لبنان يفتتح عصر التطبيع مع سورية
عون سيزور دمشق بعد التوصل إلى اتفاق لتمرير الغاز المصري
زار وفد وزاري لبناني دمشق، أمس، ليفتتح لبنان عصر التطبيع مع سورية، في لحظة متغيرات كبيرة في العلاقات بين البلدين قد لا تقف عند هذه الحدود.ولهذه الزيارة، وهي الأولى منذ عام ٢٠١١، هدفان؛ الأول تقني - اقتصادي يتعلق بالبحث في استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. والثاني سياسي يعطي انتصاراً لـ «حزب الله» وفرصةً لرئيس الجمهورية ميشال عون لتعزيز وضعيته السياسية، بالاستناد إلى علاقته وانفتاحه على سورية. وفي دمشق، اجتمع الوفد اللبناني، الذي يضم نائبة رئيس الحكومة وزيرة الخارجية زينة عكر، ووزير المال غازي وزني، والطاقة ريمون غجر، والمدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ووزيري المال كنان ياغي والنفط بسام طعم.
وأعلن الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري، نصري خوري، أنّ «دمشق رحبت بالطلب اللبناني لاستجرار الطاقة»، مضيفاً «الجانبان اتفقا على متابعة الإجراءات الفنية التفصيلية، من خلال فريق مشترك لمناقشة القضايا المتعلقة بالأمور الفنية في كل من البلدين».وبحسب المعلومات، فإنه إذا تم التوصل إلى اتفاق فسيمهد ذلك لزيارة رئاسية يقوم بها عون إلى دمشق للقاء الرئيس الأسد، لتكون الزيارة الرسمية الرئاسية الأولى إلى سورية. وتؤكد مصادر رسمية لبنانية أن زيارة الوفد الوزاري لدمشق لم تحصل من دون موافقة أميركية، وأن عدداً من الوزراء حصلوا على موافقة السفيرة الأميركية في بيروت للقيام بهذه الخطوة، كاشفة أن عكر عقدت اجتماعاً مع البنك الدولي للبحث في إمكانية إصلاح شبكة الكهرباء وأنابيب الغاز على حساب البنك الدولي، وهو أحد شروط دمشق للموافقة على عبور الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان.وتأتي الزيارة كذلك على وقع تطورات سياسية متعددة تجري في المنطقة، وسيكون لها انعكاس على عملية تشكيل الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي. وتتضارب الآراء حول طبيعة الانعكاسات، فهناك من يعتبر أن زيارة دمشق قد تكون عاملاً مسهلاً لميقاتي في سبيل تشكيل حكومته، خصوصاً أنه يكون قد تجاوز عقبتين أساسيتين، هما تطبيع العلاقات مع دمشق من جهة، وانتظار لحظة رفع الدعم عن المحروقات من جهة ثانية، فتكون النقطتان مقدمة لينجح في تشكيل حكومته، من دون أعباء تذكر أو تحديات قد تفرض انفجاراً سياسياً أو اجتماعياً بوجهه.لكن ثمة من يرى أن التطورات ستزيد التعقيدات على مهمة ميقاتي، الذي ساءت علاقته مع دمشق، مؤخراً. وهنا أصبح ميقاتي أمام خيارين يفرضهما عليه رئيس الجمهورية ميشال عون، إما تشكيل حكومة وفق شروطه، وإما عدم التشكيل وسط تلويح من قبل رئيس التيار الوطني الحرّ صهر الرئيس جبران باسيل بالاستقالة من المجلس النيابي، إذا فشل التشكيل في مهلة محددة. كذلك سيكون للزيارة إلى سورية تداعيات على المسار السياسي اللبناني، مما سيؤسس إلى المزيد من الأزمات والانقسامات، ففي مواجهة تلويح التيار الوطني الحرّ بالاستقالة من المجلس النيابي، تكشف مصادر متابعة عن وجود توجه لدى كتل نيابية أخرى لإعداد دراسة قانونية تتناول مسألة خرق رئيس الجمهورية للدستور ودعوة المجلس النيابي إلى عقد جلسة نيابية، لمناقشة هذا الأمر وفق المادة 60 من الدستور، مما سيدخل لبنان في أزمة أعمق، ستكون نتيجتها البعيدة المدى تغيّراً كبيراً في التوازنات السياسية ووجهة البلد.