بنك الكويت الوطني : ميزانية 2021/2022 توسعية بدون إصلاحات

أكد أنها ستؤدي إلى فجوة تمويلية يصعب سدادها دون ارتفاع الديون أو السحب من «الأجيال»

نشر في 08-09-2021
آخر تحديث 08-09-2021 | 00:00
No Image Caption
تأثر الوضع المالي للكويت بشدة، مثلها في ذلك مثل دول مجلس التعاون الخليجي، جراء جائحة "كوفيد 19" وصدمة أسعار النفط التي أعقبت ذلك، مما قد يؤدي إلى تضخم العجز من 3.9 مليارات دينار في السنة المالية السابقة إلى 10.8 مليارات أو ما يعادل 33% من الناتج المحلي في السنة المالية 2020/2021.
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن ميزانية السنة المالية 2022/2021، التي أقرها مجلس الأمة في يونيو الماضي، ستؤدي إلى حدوث فجوة تمويلية سيكون من الصعب سدادها دون ارتفاع الديون أو السحب من صندوق الأجيال القادمة.

وذكر التقرير أنه من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق إلى 23.0 مليار دينار أو أعلى بنسبة 6.9 في المئة عن ميزانية العام الماضي، مع زيادة 20 في المئة في مخصصات الإنفاق الرأسمالي إلى 3.5 مليارات دينار وزيادة الإنفاق الجاري بنسبة 4.9 في المئة.

وتابع، على الجانب الآخر، من المتوقع أيضا أن تزيد الإيرادات هامشياً بافتراض وصول سعر النفط إلى مستوى 45 دولاراً للبرميل (في المتوسط) مع توقعات ببلوغ حجم الإنتاج 2.4 مليون برميل يومياً (في المتوسط). وعلى هذا النحو، سترتفع الإيرادات النفطية إلى 9.1 مليارات دينار بينما ستبقى الإيرادات غير النفطية عند مستويات متواضعة (1.8 مليار دينار).

وأوضح أن عجز الموازنة يقدر رسمياً بنحو 12.0 مليارا، إلا أن القرار الأخير الذي اتخذه مجلس الوزراء بخفض الإنفاق بنسبة 10 في المئة على الأقل، من المتوقع أن ينخفض العجز إلى 9.7 مليارات.

وأشار إلى أنه رغم ذلك، نتوقع ارتفاع أسعار النفط في نهاية المطاف عن السعر المفترض في الميزانية، مما سيؤدي إلى انخفاض العجز ليصل إلى حوالي 5.2 مليارات أو ما نسبته 13.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد أنه على الرغم من أن العجز المسجل في هذه السنة المالية قد يصل إلى مستوى أقل بشكل ملحوظ عن المستويات المسجلة العام الماضي، فإن تمويل هذا العجز لا يزال يمثل تحدياً في غياب إقرار البرلمان لقانون الدين العام الجديد أو عدم الوصول إلى مصادر تمويل بديلة. إضافة لذلك، يتعين على الحكومة سداد نحو 1.1 مليار دينار في شكل سندات مستحقة الدفع في مارس المقبل.

ولفت إلى أنه مع استنفاد أصول صندوق الاحتياطي العام تقريباً، بات من الضروري تمرير قانون الدين العام الجديد، إذا لم يتم استغلال موارد صندوق الأجيال القادمة، مضيفا "ونرى من وجهة نظرنا انه يجب أن يكون استخدام موارد صندوق الأجيال القادمة هو الملاذ الأخير الذي يجب أن يكون مؤقتاً ومرتبطاً باستراتيجية تمويل واضحة ومستدامة، وسيتطلب هذا بالتأكيد، من منظور طويل الأجل، إصلاحات مالية جوهرية تشمل جانبي الإيرادات والنفقات".

وقال إن السؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو ما إذا كان مجلس الأمة سيقر قانون الدين العام الجديد أو يقوم بتمرير الإصلاحات المالية الجوهرية، التي من شأنها أن تجعل الميزانية أقل عرضة لأسعار النفط. إلا ان قيام وكالة ستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت للمرة الثانية في أقل من عامين قد يوفر الحافز المطلوب لإجراء مثل تلك الإصلاحات.

وبين أنه قد يؤدي المزيد من التأخير في إصدار قانون الدين العام الجديد أو التوصل لإجراءات تمويل بديلة إلى خفض التصنيف الائتماني للكويت مجدداً، مشيرا إلى أن توثيق التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة يعتبر من الخطوات الجوهرية لتسريع وتيرة عملية الإصلاح ووضع المالية العامة على مسار أكثر استدامة.

