بالتزامن مع اقتراب قيادة «طالبان» من تشكيل حكومة مرتقبة للبلاد، كان مقاتلوها يهاجمون وادي بنجشير، الولاية الأفغانية الوحيدة التي لم تسيطر عليها الحركة بعد، سعياً منهم لتعزيز قبضتهم العسكرية والسياسية على كامل البلاد، فيما نظمت عشرات من النساء تظاهرة نادرة، للمطالبة بحق العمل في ظل النظام الجديد الذي يواجه عراقيل اقتصادية كبرى، وارتياباً من قبل الشعب.

وفيما تحدثت قناة «تولو» الأفغانية الخاصة عن إعلان وشيك بشأن الحكومة الجديدة، قال المسؤول في الحركة أحمد الله متقي: «يجري الإعداد لمراسم بالقصر الرئاسي في كابول»، مع احتمال أن يتولاها زعيم الحركة هبة الله أخوندزاده، الموجود في قندهار، معقل الحركة.

Ad

مصدران آخران، أكدا لـ«وكالة فرانس برس»، أنه قد يحصل اليوم بعد صلاة الجمعة.

وفي مقابلة مع صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية، قال ذبيح الله مجاهد، الناطق الرئيسي باسم الحركة، إن «الحكومة الجديدة ستكون حكومة وحدة وطنية، وستضم نصف الوزارات السابقة، وسيتم تشكيلها في أقرب وقت ممكن، من دون أن تكون فيها وزيرات».

إضافة إلى ذلك، شدّد مجاهد على أن «الصين شريكنا الأكثر أهمية، وتمثل فرصة أساسية واستثنائية لنا، لأنها على استعداد للاستثمار وإعادة بناء دولتنا»، معتبراً أن «طريق الحرير الجديد»، وهي مبادرة لبناء البنية التحتية، تريد من خلالها الصين زيادة نفوذها العالمي عبر فتح طرق تجارية، يحظى بتقدير بالغ من جانب الحركة.

تظاهرة نادرة

وفي مدينة هرات غرب البلاد، نزلت نحو 50 امرأة إلى الشوارع، في تظاهرة نادرة للمطالبة بحق العمل والاحتجاج على تغييب المرأة عن الحكومة الجديدة.

وقالت «وول ستريت جورنال» إن مقاتلي «طالبان» بالريف يخالفون وعود قادتهم في كابول، وقاموا في مقاطعة دايكوندي غرب كابول، بمنع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس، مما أدى إلى إغلاق جميع مدارس الفتيات.

وذكرت الصحيفة أن «طالبان» منعت النساء من مغادرة المنزل دون محرم، ومنعتهن من غسل الملابس في النهر.

ولاية بنجشير

في غضون ذلك، شنّت «طالبان» هجوماً جديداً على وادي بنجشير، أحد آخر جيوب المقاومة للنظام الجديد في شرق البلاد، كما أكدت المقاومة أمس، عقب اشتباكات عنيفة تضاربت المعلومات حول حصيلتها.

الهجوم انطلق على جنوب بنجشير من ولاية كابيسا التي كانت تخضع لسيطرة الجيش الفرنسي قبل انسحابه عام 2013، كما قاد مسلحو الحركة هجوما في شرق الوادي، حسب عدد من مقاتلي المقاومة الذين قالوا: «قبل ساعات قليلة، شنوا هجوما وقد ألحقنا بهم هزيمة ثقيلة، ونتوقع هجمات جديدة، ونحن مستعدون للتغلب عليهم، إذا خاطروا بمهاجمتنا».

وقتل العديد من مقاتلي «طالبان» في الهجوم كما أكد من جهته فهيم دشتي المسؤول في الجبهة، الذي قال إن «طالبان لم تتقدم ولا حتى كيلومترا واحدا».

إلى ذلك، تداول نشطاء ووسائل إعلام بياناً منسوباً إلى زعيم المقاومة في بنجشير، أحمد مسعود، تحت عنوان «بدء الحرب وانهيار الحوار».

وأكد أن «طالبان» أعلنت قبل يوم بدءها باقتحام مراكز المقاومة في بنجشير ومنطقة أندراب الواقعة في ولاية بغلان المجاورة، غير أن هجماتها بدأت في الواقع قبل هذا الإعلان».

وفي بيان آخر، أعلنت جبهة بنجشير، أن «تنظيم القاعدة انضم إلى طالبان لمحاربة جبهة المقاومة».

بدوره، صرح مسعود في مقابلة مع شبكة CNN الأميركية، بأن «طالبان تسعى إلى الحكم المطلق»، مشددا على أن «جبهة المقاومة لن تعترف بسلطة الحركة ما لم يتم تشكيل حكومة شاملة تضم كل الجماعات العرقية في البلاد».

وكان ذبيح الله مجاهد، أكد في وقت سابق أن قوات الحركة استولت على منطقة شتل في بنجشير، ووصلت إلى الطريق الرئيسي في الولاية، مشيراً إلى أن «طالبان» انتزعت 11 نقطة تفتيش، وقتلت 34 من عناصر المقاومة.

الدوحة

وبينما يجري وفد قطري فني محادثات في العاصمة الأفغانية حول هذه المسألة، أعلن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس، أنّ بلاده تعمل مع «طالبان» لإعادة تشغيل مطار كابول في «أقرب وقت ممكن».

وقال في مؤتمر صحافي في الدوحة مع نظيره البريطاني دومينيك راب «مازلنا في إطار التقييم. لا يوجد موعد زمني بعد لإعادة تشغيل مطار كابول بكامل طاقته بعد، لكننا نعمل بجد، ونأمل أن نتمكن من تشغيله في أسرع وقت ممكن».

وتابع: «نحن نتعامل معهم وكذلك مع تركيا حول ما إذا كان بإمكانها تقديم أي مساعدة فنية في هذه المرحلة. نأمل قريباً أن نسمع بعض الأخبار الجيدة».

وأول من أمس، حطّت طائرة قطرية تحمل فريقا فنيا في كابول لمناقشة استئناف عمليات الملاحة في مطار العاصمة، والبحث في تقديم المساعدة.

ونقلت قناة «الجزيرة» القطرية، أمس، عن رئيس هيئة الطيران المدني الأفغاني قوله، إن الطاقم الفني القطري يعمل الآن على تقييم الأضرار التي لحقت بالمطار ويخطط لتشغيله قريباً، مشيراً إلى أن الرحلات الداخلية من مطار كابول ستستأنف اليوم، «أما الخارجية فستأخذ وقتا».

راب

من جهته، اعتبر راب أن العالم بحاجة «إلى التكيف مع الواقع الجديد في أفغانستان»، مشدداً على أن الأولوية هي «تأمين الممر الآمن للرعايا البريطانيين المتبقين، وكذلك الأفغان الذين عملوا لمصلحة المملكة المتحدة»، لكنه شدّد على أن بلاده لا تعتزم الاعتراف بحكومة الحركة في الوقت الحالي.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، خلال مؤتمر صحافي، إن الأتراك والقطريين يعملون بأسرع ما يمكن لإعادة فتح الجانب المدني من مطار كابول.

من جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن بلادها تعمل مع قطر وتركيا لإعادة فتح مطار كابول.