انتقدت كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، حديثاً استمرار التدريبات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واعتبرتها "تدريبات حربية عدائية"، وحذرت من إعاقة علاقات كوريا الشمالية إذا استمرت تلك العمليات، واعتبرت التدريبات المبنية على محاكاة محوسبة "أوضح تعبير عن السياسة الأميركية العدائية" تجاه بلدها، وتعهدت بأن تردّ بيونغ يانغ على ذلك "السلوك الخادع" عبر طرح "تهديد أمني أكثر خطورة" على الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وفي اليوم التالي، حذر بيان تداولته وسائل الإعلام التي يديرها النظام من وقوع "أزمة أمنية خطيرة" إذا استمرت تلك التدريبات، وفي غضون ذلك، توقفت بيونغ يانغ عن الرد على الاتصالات الاعتيادية على الخط الساخن بين الكوريتين، علماً أنه كان ناشطاً طوال شهر تقريباً.انطلاقاً من أحداث التاريخ الحديث، قد نستنتج أن بيونغ يانغ تحاول تحقيق هدف معيّن لكنه لا يتعلق بخوض الحرب مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وتدرك قيادة كوريا الشمالية أنها ستخسر هذه المعركة، لا سيما في ظل توسّع مظاهر المعاناة محلياً فقد تُسبب بيونغ يانغ أضراراً هائلة في طريقها إلى الهزيمة، لكن تتفوق عليها الولايات المتحدة من حيث القوة التقليدية والنووية، لذا ستكون هزيمتها حتمية.
لا يتعلق الهدف إذاً بشن الحرب، بل يرتبط على الأرجح باستئناف الجهود الدبلوماسية المتباطئة، وفي حالات نادرة، يقترب كيم وأعضاء آخرون في حكومته من مناشدة الآخرين صراحةً لإطلاق المفاوضات، لكنهم يفضلون أسلوب الاستفزاز في معظم الأوقات للفت أنظار واشنطن وجعل كوريا الشمالية مشكلة بحد ذاتها وفرض التواصل الدبلوماسي.يجب أن تردّ إدارة بايدن على هذه المبادرة الأخيرة عبر إطلاق محادثات عملية وفاعلة إذا أمكن، ويُفترض أن تحصل المفاوضات بقيادة كوريا الجنوبية وأن تحاول تحقيق أهداف منطقية وقابلة للتنفيذ بدل طرح مطالب متطرفة مثل نزع الأسلحة النووية على المدى القريب، ولن يتحقق هذا النوع من الشروط طالما يعتبر كيم ترسانته النووية ضرورية لمنع الولايات المتحدة من تغيير نظامه كما حصل في العراق وليبيا. بعبارة أخرى، ثمة حاجة إلى خيارات مختلفة مثل تجميد النشاطات النووية وتخفيف أعباء العقوبات لمساعدة الكوريين الشماليين العاديين على الازدهار والتواصل مع العالم الخارجي، ويُعتبر هذا النوع من الجهود الدبلوماسية مساراً عملياً لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وبين الكوريتين، ويجب أن يختار الرئيس جو بايدن هذا المسار رغم المواقف الاستعراضية التي تتخذها بيونغ يانغ.لكن يجب أن يستخلص فريق بايدن درساً مهماً أيضاً من الهدوء المستجد، فلم تعد كوريا الشمالية جزءاً من الأولويات السياسية في زمن كورونا، ولم يتغير شيء على أرض الواقع، ويبدو أن بيونغ يانغ اختارت لحظة غير مناسبة لمحاولة استفزاز الآخرين وفرض محادثات جديدة، وفي ظل تسارع الإصابات بفيروس كورونا مجدداً، وقد لا ترغب إدارة بايدن ببدء أي تواصل جدّي مع كوريا الشمالية هذه السنة، ولا بأس بذلك على مستوى الأمن القومي، وإلى أن تصبح واشنطن مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات يستطيع بايدن أن يسمح لكوريا الجنوبية بقيادة جهود التواصل مع بيونغ يانغ ويتكل على الردع الأميركي لحماية الأميركيين من المخاطر.
مقالات
ملف كوريا الشمالية لم يعد من الأولويات
07-09-2021