وأوضح التقرير أن تأثر الوضع المالي للكويت بشدة، مثلها في ذلك مثل نظرائها في دول مجلس التعاون الخليجي، جراء جائحة "كوفيد 19" وصدمة أسعار النفط التي أعقبت ذلك. وقد أدى ذلك إلى تضخم العجز من 3.9 مليارات دينار في السنة المالية السابقة إلى 10.8 مليارات أو ما يعادل 33 في المئة من الناتج المحلي في السنة المالية 2020/2021.

وحسب تقرير "الوطني"، كان انخفاض سعر خام التصدير الكويتي أحد العوامل الرئيسية التي تسببت في تسجيل ذلك العجز، وقد حاولت الحكومة الحد من زيادة العجز من خلال ضغط الإنفاق الرأسمالي لتعويض زيادة النفقات الجارية التي يصعب عكس مسارها. وارتفع إجمالي الإنفاق الحكومي بمعدل طفيف بلغت نسبته 0.7 في المئة ليصل إلى 21.3 مليار دينار في ظل تقليص الإنفاق الرأسمالي، بينما ارتفعت النفقات الجارية بنسبة 4.7 في المئة فيما يعزى جزئياً إلى الإجراءات المتعلقة بجائحة "كوفيد 19".

وأضاف أن احتياجات تمويل الميزانية ظلت مرتفعة في غياب موافقة البرلمان على إصدار قانون الدين العام الجديد (انتهت صلاحية القانون السابق في أكتوبر 2017)، أو القدرة على السحب من صندوق الأجيال القادمة، وظل صندوق الاحتياطي العام هو المصدر الوحيد للتمويل، مع اقتراب سيولته من النفاد.

تراجع الإيرادات

وقال التقرير إن الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط وانخفاض الإيرادات غير النفطية (وإن كان بمعدلات بسيطة) بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي، أديا إلى زيادة عجز الميزانية، إذ تراجع إجمالي الإيرادات في السنة المالية 2020/2021 بنسبة 38.9 في المئة لتصل إلى 10.5 مليارات دينار، وانخفضت عائدات النفط والغاز، التي مثلت 83.6 في المئة من إجمالي الإيرادات، بنسبة 42.8 في المئة، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى انهيار أسعار النفط (انخفض سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 29.3 في المئة على أساس سنوي إلى 43.5 دولاراً للبرميل في المتوسط) وتراجع إنتاج النفط (-13.7 في المئة إلى 2.34 مليون برميل يومياً) على خلفية خفض "أوبك" وحلفائها لحصص الإنتاج. وتابع أنه، من جهة أخرى، أثرت الجائحة على الإيرادات غير النفطية التي تراجعت بنسبة 6.5 في المئة إلى 1.7 مليار دينار، كما تأثرت الضرائب والرسوم إذ انخفضت بنسبة 10.6 في المئة، على أساس سنوي، وذلك بعد ضعف أداء الشركات المحلية والأجنبية بسبب تداعيات الجائحة والانخفاض الحاد في إيرادات رسوم الاستيراد بسبب انخفاض الواردات بشكل كبير (-15.8 في المئة في عام 2020). واتبعت الإيرادات غير النفطية الأخرى نفس الاتجاه، إذ انخفضت بنسبة 2.6 في المئة، في ظل انخفاض إيرادات الكهرباء والمياه بنسبة 14.1 في المئة و8.0 في المئة، على أساس سنوي، على التوالي.

وزاد أنه إضافة إلى ذلك، بقيت التعويضات المدفوعة عن الغزو العراقي للكويت مستقرة نسبياً عند مستوى مليار دولار في السنة المالية 2020/2021 (حوالي 2.1 مليار دولار من تعويضات الحرب لا تزال مستحقة الدفع حتى نهاية يناير 2021).

ارتفاع إجمالي الإنفاق

وأكد التقرير أن النفقات الجارية ارتفعت بوتيرة قوية بينما انخفض الإنفاق الرأسمالي بشكل حاد، نظراً لتأثره سلباً بتقليص الحكومة للنفقات نتيجة لمشاكل توافر السيولة قصيرة الأجل. إلا أنه على الرغم من ذلك، وبالنظر إلى زيادة النفقات الجارية (بنسبة 3.8 في المئة إلى 19.4 مليار دينار)، والتي تشكل الغالبية العظمي من الإنفاق (حوالي 91 في المئة)، فقد دفعت إلى ارتفاع إجمالي الإنفاق بنسبة 0.7 في المئة على أساس سنوي (إلى 21.3 مليار دينار) رغم أنه جاء أدنى من مخصصات الموازنة التقديرية.

