ينظم المغرب غدا انتخابات برلمانية ومحلية يراهن حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي على تصدرها للاستمرار في رئاسة الحكومة التي يقودها منذ عشرة أعوام، ولو أنه لا يتولى الوزارات الأساسية فيها.

ويدخل "العدالة والتنمية" امتحاناً هو الأصعب منذ وصوله إلى رئاسة الحكومة بعد انتخابات 2011.

Ad

فبين منافس شرس له إمكانات ضخمة وقوانين انتخابية جديدة وأزمات داخلية وسياق إقليمي، يجد الحزب "الإسلامي" نفسه أمام مفترق طرق مفصلي.

وبعد سنوات عدة في المعارضة، وصل الحزب الإسلامي إلى رئاسة حكومة ائتلافية في أعقاب احتجاجات حركة 20 فبراير 2011 التي جاءت في سياق "الربيع العربي" وطالبت آنذاك بـ "إسقاط الفساد والاستبداد". ويعد المغرب البلد الوحيد في المنطقة الذي استمر فيه وجود الإسلاميين في السلطة عشرة أعوام بعد الربيع العربي، علماً أن هناك مركزية قرار كبيرة في البلاد تحصر القرارات والمشاريع الكبرى بالملك.

وهي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي سيجري فيها انتخاب أعضاء مجلس النواب (395) وأعضاء مجالس المحافظات والجهات (أكثر من 31 ألفاً) في يوم واحد، ما يتوقع أن يؤثر إيجاباً على نسبة المشاركة.

كما أنها المرة الأولى التي سيتم فيها احتساب النتائج قياساً على مجموع المسجلين في القوائم الانتخابية، سواء شاركوا في الاقتراع أم لا.

بينما ظل هذا الحساب يستند فقط على عدد المقترعين منذ أول انتخابات أجريت في المغرب عام 1960.

ويتوقع أن يؤدي هذا النمط الجديد إلى تراجع عدد مقاعد الأحزاب الكبرى في مجلس النواب، لكن حزب "العدالة والتنمية" كان الوحيد الذي عارضه باعتباره "تراجعاً ديمقراطياً غير مسبوق واستهدافاً لحظوظه الانتخابية".

ويرتقب أن يفقد الحزب بسببه، وفق تقديرات مختلفة، ما بين 30 و40 مقعداً حتى في حال حصوله على عدد الأصوات التي حصدها قبل خمسة أعوام ومنحته 125 مقعداً، ما من شأنه أن يعقد مهمته في تشكيل حكومة إذا تصدّر النتائج.

وأظهرت الحملة الانتخابية التي غابت عنها التجمعات الكبرى بسبب جائحة كوفيد-19، مواجهة ثلاثية بين الإسلاميين وحزبي "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة المعاصرة" (البام) المحسوبين على الليبراليين، ميّزتها على الخصوص اتهامات باستعمال المال لشراء أًصوات الناخبين ولاستقطاب مرشحين.

ودان "العدالة والتنمية" في مناسبات عدة طيلة الحملة التي تستغرق أسبوعين استعمالاً مكثفاً للمال متسائلاً عن مصدره، لكن دون تسمية أي طرف.

وقال القيادي فيه عبدالعزيز أفتاتي: "هذه الأموال الرهيبة التي توزع يراد منها السطو على إرادة الشعب".

في حين وجه الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" عبداللطيف وهبي الاتهام مباشرة لحزب "التجمع الوطني للأحرار" بالمسؤولية عن "إغراق" الساحة بالمال، وردّ عليه التجمع مدينا "ضرب مصداقية الانتخابات".

وسبق لـ "التجمع" الذي يطمح لتصدّر النتائج بدوره، أن لعب دوراً رئيسياً في تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها قبل خمسة أعوم عقب أزمة سياسية أضعفت الإسلاميين.

فقد فرض رئيسه رجل الأعمال الثري عزيز أخنوش الذي يوصف بالمقرب من القصر، آنذاك شروطاً رفضها رئيس الحكومة المكلّف وأمين عام "العدالة والتنمية" السابق عبدالإله بنكيران لأشهر، قبل أن يعفي الملك محمد السادس الأخير ويعين محله الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني الذي قبل شروط أخنوش.

أما حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي ينافس هو الآخر على صدارة الانتخابات، فكان لسنوات الخصم الرئيسي للإسلاميين منذ أن أسسه مستشار الملك محمد السادس فؤاد عالي الهمة العام 2008، قبل أن يغادره في 2011. لكنه فشل في هزمهم العام 2016. وشهدت علاقات الحزبين تحسنا في الفترة الأخيرة.

وفي غياب استطلاعات للرأي حول توجهات الناخبين في المغرب، تشير تقديرات وسائل إعلام محلية أيضاً إلى حظوظ حزب "الاستقلال" (معارضة برلمانية) في المنافسة.