الصومال: صراع «الرئاستين» يهدد بإلغاء الانتخابات وعودة العنف

نشر في 10-09-2021
آخر تحديث 10-09-2021 | 00:00
No Image Caption
تصاعدت الأزمة المحتدمة بين الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء محمد روبلي، بعد أن أقال الأخير وزير الأمن حسن حندوبي جمعالي، وعين بدلاً منه عبدالله محمد نور، المعروف بمعارضته الشديدة لرئيس البلاد.

لم تكن العلاقات متوترة على الدوام بين فارماجو، الرئيس منذ 2017، وروبلي الذي عينه في منصبه منذ سبتمبر 2020. وغالبا ما بقي رئيس الوزراء التكنوقراطي البالغ 57 عاما، وهو مهندس عاش في السويد، في ظل الرئيس، السياسي المحنك البالغ 59 عاما، والذي له خبرة طويلة بدءا بعمله في وزارة الخارجية منذ الثمانينيات، قبل أن يتولى رئاسة الوزراء بين 2010 و2011.

وعند قيام أزمة هي من أسوأ الأزمات السياسية في البلد خلال السنوات الأخيرة نتيجة تمديد الولاية الرئاسية في أبريل، اتجه الرئيس إلى رئيس وزرائه التوافقي لحلحلة الوضع، فكلفه في الأول من مايو مهمة الإعداد للانتخابات الرئاسية، التي لم يتمكن بنفسه من تنظيمها.

نجح روبلي في جمع كل الأطراف حول طاولة المفاوضات، فاتفقوا على جدول زمني للانتخابات. وهو قد تحدى مرارا الرئيس بشكل صريح، مستندا إلى الشعبية التي يحظى بها، ففي أغسطس زار كينيا ليباشر تقاربا بين البلدين، رغم أن الرئيس حظر إبرام اتفاقات مع كيانات أجنبية قبل الانتخابات.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، تصدى روبلي لوكالة الاستخبارات الوطنية الواسعة النفوذ، فأقال مديرها فهد ياسين المقرب من الرئيس، على خلفية موجة الاحتجاجات على استخلاصات تحقيق أجرته الوكالة حول اختفاء إحدى موظفاتها.

وليل أمس، اتهم روبلي رئيس الجمهورية بـ«عرقلة التحقيق» بشأن اختفاء الموظفة التي تدعى إكرام تهليل (25 عاماً)، وهي تعمل في دائرة الأمن المعلوماتي بالوكالة الوطنية للأمن والاستخبارات (نيسا)، وقد خطِفت من العاصمة مقديشو في الـ26 من يونيو الماضي.

ووصف رئيس الوزراء قرارات فرماجو الأخيرة بأنها تشكل «تهديداً وجودياً خطيراً لنظام الحكم في البلاد». والأحد الماضي، أعلن روبلي إقالة مدير الاستخبارات فهد ياسين، المقرب من الرئيس فارماجو، وعين مديراً آخر محله. ورأى رئيس الوزراء أن تحقيق الاستخبارات حول اختفاء تهليل، الذي يتهم حركة الشباب، «غير مقنع ويفتقر إلى أدلة». ولاحقاً، ردت الرئاسة بإلغاء قرار روبلي، معتبرة أنه «غير دستوري وغير قانوني»، ثم أعلنت، ليل أمس، تعيين فهد ياسين مستشاراً أمنياً لرئيس الدولة، وتكليف الكولونيل ياسين عبدالله محمود، القريب من ياسين، بإدارة وكالة الاستخبارات بالنيابة، لينتقل الخلاف والارتباك إلى صفوف كبار الضباط بالجهاز المهم.

وأفادت مصادر بأن «عناصر من وحدة دوفان الخاصة في جهاز الاستخبارات، المرتبطة بشكل وثيق بالرئاسة، شوهدوا يحرسون المبنى بآليات مصفحة» ليل الأربعاء، في حين ذكر صحافيون في وسائل إعلام رسمية أنهم تلقوا أمراً بعدم نشر أي بيانات تصدر عن رئيس الوزراء. ووزارة الأمن هي وزارة أساسية في الصومال، وتتبع لها كل الأجهزة الأمنية في البلاد.

وتنذر خطوة روبلي الجديدة بتأجيج التوترات في البلاد، التي تكافح بمواجهة تمرد حركة «الشباب» المتشددة.

وسجلت العملية الانتخابية تأخيرا حتى قبل الأزمة السياسية الحالية، مما يجعل من المستحيل انتخاب الرئيس في الموعد المقرر في 10 أكتوبر.

ويفترض الآن أن يتم تعيين أعضاء مجلس النواب، الخطوة الأخيرة قبل انتخاب رئيس الدولة حسب النظام الانتخابي الصومالي المعقد غير المباشر، بين الأول من أكتوبر و25 نوفمبر.

وحذّر الموظف الكبير السابق عبدي كاني عمر ردا على أسئلة وكالة فرانس برس بأنه «إذا لم يتم حل هذا النزاع بالتراضي، فسوف يعقد كل الجهود السياسية الجارية، بما فيها العملية الانتخابية التي ستتأخر إن لم تتوقف تماما».

وسبق أن اتهم روبلي الرئيس بالسعي لاستعادة «المسؤوليات الانتخابية والأمنية» التي أوكلها إليه.

ويثير هذا الصراع تصعيدا في التوتر في مقديشو. وشوهدت وحدة عسكرية على ارتباط وثيق بالرئاسة تحرس مباني جهاز الاستخبارات، أمس الأول. ووصف عنصر من الجهاز، من دون كشف اسمه، وضعا «متوترا» وموظفين «مرتبكين»، مضيفا «يبدو أن بعض الضباط أخذوا طرفاً».

ويواجه الصومال منذ 2007 تمردا تشنه حركة الشباب التي طردت من مقديشو في 2011، غير أنها لا تزال تسيطر على مناطق ريفية شاسعة وتشن بانتظام هجمات في العاصمة.

وتلعب وكالة الاستخبارات دورا أساسيا في مكافحة حركة الشباب، ولا يمكن السماح بإضعافها.

وأدى المأزق الانتخابي في نهاية أبريل إلى مواجهات مسلحة على خلفية الانقسامات السياسية والقبلية في مقديشو، أعادت إلى الذاكرة عقود الحرب الأهلية التي اجتاحت البلاد بعد 1991.

back to top