في الصميم: هل الكويت قندهار العرب؟
أحضرت علبة ألعاب لحفيداتي، وكانت صدمة عندما رأيت ماذا فعل القندهاريون بها، فالعلبة عليها صورة تعليمية لطفلة لم تتجاوز الرابعة من عمرها وبجانبها أمها وكأنها تشرح لها، فتدخل القندهاري وغطى صدر الطفلة بالحبر الأسود، أما الأم ومع أنها ليست عارية وملابسها عادية، إلا أن صاحبنا ولفرط حرصه على الأخلاق والتقاليد، فقد أدى واجبه الديني بحبره الأسود ليغطي ذراعها.الحقيقة أن ما يحصل في الكويت منذ سنوات لا يبشر أبدا بخير، فقد حرّم نواب وجماعات التقهقر الاجتماعي، والانغلاق الفكري والترفيهي على أهل الكويت تقريبا كل شيء، الغريب أن الحكومة ولأسباب سياسية بحتة، تخصها هي فقط، استسلمت لهم بطريقة أثّرت في النفسية العامة، وهذا ما دفع بمعظم الكويتيين الى الهروب الجماعي من البلد متى ما حانت لهم فرص العطلات والإجازات، لينفقوا مئات ملايينهم في الخارج بدلا من ضخها في السوق المحلي.أمر غريب وممل، فكل دول العالم، وكل دول الإسلام، وكل دول الخليج تزداد انفتاحا إلا الكويت فوضعها الاجتماعي يتقهقر، ويزداد كبت حريات شخصية لا تتناسب مع الوعي والانفتاح الكويتي قديما وحاضرا، وهذا حقيقة ما يدعو الى الاستغراب، وكأن الكويت تسيّر من أناس ليس لهم أي ارتباط مع كويت الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات.
الأغرب أن الاستسلام الحكومي لتلك الجماعات واضح وجلي، فما إن يكتب أحدهم في "تويتر" محتجا على وضع لم يعجبه من وجهة نظره البيئية، أو نائب لا يفقه شيئا في الدين السماوي يرفع صوته محتجا على أمر أثار استياء جماعته حتى ترى الحكومة تسارع الى كبت وحظر وإلغاء أي مظاهر قد تعكر صفو صاحبهم، بلا شعور بالخجل ولا حتى بالإحراج.المحزن أن ما تعلمناه في المدارس في الخمسينيات والى يومنا هذا هو الوقوف تحية للعلم، فعلم الكويت هو رمزها، فكيف يأتينا نواب يريدون إلغاء تقاليدنا وأعرافنا، تحية العلم واجب وطني على الجميع، ومن لا يعترف بعلم بلاده، أو من يصفه بأنه مجرد خرقة، فعليه أن يتوارى عن أنظارنا.حتى التماثيل حرّمت، فما عيب التماثيل التذكارية والتاريخية؟ ولماذا لا يوجد تمثال واحد تخليدي للشيخ عبدالله السالم الصباح، قائد ومؤسس التطور والتقدم والحداثة والفعل الإنساني؟ ولماذا لا تقام في الكويت تماثيل تخلّد تاريخ العرب حالنا كحال دول الخليج الأخرى، وأولهم الشقيقة السعودية؟ فهل هناك من يزايد عليهم إسلاما ودينا وإيمانا؟ فها هي الشقيقة السعودية تعرض تمثالا للفنان الكويتي الراحل عبدالحسين عبدالرضا، وتقيم الاحتفالات الترفيهية، وتزيد الانفتاح الاجتماعي، وربعنا يحتجون حتى على إنشاء مركز جابر الأحمد الثقافي. لا بد للحكومة أن تتخلص من تلك القيود التي كبلت نفسها بها لعقود طويلة من أجل توازناتها وحساباتها السياسية التي لم ولن تعني يوما المواطن الكويتي العادي، والتي بسبب تلك القيود انحدر كل شيء في الكويت، وأهمه التعليم، والغريب أنه كلما زاد التشدد الديني والاجتماعي والكبت على المواطنين بحجة الأعراف والعادات والتقاليد، التي لم تكن موجودة أصلا، زادت السرقات والتزوير ونهب المال العام، وتكشفت فضائح سرقات ورشا لنواب متسترين تحت عباءة التدين.ملحوظة لحكومتنا الرشيدة، لعل وعسى: تناقلت وكالات الأنباء خبراً مفاده أن رئيس المجلس الأعلى للقضاء السعودي أحال قاضيين للتحقيق لعدم وقوفهما عند تأدية السلام الوطني، باعتباره عرفاً محلياً وعالمياً، والوقوف له دلالة على الانتماء والحب للوطن.