على مسارين متقابلين تسير التطورات اللبنانية اليومية، أولهما استقدام حزب الله للنفط الإيراني، والثاني هو السعي الأميركي لتوفير الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان، وما بينهما يستمر مسار التفاوض في سبيل تشكيل الحكومة.

بالنسبة إلى مسار حزب الله، تؤكد مصادر متابعة قريبة منه أن عملية استقدام المزيد من البواخر أصبحت في حيز التنفيذ، وهذا يشير إلى الاستعداد للتعاطي طويلاً مع الأزمة القائمة.

Ad

وتؤكد المصادر أنه بعد أن طلب رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي من الحزب عدم إحراج لبنان في رسو الباخرة على الشواطئ اللبنانية خوفاً من ردة الفعل الأميركية، قرر الحزب رسو الباخرة في مرفأ بانياس على أن ينقل المحروقات براً. أما بالنسبة إلى الموقف الأميركي من توفير الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر عبر سورية، فإن ذلك يحتاج إلى ترتيبات متعددة لها علاقة بمنح لبنان استثناءات من عقوبات قانون قيصر. وتؤكد مصادر دبلوماسية دولية أن جهات عديدة طلبت من لبنان العمل على إعداد دراسة كاملة وعرضها على المجتمع الدولي وتقديم طلب رسمي من الإدارة الأميركية لمنحه هذه الاستثناءات على أن تضغط تلك الدول في سبيل تلبية المطلب اللبناني.

وتقول المصادر الدبلوماسية إن الخطوة الأميركية بالسماح باستجرار النفط والغاز عبر سورية جاءت في إطار محاولة قطع الطريق على استقدام حزب الله للنفط الإيراني.

وسط هذه الأجواء، من الواضح أن التعاطي مع الأزمة اللبنانية سيكون على مسار طويل، خصوصاً أن نتائج وخلاصة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى لبنان تركزت على البحث في كيفية تقديم المساعدات للشعب اللبناني والجيش للحفاظ على الاستقرار. وبلا شك فإن هذا ستكون له مفاعيل سلبية سياسياً لأن التعاطي مع لبنان سيكون منحصراً فقط في جانب تقديم المساعدات بدون العمل على حلّ الأزمة السياسية والاقتصادية. وبمجرد مكوث لبنان بين منزلتي النفط الإيراني والغاز المصري والكهرباء الأردنية فإن ذلك يعني تأجيلاً لحسم ملف ترسيم الحدود البحرية وبدء لبنان التنقيب عن النفط في مياهه الإقليمية.

وسط هذه المعطيات، تستمر البورصة الحكومية في الاتجاه نحو ارتفاع المنسوب الإيجابي والمشوب بالحذر، طبعاً لأنها ليست المرة الأولى التي يتم الوصول فيها إلى أجواء إيجابية لكنها لا تنتج حكومة. وبحسب ما تؤكد المعلومات فإن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يستكمل مساعيه بين الرئيسين عون وميقاتي، وهنا لا بد من العودة إلى بدء وساطة إبراهيم.

وتؤكد المعلومات أن الأسبوع الفائت حاول رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل طلب مساعدة حزب الله ودعمه في ملف تشكيل الحكومة، ولم يرد الحزب الدخول في التفاصيل للحفاظ على العلاقة الجيدة مع عون وباسيل، والعلاقة الجيدة بالرئيس المكلف من جهة أخرى, واقترح الحزب توكيل ابراهيم بالمهمة، في وقت تكشف المعلومات أن اجتماعاً عقد بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، واللواء ابراهيم قبل أيام، تم خلاله الإعلان عن تكليف إبراهيم بالمهمة. وخلف هذا القرار أسباب متعددة أبرزها إظهار الدور الذي يلعبه إبراهيم في سبيل تشكيل الحكومة، كنوع من الردّ على محاولات إحراقه في الادعاء عليه بملف تفجير مرفأ بيروت.

حاول إبراهيم تقديم حلّ لأزمة الحكومة، العالقة عند تسمية وزيرين مسيحيين، ففي حال كانا من حصة رئيس الجمهورية سيصبح ممسكاً بالثلث المعطل أي بقرار الحكومة، اقترح إبراهيم أن يعمل على تجميع أسماء من مختلف القوى واختيار اثنين مستقلين من بينها، فلا يكون أحد مسيطراً على الحكومة. المشكلة محصورة في هذين الوزيرين اللذين سيتوليان وزارتي الشؤون الاجتماعية والاقتصاد. في حين تعتبر مصادر أخرى أن المشكلة أعقد من ذلك، وترتبط بمسار إقليمي، فبحال تم التوافق على تقديم تسهيلات للبنان لاستيراد النفط والكهرباء عبر سورية فإن ذلك قد يكون مقدمة لتسوية سياسية تنتج التشكيلة الحكومية.

● بيروت - منير الربيع