وبين أن سبب ارتفاع النفقات الجارية في السنة المالية 2020/2021 يعزى إلى النفقات المرتبطة بالجائحة، إذ خصصت الحكومة 0.5 مليار دينار من أموال الطوارئ لدعم تدابير احتواء الجائحة، كما اعتمدت ملحقا للموزانة بقيمة 0.6 مليار دينار لتسديد مكافآت الصفوف الأمامية. وباستثناء هذين البندين، انخفضت النفقات الجارية فعلياً خلال العام الماضي بنحو 4.8 في المئة إلى 20 مليار دينار.

وأشار إلى أن الحكومة حاولت تقليص النفقات الجارية غير المرتبطة بالأجور، إذ انخفضت مشتريات السلع والخدمات بنسبة 10 في المئة لتصل إلى 2.9 مليار دينار، بينما انخفضت تكلفة توليد الكهرباء وتقطير المياه بنسبة 11.3 في المئة إلى 1.4 مليار دينار، مما يعكس جزئياً تراجع أسعار النفط والغاز، إضافة إلى تراجع توليد الكهرباء بنسبة 0.4 في المئة في عام 2020. وباستثناء هذا البند، تراجعت المشتريات الحكومية للسلع والخدمات بنسبة 8.8 في المئة على أساس سنوي.

كما انخفضت تعويضات العاملين (38.1 في المئة من النفقات الجارية) بنسبة 1.8 في المئة إلى 7.4 مليارات دينار، أي أقل من متوسط النمو للثلاث سنوات الماضية والبالغ 4.1 في المئة.

ولفت إلى أنه من المرجح أن يكون هذا التراجع انعكاساً لانخفاض رواتب الموظفين بعقود بنسبة -18.7 في المئة على أساس سنوي إلى 0.6 مليار دينار، فيما قد يعزى لمغادرة الوافدين للبلاد. إضافة لذلك، انخفضت العلاوات والبدلات (التي تشكل 57.6 في المئة من بند تعويضات العاملين) بنسبة 0.4 في المئة لتصل إلى 4.3 مليارات دينار.

وذكر التقرير أن دعم الوقود انخفض إلى حد كبير على خلفية انخفاض أسعار النفط والاستهلاك المحلي، وتراجع الأخير بسبب الإجراءات الاحترازية المرتبطة باحتواء الجائحة بما في ذلك إغلاق المطار. كما تراجعت المنافع الاجتماعية بنسبة 11.7 في المئة، وانخفضت خدمات الرعاية الصحية في الخارج بنسبة 18.9 في المئة لتصل إلى 0.4 مليار دينار.

وأوضح أن العجز المتراكم خلال السنوات السبع الماضية أدى إلى استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام تقريباً، إذ بلغ إجمالي السحوبات 41 مليار دينار منذ السنة المالية 2015/2016. وكشفت تقارير ديوان المحاسبة مؤخراً عن تراجع صافي أصول صندوق الاحتياطي العام إلى 9.6 مليارات دينار بنهاية عام 2020، كما انه بنهاية مارس 2021، وصلت السيولة المتاحة إلى حوالي 1.6 مليار دينار. وذكر التقرير أن الحكومة اتخذت أيضا عدة إجراءات خلال السنة المالية 2020/2021 لتقليص معدل نفاد سيولة الصندوق وضمان توافرها، من ضمنها وقف التحويلات إلى صندوق الأجيال القادمة ومقايضة الأصول مع صندوق الاحتياطي العام (حوالي 7.5 مليارات دينار)، إلا ان ارتفاع أسعار النفط منذ بداية عام 2021 ساهم في تخفيف الضغوط التي يتعرض لها صندوق الاحتياطي العام.

عجز ميزانية 2020/2021 الأعلى في تاريخ الكويت بما يعادل 33% من الناتج المحلي الإجمالي

احتياجات تمويل الميزانية ظلت مرتفعة في غياب موافقة البرلمان على إصدار قانون الدين العام الجديد

ارتفاع الإنفاق الكلي هامشياً بنسبة 0.7% على أساس سنوي على خلفية النفقات المرتبطة بـ «كوفيد 19»

تمويل العجز سيظل من أبرز تحديات تواجه الحكومة في ظل غياب قانون الدين العام الجديد وقرب نفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام
back to top