تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية في نهاية جلسة تداولات أمس الأول، مع المخاوف المتعلقة بآفاق تعافي الاقتصاد وتطورات السياسة النقدية.

وشهد مؤشرا «داو جونز» و«إس آند بي 500» هبوطاً للجلسة الثالثة على التوالي، بعد تقرير الوظائف الجمعة الماضي، الذي جاء أقل من توقعات المحللين.

Ad

وكشف تقرير «بيج بوك» الصادر أمس، عن مجلس الاحتياطي الفدرالي، أن النمو الاقتصادي شهد تباطؤاً خلال الفترة بين بداية يوليو وحتى أغسطس، بفعل تراجع أنشطة مثل تناول الطعام في الخارج والسفر وسط القلق بشأن «دلتا».

وشهد سهم «كوين باس» تراجعاً بأكثر من 3 في المئة بعد إعلان منصة تبادل العملات المشفرة تلقي إخطار من لجنة الأوراق المالية بشأن احتمالية مقاضاتها.

وهبط مؤشر «داو جونز» الصناعي بنحو 0.2 في المئة أو 69 نقطة عند 35.031 ألف نقطة عند الإغلاق.

كما تراجع «S&P 500» بنسبة 0.1 في المئة أو 6 نقاط تقريباً ليسجل 4514 نقطة، وانخفض «ناسداك» 0.6 في المئة ما يعادل 87 نقطة عند 15.286 ألف نقطة.

وتتعالى التحذيرات من أن الارتفاع المستمر في أسعار الأسهم الأميركية سيتعثر. إذ أصدر المحللون الاستراتيجيون في غولدمان ساكس، ومورغان ستانلي، وسيتي غروب، رسائل جديدة بشأن احتمالية حدوث صدمات سلبية لتقويض سلسلة المكاسب.

وحدد الاستراتيجيون، العوامل وراء تغير رؤيتهم لسوق الأسهم، سواء بسبب انتشار سلالة دلتا من فيروس كورونا، أو تعافي النمو العالمي الضعيف، أو تحركات البنوك المركزية للخروج من برامج التحفيز في عصر الوباء، وجميعها عوامل تشكل مخاطر.

هشاشة السوق

من جانبه، قال العضو المنتدب لاستراتيجية المحفظة وتخصيص الأصول في غولدمان ساكس، كريستيان مولر جليسمان: «أدت التقييمات المرتفعة إلى زيادة هشاشة السوق». «إذا كان هناك تطور سلبي جديد، فقد يولد صدمات نمو تؤدي إلى تقليل المخاطر بشكل سريع».

وأصبحت مراكز الشراء شديدة الصعود، إذ فاق عدد صفقات الشراء في S&P 500 عدد صفقات البيع بحوالي 10 إلى 1. ومن المرجح أن يواجه نصف هذه الرهانات خسائر عند انخفاض المؤشر بنسبة 2.2 في المئة.

وحذر الخبراء الاستراتيجيون في سيتي غروب بقيادة كريس مونتاجو من أنه حتى التصحيح البسيط يمكن تضخيمه من خلال التصفية القسرية لمراكز الشراء الهامشي المفتوحة حالياً.

فيما قلص مورغان ستانلي الوزن النسبي للأسهم الأميركية إلى الأسهم العالمية المتدنية إلى وزن متساوٍ أمس الأول، مشيراً إلى «مخاطر كبيرة» للنمو حتى أكتوبر.

وفي الوقت نفسه، قالت مجموعة كريديه سويس غروب، إنها تحتفظ بتخفيض ضئيل في الأسهم الأميركية لأسباب مثل التقييمات المرتفعة والمخاطر التنظيمية.

في حين لا يتوقع أحد حدوث عمليات بيع حادة، فإن الانغماس في الأسهم ترك المستثمرين مدداً أكثر من اللازم وعرضة لأي تلميح من الأخبار السيئة.

فبعد سبعة أشهر متتالية من المكاسب في مؤشر S&P 500 - الأطول منذ يناير 2018 - يرى الكثيرون أن الأسهم جاهزة للتراجع في شهر سبتمبر.

من جانبه، قال المحلل الاستراتيجي لإدارة الأصول في مورغان ستانلي، أندرو شيتس:»ستكون لدينا فترة ستكون فيها البيانات ضعيفة في سبتمبر في الوقت الذي تزداد فيه مخاطر متغير دلتا وإعادة فتح المدرسة»... «إذا ظلت البيانات ضعيفة، فإن تقييمات السوق لم تراجع نفسها كما حدث في أجزاء أخرى من الاقتصاد».

