«حلحلة فنية» لوصول غاز مصر إلى لبنان ومخاوف من عراقيل سياسية
اتفاق خلال اجتماع عمّان على مهلة 3 أسابيع لتقييم البنى التحتية
اتفق وزراء الطاقة في الأردن ومصر وسورية ولبنان في اجتماع عقدوه في عمان أمس، على ما أسموه «خريطة طريق» لنقل الغاز المصري براً إلى لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية.وجاء الاجتماع الرباعي بعد زيارة أجراها وفد لبناني رسمي إلى دمشق السبت الماضي، هي الأولى منذ اندلاع النزاع السوري قبل أكثر من عشر سنوات، بعدما منحت واشنطن لبنان الضوء الأخضر لاستجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن عبر سورية، ما يعني استثناءه من العقوبات المفروضة على الأخيرة.وقالت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية هالة زواتي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظرائها الثلاثة، «هدف الاجتماع كان وضع خطة عمل وخريطة طريق والتأكد من جاهزية البنى التحتية بدءاً من مصر وانتهاء بلبنان من أجل إيصال الغاز المصري بعد انقطاع لمدة عشر سنوات».
وتوقعت أن تتكون «خلال ثلاثة أسابيع صورة واضحة عن البنى التحتية التي هي شبه جاهزة ولكن هناك بعض الأمور بحاجة للإصلاح».ويشهد لبنان منذ نحو عامين انهياراً اقتصادياً غير مسبوق شلّ قدرته على استيراد سلع حيوية أبرزها الوقود. وانعكس شحّ المحروقات على مختلف القطاعات من كهرباء ومستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.وتتعلق المفاوضات باستجرار الغاز المصري لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء في لبنان، وبإمداده بالطاقة الكهربائية من الأردن الذي يستورد بدوره الغاز المصري لإنتاج الطاقة وكان يزود بها سورية في الماضي. وأوضحت الوزيرة الأردنية أن «خط الكهرباء (داخل سورية) تعرض إلى أضرار وبحاجة إلى أشهر لإصلاحها»، لافتة إلى أن اجتماعاً سيعقد «قريباً» بين الأردن ولبنان وسورية بهذا الصدد.وكانت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات نقلت عن وزير الكهرباء غسان الزامل، أمس الأول، تقديره كلفة إعادة تأهيل الجزء المدمر من الخط بنحو 3.5 ملايين دولار.أما خط الغاز، وفق ما أكد وزير النفط والثروة المعدنية السوري بسام طعمة في عمان، فهو «جاهز عملياً داخل الأراضي السورية رغم تعرضه لاعتداءات»، موضحاً أنه تم «إصلاحه وأصبح جزءاً من الخطوط الداخلية».وأمل وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، أن «يتمّ الضخ (الغاز) في أقرب فرصة» بعد التحقق من «الشبكة والمرافق المتعلقة بتصدير الغاز ومراجعة بعض بنود التعاقد».ويحتاج لبنان حالياً، وفق ما أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ريمون غجر في عمان، إلى «600 مليون متر مكعب من الغاز لتوليد 450 ميغاواط من الكهرباء». وأوضح أنّ بلاده «تعمل مع البنك الدولي لتوفير الغطاء المالي» لاستيراد الغاز المصري.في المقابل، تسود مخاوف من عراقيل سياسية. فهل ستوافق دمشق على مرور الغاز والكهرباء من دون مقابل أو فقط مقابل إصلاح قسم من بينتها التحتية المدمرة وهل الثمن السياسي هو تطبيع بيروت علاقاتها الرسمية معها وإنهاء القطيعة ام ستطالب بثمن سياسي من نوع آخر؟ في هذا السياق، اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أن «استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية هو مشروع حيوي للبنان، سيساهم في تخفيف حدّة أزمة الكهرباء وسيخلّصنا من مافيات الغاز والمازوت التي تتحكّم بالسوق، لكن علينا أن نعرف ما هي شروط النظام السوري في مقابل إنجاح هذا المشروع الذي يمرّ عبر أراضيه».واضاف: «أعلم انّ الجغرافيا لها أحكامها وتفرض إيقاعها، وأتفهم أنّ للدولة اللبنانية مصلحة أساسية في استجرار الغاز والطاقة عبر الأراضي السورية، وإنما المهم أيضاً ألا يكون هناك ثمن كبير علينا دفعه».وعند الاستفسار عن طبيعة الثمن الذي يخشى منه جنبلاط، أوضح أنه يتخوف على سبيل المثال من أن يُفتح الباب أمام التوقيف العشوائي للناشطين السوريين في لبنان، «مع العلم أنه كانت هناك من قبل توقيفات عرفنا بحصولها وأخرى لم نعلم بها». ولفت إلى أنه «للمفارقة، نحن أمام خلطة من الغاز المصري والكهرباء الأردنية والجسر السوري والحسابات الأميركية»، متسائلاً: «أين البواخر الإيرانية من كل ذلك؟».وحول الانفتاح الرسمي على دمشق، فضّل جنبلاط عدم التوسع في التحليلات والاستنتاجات العابرة للحدود الدولية، قائلاً: «لا أريد أن أخوض في الاحتمالات والتفسيرات... انّها سياسات الدول التي تتبدّل وفق مقتضيات المصالح».وحول زيارة الوفد الدرزي الموسّع إلى دمشق، أجاب «لا تعليق لديّ.. أنا لا أولي هذا الأمر أي أهمية».وأعلنت الرئاسة اللبنانية في 19 أغسطس تبلغها من السفيرة الأميركية دوروثي شيا موافقة بلادها على مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية والغاز مروراً بسورية، ما يعني موافقة واشنطن عملياً على استثناء لبنان من العقوبات التي تحظر إجراء أي تعاملات مالية أو تجارية مع سورية.وجاءت موافقة واشنطن بعد وقت قصير من إعلان حزب الله أن «سفينة أولى» محملة بالمازوت ستتوجه من إيران الى لبنان، مما أثار جدلاً سياسياً وتساؤلات حول ما يعنيه استقدامها، إن تم، لجهة خرق العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية، الداعم الأول لحزب الله. ونشر الإعلام الإيراني أمس صوراً عن موقع «تانكر تراكرز» يظهر موقع ناقلتي محروقات إيرانيتين باسم «سافيز» و»فاكسون» متوجهتين إلى لبنان. ويسود الغموض مصير الناقلة الاولى. وعلمت «الجريدة» أن الناقلة رست بالفعل في ميناء بانياس السوري على أن تنقل براً إلى لبنان لكن لم تظهر معطيات جديدة تظهر إذا تم ذلك بعد.