البعد في الزمن كأن تكون ثلاثة أشهر أو ستة أشهر كما سبق لي أن قدّمتها مع "مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة"، وكانت النتيجة كتابة ونشر ثلاث روايات كويتيات لكتّاب شباب هم: موضي الطويل، وعبدالله الجيران، وجميلة جمعة.لمبادرة ألف عنوان وعنوان التقدير على الجهد الكريم الذي ينهضون به خدمة للإبداع والثقافة العربية.