انطلق وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من قاعدة «لا وجود لصداقة دائمة أو عداوة دائمة في العلاقات الدولية» للكشف عن توسيع بلاده جهودها الرامية إلى تهدئة خلافاتها الإقليمية لتشمل الحكومة السورية.

وكشف أوغلو في تصريحات، لقناة تركية خاصة، أمس، أن أنقرة «تتواصل مع دمشق حول القضايا الأمنية ولا تتحدث عن الحوار السياسي».

Ad

وأضاف: «هناك نظام في سورية غير معترف به من قبل العالم، لذلك لا شك في أننا نجري مفاوضات سياسية مباشرة معه، لكن في قضايا أمنية، ومحاربة الإرهاب».

وأشار إلى أن «المفاوضات اللازمة جارية على مستوى الخدمات الخاصة والاستخبارات... هذا طبيعي».

وهاجم وزير الخارجية التركي الوجود العسكري الأميركي في المناطق السورية المتاخمة لبلاده، متهماً واشنطن بدعم تنظيم «بي كاكا» الكردي الانفصالي الذي تصنفه أنقرة إرهابياً.

وأوضح قائلاً: «إذا قررت الولايات المتحدة مغادرة سورية، فهذا خيارهم. لكنهم يجب أن يعرفوا أنهم ليسوا في سورية بدعوة، وليس لديهم حدود مشتركة. نحن هناك لأن لدينا حدوداً مشتركة، ووجود خطر الإرهاب، ولدينا الحق في أن نكون هناك، لكننا ندعم وحدة أراضي سورية، والمساعدات الإنسانية».

وتابع: «تتعامل الولايات المتحدة مع الأمر على هذا النحو، «هناك نفط، لذلك سيبقى جيشنا هناك. لكن ما هو هذا النهج؟ لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك».

وأردف: «مواقفنا مع فرنسا تجاه القضية السورية كانت متطابقة جداً، لكن اختلافات الرأي بدأت حين قمنا بعمليات عسكرية ضد تنظيم بي كا كا (حزب العمال الكردستاني) في الشمال السوري».

الإمارات والسعودية

وبشأن الملف الخليجي، جدد الوزير التركي حديث بلاده عن تحقيق تقدم باتجاه تحسين وتطوير التعاون مع السعودية والإمارات.

وقال أوغلو، إن أجواء إيجابية تخيم على العلاقات التركية الإماراتية في الآونة الأخيرة، بعد بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الرئيس رجب طيب إردوغان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وزيارة وفد اقتصادي رفيع لأنقرة.

ووسط تقارير حول تكثيف البلدين لجهودهما لتجاوز الخلافات السياسية العميقة بشأن عدة ملفات، في مقدمتها الصراع في ليبيا والموقف من جماعات «الإسلام السياسي»، أشار الوزير التركي إلى أنه سيكون من الخطأ النظر إلى الأحداث الماضية على أنها عقبة أمام المصالحة وتطبيع العلاقات. وأضاف: «في العلاقات الدولية لا يوجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وحدثت لقاءات رفيعة بين الجانبين على مستوى الرؤساء والوزراء، وهناك اتفاق حول الزيارات المتبادلة وإذا استمر الزخم الإيجابي الحالي، يمكن للعلاقات أن تعود إلى مسارها الصحيح».

وحول العلاقات بين أنقرة والرياض، أعرب أوغلو عن ثقته بأن هذه العلاقات ستتحسن أكثر، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود خطوات يجب الإقدام عليها في هذا الشأن.

ولفت إلى أن اللقاءات بين الجانبين التركي والسعودي مستمرة من أجل دراسة الخطوات الواجب الإقدام عليها لتحسين علاقات البلدين.

استكشافية مصر

كما أشار أوغلو خلال تصريحات إلى علاقات بلاده مع مصر قائلاً: «مسيرة التطبيع مع مصر مستمرة، ووضعنا لأجل ذلك خريطة طريق، واليوم نستضيف في أنقرة وفداً مصرياً، وإن توصلنا إلى اتفاق فسنقدم على الخطوات اللازمة لتعيين السفراء في كلا البلدين».

وتابع قائلاً: «حواري مع وزير الخارجية المصري سامح شكري كان مستمراً حتى عندما كانت العلاقات بين البلدين تمر بفترة جمود، والآن بدأت عملية التطبيع وإذا تم الاتفاق على خريطة طريق مستقبلية، فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة».

ورداً على سؤال حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، قال أوغلو، إنه يمكن بدء المفاوضات في هذا الشأن إذا أرادت مصر ذلك، والقاهرة ستحصل على مساحة بحرية أكبر بموجب الاتفاق مع أنقرة، في إشارة على ما يبدو إلى اتفاق ثنائي بين مصر واليونان بشأن الحدود البحرية ترفضه تركيا.

وتزامن ذلك مع انطلاق الجولة الثانية من المباحثات الاستكشافية التي تجري بين أنقرة والقاهرة، منذ مايو الماضي، بعد أن توقفت عدة أشهر بسبب خلافات حول عدة ملفات استراتيجية.

وأوضحت الخارجية التركية، أن المباحثات الاستكشافية، تناولت خلال اليوم الأول «العلاقات الثنائية»، وستبحث وجهات النظر حول القضايا الإقليمية اليوم.

وأضافت أن «الطرفين يهدفان إلى دفع العلاقات وتطبيعها على أساس المصالح المتبادلة».

في غضون ذلك، كشف مصدر دبلوماسي مصري لـ «الجريدة» أن هناك تفاؤلاً حذراً بجولة المباحثات بعد رصد «مؤشرات على استجابة الجانب التركي للمطالب المصرية»، خصوصاً فيما يخص «ملف الإخوان ووقف استخدام منابر إعلامية ضد القاهرة». ولم يستبعد إمكانية تبادل السفراء قبل نهاية العام الحالي.

اتصال ونفي

وفي خطوة تعزز إمكانية الانفتاح الخليجي على أنقرة، بحث وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني، ونظيره التركي، سبل تعزيز العلاقات بين بلديهما والوصول بها إلى «مستويات أشمل». وقالت وكالة الأنباء البحرينية، أمس، إن الزياني، وأوغلو، استعرضا خلال الاتصال «العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط بين المملكة وتركيا، وما تتسم به من تطور ونمو».

في المقابل، تحفظت الخارجية السورية عن تصريحات أوغلو. ونفت وجود أي نوع من التواصل أو إجراء مفاوضات مع الجانب التركي في قضايا أمنية ومكافحة الإرهاب.

وأكد مصدر رسمي بوزارة الخارجية والمغتربين بدمشق أن بلاده تنفي بشكل قاطع «وجود أي نوع من التواصل والمفاوضات مع النظام التركي». واتهم المصدر السوري «النظام الحاكم في أنقرة بأنه الداعم الرئيسي للإرهاب المهدد للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم».