«أسترولاب».. مبادرة علمية لمجموعة من شباب وفتيات الكويت
مهتمين بالتصوير ورصد الكواكب والمجرات وإثراء المحتوى العربي
لطالما كان علم الفلك من أقدم العلوم وأهمها لما له من مكانة كبيرة في حياة الإنسان الذي شغف بتأمل السماء ومراقبة نجومها منذ القدم وأمضى ردحاً طويلاً من الزمن في محاولة منه لفهم هذا الكون الواسع ودراسة الأجرام السماوية التي تحلق عالياً في الفضاء.وتعد الكويت من الدول التي أولت هذا العلم اهتماماً واسعاً وأصبح لديها عدد وافر من العلماء والشباب المتخصصين بعلم الفلك كما أنشأت العديد من المؤسسات والمراكز العلمية المهتمة بهذا العلم.وفي هذا السياق أولت «مؤسسة الكويت للتقدم العلمي» اهتماماً خاصاً بالفضاء واطلقت عدداً من المبادرات المتخصصة بعلم الفلك ومنها أخيراً مبادرة «أسترولاب» بإشراف «شركة التقدم العلمي للنشر» التابعة للمؤسسة.
وتهدف هذه المبادرة إلى تصوير ورصد الفلك ونشر ثقافة علمية فلكية من خلال إثراء المحتوى العربي باصدارات ورقية ورقمية وتنظيم أنشطة تشجع الجمهور على المشاركة للاستمتاع بهوايات فلكية متنوعة.وقالت الرئيس التنفيذي «للتقدم العلمي للنشر» الدكتورة ليلى الموسوي لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» اليوم السبت أن هذه المبادرة انطلقت هذا العام بجمع عدد من الأنشطة الفلكية السابقة لـ «التقدم العلمي للنشر» وضمها تحت مظلة «أسترولاب»، مبينة أن «أسترولاب» تضم مجموعة من الشباب والفتيات المهتمين بالتصوير والرصد الفلكي وعلوم المواطن الفلكية.وأوضحت الموسوي أن الشركة تقوم بدعم فرق المبادرة وأنشطتها المتنوعة ومراجعة المحتوى العلمي، مبينة أن «أسترولاب» تنقسم إلى عدة فرق وهي «سماء الكويت» للرصد من دولة الكويت و«سماء المدينة» للرصد من داخل الحدود الحضرية دون الحاجة للخروج إلى مناطق نائية في البر و«الكون لايف» لعرض أنشطة رصد على مواقع التواصل الاجتماعي.وأضافت أنه من فرق المبادرة أيضاً فريق «صائدو الكويكبات» وهو برنامج علوم المواطن «Citizen Science» الذي يقوم فيه المواطنون بتحليل البيانات وفريق «الصور الفلكية» لتشجيع هواية التصوير الفلكي وفريق «سفراء النجوم» لتحفيز الناشئة على الانخراط في هوايات علمية فلكية ممتعة.وقالت أن لكل فريق أنشطة مختلفة عن الآخر لتشمل جميعها كل شرائح المجتمع وجماهير المنصات والفعاليات محلياً وخليجياً وعربياً.وأفادت أن كلمة «أسترولاب» مستقاة من «أسطرلاب» الذي يعتبر الجهاز الفلكي الأشهر في الثقافة العربية الإسلامية وتشير الكلمة أيضاً إلى «مختبر الفلك» باللغة الإنجليزية، مبينة أن هذا الاسم يجسد رسالة المبادرة فينشر المعرفة العلمية الفلكية الحديثة باللغة العربية وينشر الشغف بالعلوم الفلكية استناداً إلى ماضي الثقافة العربية الإسلامية الزاخر بمجد هذه العلوم وتطورها.وعن التعاون مع دول ومؤسسات خارجية قالت الموسوي أنه بسبب الظروف الراهنة التي فرضتها جائحة «كوفيد-19»، «ما زال هذا التعاون محدوداً لكننا نطمح إلى مزيد من التعاون مع المراصد والجمعيات والمؤسسات المهتمة بالأنشطة المشابهة في المستقبل». وأكدت أن الكويت كانت وما زالت منارة المعرفة والثقافة في شتى المجالات ولا يخفى على الجميع الدور الريادي لها في نشر الثقافة العلمية من خلال إصداراتها العلمية المطبوعة المتوجة بـ «مجلة العلوم» الصادرة عن المؤسسة منذ عام 1986 وحتى يومنا هذا.