يُنظر إلى المستثمرين الأفراد على أنهم القوة الرئيسية وراء المكاسب الأخيرة. لقد استثمروا ما يقرب من 30 مليار دولار من السيولة في الأسهم الأميركية وصناديق الاستثمار المتداولة في شهري يوليو وأغسطس، وهو أكبر قدر في فترة شهرين، وفقاً لـ «جي بي مورغان». ويمكن أن يكونوا أيضاً حجر الأساس الذي يمكن أن يحافظ على استقرار السوق، مادام كان ذلك سهلاً.

وكتب المحللون الاستراتيجيون العالميون في «جي بي مورغان» بمن فيهم نيكولاوس بانيجيرتزوغلو في مذكرة في الأول من سبتمبر: «كان المستثمرون الأفراد يشترون الأسهم وصناديق الأسهم بوتيرة ثابتة وقوية تجعل تصحيح الأسهم يبدو غير مرجح إلى حد ما».

وأضاف، «يبقى أن نرى ما إذا كان التغيير القادم في سياسة الاحتياطي الفدرالي سيغير موقف المستثمرين الأفراد تجاه الأسهم».

سيتم اختبار هذه المواقف في النهاية من قبل صانعي السياسة في الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي الذين يضعون الأساس لتقليص برامج شراء الأصول.

كما أن المتداولين لا يتوقعون أي أخبار عن تباطؤ سياسات بنك الاحتياطي الفدرالي حتى نوفمبر على الأقل، واستبعدوا رفع أسعار الفائدة، لكن لم يمض وقت طويل منذ أن أدت رفع أسعار الفائدة إلى إعاقة سوق صاعدة أخرى مستعرة في عام 2018.

فيما تشير الإشارات الفنية أيضاً إلى حدوث تراجع، حيث يشير الزخم والتقلب إلى ارتفاع درجة حرارة المؤسسات، وفقاً لتحليل أجرته بلومبرغ إنتليجنس.

تراجع سوق الأسهم

وقالت كبيرة مسؤولي الاستثمار في مورغان ستانلي لإدارة الأصول، ليزا شاليت، في مذكرة: «المشكلة هي أن الأسواق يتم تسعيرها على أنها مثالية رغم هشاشتها، خصوصاً أنه لم يكن هناك تصحيح أكبر من 10 في المئة منذ أدنى مستوى في مارس 2020».

وكتبت أن لجنة الاستثمار العالمية التابعة للبنك تتوقع تراجع سوق الأسهم بنسبة 10 في المئة إلى 15 في المئة قبل نهاية العام. وأضافت، «أن قوة مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية خلال أغسطس والأيام القليلة الأولى من سبتمبر، والتي دفعت إلى المزيد من المستويات المرتفعة الجديدة اليومية والمتتالية في مواجهة التطورات المقلقة، لم تعد بناءة»، حيث قالت: «ضع في اعتبارك جني الأرباح في صناديق المؤشرات»، حيث تغاضت مؤشرات الأسهم عن عودة ظهور وباء كورونا، وتراجع ثقة المستهلك، وارتفاع أسعار الفائدة، والتحولات الجيوسياسية الكبيرة».

أيضاً، توقع «بنك أوف أمريكا» تراجع مؤشر «إس آند بي 500» للأسهم الأميركية بحلول نهاية العام الجاري، مع ارتفاع التكاليف والتي قد تضغط على هوامش الربح.

وقال محللو البنك الاستثماري الأميركي عبر مذكرة بحثية، إن مستهدف مؤشر «إس آند بي 500» يبلغ 4250 نقطة في نهاية العام الحالي، ما يعتبر أعلى من الهدف السابق للبنك عند 3800 نقطة، لكنه لا يزال أقل 6 في المئة من إغلاق جلسة أمس الأول.

وكان المؤشر الأوسع للسوق الأميركي ارتفع بنسبة 20 في المئة منذ بداية العام الحالي، بدعم النمو القوي لأرباح الشركات.

وحدد «بنك أوف أميركا» مستهدف مؤشر «إس آند بي 500» بحلول نهاية عام 2022 عند 4600 نقطة، مما يمثل ارتفاعاً بنسبة 2 في المئة من المستويات الحالية.

ويستعد مجلس الاحتياطي الفدرالي لتقليص حجم التحفيز النقدي المقدم للاقتصاد الأميركي، حيث يدرس البنك بدء خفض مشتريات الأصول بحلول نهاية هذا العام.