أعلنت حركة «طالبان»، أمس، السيطرة الكاملة على أفغانستان بعد سيطرتها على بنجشير، الولاية الواقعة شمال شرق البلاد، حيث تشكلت مقاومة ضدها منذ سيطرتها على الحكم في البلاد منتصف الشهر الماضي.

وفي إعلان هو الثاني خلال شهر، أكد الناطق الرئيسي باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، في مؤتمر صحافي بكابول، أن «الحرب انتهت رسمياً وخرجت أفغانستان بشكل كامل من مستنقع الحرب، والآن سنعمل معا لإعادة إعمار البلاد، وسيعيش الناس الآن بحرية وسلامة وازدهار».

Ad

وأضاف: «أُنقذ سكان بنجشير المحترمون من محتجزي الرهائن. نؤكد لهم أن أحداً لن يتعرض للتمييز. إنهم جميعاً إخواننا وسنعمل معاً من أجل بلد وهدف».

وقال مجاهد: «حاولنا بصورة جدية حل مشكلة بنجشير سلميا، لكن جهودنا فشلت»، موضحاً أن «متمردين قُتلوا وعدداً كبيراً من المسؤولين السابقين فروا إلى الخارج»، مشيراً إلى أنه جرى إبلاغه «بهروب مسعود ونائب الرئيس السابق أمر الله صالح إلى طاجيكستان المجاورة».

وبثت «طالبان» صورا ومقاطع فيديو تظهر قادة ومقاتلين من الحركة وهم يدخلون إلى مدينة بازاراك مركز بنجشير، وقد وقف بعضهم أمام بوابة مقر حاكم الولاية، ورفعوا راية الحركة فوق سارية.

من ناحية أخرى، أكد مجاهد أن «القوات الأفغانية سيطلب منها الانضمام إلى الإدارات الأمنية إلى جانب أعضاء طالبان». وأوضح أن «الإمارة الإسلامية حساسة جدا إزاء حركات التمرد، وكل من يحاول بدء تمرد سيتلقى ضربة قاسية».

«الجبهة الوطنية»

في المقابل، دعا قائد المقاومة في وادي بنجشير أحمد مسعود، في رسالة صوتية أُرسلت، أمس، إلى وسائل الإعلام إلى «انتفاضة وطنية» ضد الحركة.

وقال: «مواطنينا، أينما كنتم، سواء في الخارج أو في الداخل، ندعوكم لبدء انتفاضة عامة، من أجل الدفاع عن شرف وحرية وطننا، لن نرضى أبدا بالمهانة»، داعياً الى التظاهر في كل المناطق.

وأقرّ مسعود بمقتل عدد من قيادات المقاومة العسكرية، ومن أفراد عائلته، في حين أكدت «الجبهة الوطنية» مقتل الناطق باسمها فهيم داشتي، وهو عضو بارز في حزب «الجمعية الإسلامية الأفغانية» في بنجشير.

وكان داشتي نجا من الموت في هجوم انتحاري أودى بحياة أحمد شاه مسعود، والد الزعيم الحالي للمقاومة، في 9 سبتمبر2001 قبل أيام فقط من هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة.

وفي حين يتهم أنصاره باكستان بلعب دور في الهجوم على بنجشير، اتهم مسعود «طالبان» بـ «العمالة وعدم الاستماع لعلماء المسلمين»، مضيفاً من دون أن يسمّي باكستان، «طالبان تجلب الغرباء لقتل الشعب الأفغاني»، رافضاً «أي تدخل خارجي».

وأصبح مدير الاستخبارات العسكرية الباكستانية ISI أول شخصية اجنبية تزور كابول بطلب من «طالبان».

إيران

وفي حين اعتبرت وزارة الدفاع البريطانية أن الوضع في بنجشير «غير واضح»، دان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، خلال مؤتمر صحافي في طهران أمس، «الهجوم على هذه المنطقة بشدة»، داعيا إلى «عدم تجاوز الخطوط الحمر والالتزام بالقانون الدولي» وحذّر من «انتهاك حقوق الإنسان في بنجشير» محذراً من أي تدخل خارجي دون ان يشير صراحة إلى باكستان.