وأضافت أنه استكمالاً لهذه الجهود وتلك المسيرة يأمل فريق «التقدم العلمي للنشر» ومبادرة «أسترولاب» أن يكون للكويت دوراً ريادياً في نشر الثقافة العلمية الفلكية بين الجمهور العربي من خلال أنشطة «أسترولاب» المتنوعة وإصدارات «التقدم العلمي».وعن كيفية الانتساب للمبادرة قالت الموسوي أن لكل فريق «أسترولاب» في المبادرة وقتاً وطريقة تقديم سيعلن عنها من خلال منصات «التقدم العلمي للنشر» على مواقع التواصل الاجتماعي ومع انفراج أزمة جائحة «كوفيد-19» سيكون هناك نشاط واضح للمبادرة.وقالت أن المبادرة تقدم العديد من الدورات سواء «أونلاين» أو حضور شخصي للرصد ومشاهدة النجوم والتعرف عليها مؤكدة الحرص بناء القدرات وتحفيز الاهتمام لاعداد البيئة الممكنة لإجراء دراسات فلكية و«هي أحد الأهداف الأساسية للمبادرة لزيادة الوعي الفلكي في المجتمع العربي».ورأت أنه من خلال تعزيز ثقافة الجيل الناشئ سيكون هناك أيضاً فرص لرفد الجهات البحثية والأكاديمية بجيل مهتم ومطلع يسعى بدوره إلى إجراء مزيد من الدراسات الفلكية المتخصصة.وتتركز نشاطات فريق «سماء الكويت - سماء المدينة - الكون لايف» المكون من ثلاثة هواة للتصوير والرصد الفلكي وهم محمد العبيدي وعبدالله الحربي وعبدالوهاب الخاطر حول رحلات رصد السماء من صحراء السالمي لرصد الكون من خلال التلسكوبات وتعريف الجمهور على النجوم وشكل السماء من خارج المدينة والقيام بورشات الرصد والتصوير الفلكي من داخل المدينة ونقل الأحداث الفلكية من خلال منصات التواصل الاجتماعي.وبالفعل فقد قام الفريق بالعديد من الرحلات والورشات وعروض البث المباشر للأحداث الفلكية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.من جانبه، قام فريق «صائدو الكويكبات» وهو من الفرق النشطة منذ انطلاقة المبادرة بمساهمة فعلية قدمها هواة مهتمون بتصنيف البيانات الفلكية في البحث العلمي حيث يصنف الفريق البيانات ويبحث من خلالها عن كويكبات غير مكتشفة ويقدم هذه المعلومات الأولية للمراصد العالمية ليتم البحث عنها وتسجيلها.ويتكون فريق «صائدو الكويكبات» من ثلاث طالبات جامعيات بإشراف الدكتور سعد مخصيد من كلية العلوم بجامعة الكويت يعملن على تصنيف بيانات فلكية من خلال المشاركة في مبادرات «علوم المواطن» مع مراصد فلكية وجامعات ووكالات فضاء لمساعدة العلماء على اكتشاف كويكبات المجموعة الشمسية.وتقول عضوة الفريق مريم جمالي لـ «كونا» وهي طالبة بجامعة الكويت أنها وزميلتاها نورة المصيريع «جامعة الكويت» ومراحب العازمي «جامعة الشرق الأوسط الأمريكية» يقمن باستقبال البيانات من برنامج التعاون الدولي للبحث الفلكي «International Astronomical Search Collaboration - IASC» ويصنفنها من خلال برامج خاصة للبحث عن الكويكبات ويبلغن عنها في حال وجودها.وأكدت جمالي أن الفريق توصل إلى عدة اكتشافات أولية مسجلة باسمه ويتم متابعتها حتى يتم تأكيدها وتسجيلها باسم طلبة الكويت.