بريطانيا تحتاج إلى أصدقاء في أوروبا
![الغارديان](https://www.aljarida.com/uploads/authors/55_1706466282.jpg)
قد نبالغ حين نقول إننا أمام مرحلة تشبه فترة العشرينيات، حين انسحبت الولايات المتحدة إلى ما وراء الخنادق الكبرى في المحيطَين الأطلسي والهادئ. ستبقى الولايات المتحدة لاعبة عالمية حين تخدم هذه المكانة مصالحها الخاصة، لكن يصعب ألا نستنتج أن العالم اليوم يشهد تغيراً واضحاً في توجّهاته، بعيداً عن أولويات واشنطن، مما يعني زيادة احتمال تهميش بريطانيا، فبعد توجّه باراك أوباما إلى محور آسيا، عمد دونالد ترامب إلى تخريب المعايير الدولية، ويطرح جو بايدن اليوم نسخته الخاصة من شعار "أميركا أولاً". لا توحي الظروف بأن هذا التحول سيكون عابراً، بل يبدو أنه حدث مفصلي، حيث يفكر وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، بهذا الموضوع أكثر من معظم زملائه في الحكومة البريطانية، فهو يظن أن اعتبار الدعم الأميركي الدائم أمراً مفروغاً منه نهج خطأ، ويدعو بريطانيا إلى العمل على إنشاء تحالفات أخرى، ويعتبر فرنسا شريكة محتملة لدعم الدول الإفريقية التي يحاصرها المتطرفون. يوافقه الرأي النائب المحافِظ توم توجندهات، فهو يظن أن بريطانيا يجب أن تتخلى عن اتكالها على حليف واحد: "على غرار الفشل الذريع في السويس، ستغيّر الأزمة القائمة في أفغانستان سياستنا الخارجية بالكامل... لا يمكن أن يُحدد البيت الأبيض وحده خياراتنا". بدأ البعض في معسكر المحافظين يفكر بهذا الموضوع على الأقل، يتزامن هذا الوضع مع تجدّد النقاش في أوروبا القارية حول تخفيف اتكالها على الولايات المتحدة، يمكن تعزيز الجهود الأوروبية المشتركة لحماية أمن القارة عبر إشراك بريطانيا في هذه المساعي، إذا لم تعد بريطانيا ترغب في متابعة اتكالها المفرط على الولايات المتحدة، يمكنها أن تبحث عن أصدقاء جدد وسط الديموقراطيات الليبرالية في جوارها قبل أي مكان آخر. ستكون أي شراكة متبادلة المنافع في مجال الدفاع والسياسة الخارجية منطقية، لكنها فكرة بدهية، عملياً تتطلب هذه الشراكة مستوىً من الاحترام والثقة بدل العلاقات التي سمّمها عهد بوريس جونسون وكبار المسؤولين الآخرين في حزب المحافظين، حيث اعتبر هذا المعسكر أوروبا أخطر عدو للبلد وأجّج الخلافات حول شروط الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ستحظى بريطانيا يوماً بحكومة تعترف بأن مصلحة البلد الوطنية تكمن في إعادة بناء الجسور التي أحرقتها خطة "بريكست" مع الدول المجاورة، لكنها ستضطر أولاً لتغيير رئيس حكومتها.