وشدد المتحدث إلى أن «سلوك الأطراف التي ستحكم أفغانستان سيحدد كيفية تعامل طهران معها»، مؤكداً أيضاً أن «على طالبان ان تفي بتعهداتها وتشكّل حكومة تضم جميع الاطراف».

الحكومة الجديدة

في سياق آخر، قال مسؤول بـ«طالبان»، إن الحركة أكملت إجراءاتها لإعلان الحكومة الجديدة، وإن القائد الأعلى للحركة هبة الله آخوندزاده سيبقى في موقعه ويشرف على الحكومة. وأضاف أن الحركة ستعلن نظاماً يحظى بقبول المجتمع الدولي والشعب الأفغاني، مشيراً إلى توجيه دعوة لكل من الصين وروسيا وإيران وباكستان وهي دول الجوار، الى جانب قطر وتركيا، للمشاركة في يوم إعلان الحكومة.

كما تحدث مجاهد عن أن الحكومة ستكون فقط لتصريف الأعمال «لكي تكون هناك فرصة لتعديلها وتحسين أدائها».

مساعدات إماراتية

وفي حين أشار مجاهد إلى أن فرقاً فنية من قطر وتركيا وشركة إماراتية تعمل على استئناف العمليات في مطار كابول، وصلت رابع طائرة مساعدات إماراتية في أقل من 48 ساعة، محمّلة بمساعدات طبية وغذائية متنوعة لتعزيز الوضع الإنساني في أفغانستان. وتأتي هذه المساعدات في إطار الجسر الجوي، الذي وجه بتسييره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي لدعم الشعب الأفغاني.

وقال منظم لرحلات الإجلاء لـ«رويترز»، إن نحو ألف شخص، بينهم أميركيون، عالقون في شمال أفغانستان منذ أيام في انتظار الموافقة على مغادرة رحلاتهم العارضة، وألقى باللوم في التأخير على وزارة الخارجية الأميركية. وأضاف أن وزارة الخارجية لم تبلغ «طالبان» بموافقتها على مغادرة الرحلات من المطار الدولي في مدينة مزار الشريف أو التحقق من صحة موقع الهبوط.

وقال الشخص، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية، «يجب أن يُحاسبوا على تعريض حياة هؤلاء الأشخاص للخطر».

أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فاشترط إيصال المساعدات إلى أفغانستان بسماح «طالبان» بفتحه ممرات آمنة للذين يريدون المغادرة، مشدّداً على «أننا سنحكم على أفعالهم وليس أقوالهم».

بلينكن وأوستن

في غضون ذلك، يسعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تشكيل جبهة مع الحلفاء بشأن كيفية التعامل مع «طالبان» وضمان استمرار الدعم لجهود واشنطن في إجلاء ما تبقى من الأميركيين والأفغان المعرضين للخطر في أفغانستان، وذلك بعد أسبوع من إعلانه أن أميركا فتحت «فصلاً جديداً» في التواصل مع هذا البلد.

وبينما وصل بلينكن إلى قطر ليغادر منها إلى ألمانيا، بدأ وزير الدفاع لويد أوستن جولة خليجية أوسع نطاقا تشمل السعودية وقطر والبحرين والكويت.

وتأتي زيارات بلينكن وأوستن في وقت تعاني فيه إدارة الرئيس جو بايدن من تبعات ما اعتبر على نطاق واسع «انسحاباً فوضوياً» من أفغانستان وتسبب في انتقادات من ديموقراطيين وجمهوريين على حد سواء.

وخلال الجولة، التي تستهدف توجيه الشكر لدول الخليج وألمانيا التي كان دورها محورياً في مساعدة واشنطن على إجلاء الآلاف من كابول، سيلتقي بلينكن مع مسؤولين قطريين بارزين في الدوحة وبوزير الخارجية الألماني هايكو ماس في قاعدة رامشتاين الجوية، حيث سيشارك في استضافة اجتماع وزاري لمناقشة ملف أفغانستان.

إلى ذلك، كشفت واشنطن عن خروج 4 أميركيين براً بالتنسيق مع "طالبان" منذ انسحاب القوات الأميركية.