تعثُّر الانتعاش الاقتصادي العالمي يرسم ظلالاً قاتمة على أسعار النفط

نشر في 10-09-2021
آخر تحديث 10-09-2021 | 00:04
No Image Caption
تعددت التوقعات بشأن أسعار النفط خلال العام الحالي، في ظل اختلاف الرؤية تجاه مستقبل الاقتصاد العالمي، وتعثر الانتعاش المرتقب، وعلى الرغم من رسم بنوك عالمية لسيناريو "الأسعار" نحو 100 دولار للبرميل، فإن هناك عوامل قد تقف أمام هذا الصعود.

ولعل الشواهد الحالية كلها تعد مبررات لعدم ارتفاع أسعار الخام فوق مستوى 70 دولاراً، مع استمرار ضعف الطلب العالمي ونمو المعروض، وهذا الأمر يجعل الحديث عن وصول الأسعار إلى مستويات عالية والمقدرة بنحو 100 دولار للبرميل ضرباً من الخيال، في ظل الزيادة المطردة التي أقرتها منظمة "أوبك"، وتحالفاتها المعروفة بـ "أوبك +".

وبالنظر إلى السيناريوهات التي تؤيد ما سبق من عدم ارتفاع كبير في أسعار النفط هو ما تفعله الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، فإنها تستخدم الاحتياطي الاستراتيجي لمنع الأسعار من الوصول إلى مستويات صعودية.

وحسب الإحصائيات، فإن مخزون النفط الخام الأميركي مازال أعلى من المطلوب لتوازن السوق بحوالي 80 مليون برميل، بيد أن أسعار الخام فوق 75 دولاراً للبرميل لا تعد في مصلحة دول الخليج، فالأسعار المرتفعة تصب في مصلحة تحول الطاقة بعيداً عن النفط.

تحرك الأسعار

وفي الواقع فإن التنبؤ بتحرك أسعار النفط في كلتا الحالتين، سواء الزيادة صوب 100 دولار للبرميل أو الانخفاض بنحو كبير، يؤكد أهمية النفط كعامل أساس في الحياة الاقتصادية.

وعموما فإنه لا توجد قواعد حسابية أساسية تمكن المتخصصين من الوصول إلى توقعات حقيقية في تحديد الأسعار، لكونها ترجع إلى عوامل كثيرة متطابقة ذات حركات سلبية أو إيجابية في النشاط الاقتصادي.

ولعله من الصعب أن يحقق برميل النفط مستويات عالية خلال العام الحالي، لكون جائحة "كورونا" مازالت مستمرة، والإصابات في تزايد، ومازال قطاع الطيران والسفر يعاني، فضلا عن الإغلاقات الجديدة لبعض الدول، خوفاً من تزايد الإصابات بمتحور "دلتا"، الأمر الذي يشير إلى أن الطلب لن يبلغ المستويات القياسية السابقة.

وعلى الرغم من توقعات "أوبك" أن يتعافى الطلب في الربع الأخير من العام الحالي، فإنه لن يصل إلى مستويات ما قبل الوباء، إضافة إلى أن الدول المستوردة للنفط أرسلت رسائل تعترض فيها على ارتفاع الأسعار، الذي اعتبرته مفتعلا من "أوبك+"، في ظل استمرار انخفاض معدلات النمو العالمية، وانكماش الاقتصاد العالمي.

أهم التحديات

وبالنظر إلى التوازن بين المنتجين والمستوردين، فإن ذلك يعد من أهم التحديات أمام ارتفاع سعر النفط، وأيضا سرعة توزيع لقاح "كورونا" على كل الدول، والتعافي من هذه الأزمة، إضافة إلى خطة الرئيس الأميركي جو بايدن لاستخدام الطاقة النظيفة بديلاً عن النفط والوقود التقليدي.

وفي غضون ذلك، جاءت توقعات وكالة الطاقة الدولية متشائمة، وأشارت إلى أن الطلب على النفط لن يعود أبداً لمستويات ما قبل الوباء، إذ أشارت إلى وصول معدل الطلب إلى 104 ملايين برميل يومياً في 2026، ولكن التحول للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، وتغير سلوك البشر نتيجة الوباء سيقللان من استهلاك النفط بمعدل 5.6 ملايين برميل يومياً، أي سيكون معدل الطلب دون مستوى 100 مليون برميل يومياً.

ومن الممكن أن يكون هناك ركائز للعمل السليم الذي تسعى كل شركة نفطية إلى تعظيم الاستفادة منه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، النمو الذي يتأتى من موارد جديدة وتحويلها إلى احتياطيات قابلة للإنتاج.

ومن هنا فإن التركيز على النمو لدى الشركات في الوقت الحالي يتمثل في تعزيز كفاءة استغلال المصادر النفطية وهي التي تشكل تحديات، فضلا عن الربحية التي تبقى مصدر قلق، حيث صرح العديد من محللي الاستثمار بأن عمليات الموارد غير التقليدية قد لا تكون مربحة، لأن الإنفاق يتجاوز توليد الدخل، كما قد تكون الاستدامة مفتاح الحل، وسيكون من الصعب الحفاظ على أحجام الإنتاج التي رفعت الولايات المتحدة إلى مستوى الاستقلال الذاتي في مجال الطاقة.

استخراج المخزونات

وفي حين أن تحسين عملية استخراج المخزونات أمر بالغ الأهمية، إلا أن قابلية تشغيل هذه الأصول تحتاج إلى تحسين كبير، حيث ستقود التكنولوجيا هذه المهمة مع التركيز على سلامة المنشأة السطحية وثقتها، كما أن تحليلات الذكاء الاصطناعي وبيانات المشغلين تمكنهم من التنبؤ بالتعطل الحاد في المعدات، واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل حدوث أي عطل.

ولعل النقطة الأخيرة والأكثر أهمية موضوع السلامة البيئية، وهذه تبقى مصدر قلق لجميع المعنيين بالصناعة النفطية، التي قطعت خطوات كبيرة في مجال الصحة والسلامة والإشراف البيئي.

عودة تدريجية

وشهدت أسعار النفط هبوطاً بعد اتفاق منظمة "أوبك" خلال اجتماعها الأخير على إبقاء سياستها الخاصة بالعودة التدريجية للإمدادات إلى السوق دون تغيير، في الوقت الذي ترتفع فيه الإصابات بالفيروس في أنحاء العالم.

ورفعت "أوبك+" توقعها للطلب في 2022، بينما تواجه أيضا ضغوطا لتسريع زيادات الإنتاج من إدارة بايدن، وأنهت اجتماعها بإجماع على إبقاء سياسة الإنتاج على حالها، مع تحديد يوم 4 أكتوبر موعداً للاجتماع المقبل للمجموعة لمراجعة سياسة الإنتاج، بحسب بيان صادر عن المنظمة.

● أشرف عجمي

back to top