بين أول قراراتها، فرضت حكومة تصريف الأعمال، التي شكّلتها حركة طالبان في أفغانستان، حظراً على التظاهر غير المرخص به في أنحاء البلاد كافة، وقطعت، أمس، خدمة الإنترنت عن بعض مناطق العاصمة كابول، كما أعادت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى قائمة وزاراتها، في مشهد يعيد إلى الأذهان قسوة "شرطة الأخلاق" إبان حكمها سابقاً.وأعلنت وزارة الداخلية الجديدة، في أول بيان رسمي لها مساء أمس الأول، إصدارها قرارا يلزم المواطنين بالامتناع في الوقت الراهن عن المشاركة في "أي تظاهرات تحت أي مسمى كان"، إلّا في حال الحصول على إذن من وزارة العدل، ثم إبلاغ الأجهزة الأمنية بذلك، محذّرة من أن المخالفين "سيتحملون جميع العواقب وسيتعرضون لمعاملة قانونية صارمة".
وحمّلت الوزارة بعض الناس المسؤولية عن "التسبب في إخلال الأمن وأذية المواطنين وإثارة الفوضى تحت غطاء التظاهرات في كابول وبعض الولايات بتحريض وتمويل جهات مغرضة".
محمد حسن آخوند
وفي أول تصريح له عقب تسميته، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال الملا محمد حسن آخوند، أن "الإمارة الإسلامية ستعمل على توفير الأمن للأفغان والعالم".وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية، أن الإمارة الإسلامية عادت من جديد وتسعى لتوفير الأمن للأفغان والعالم. وتابع: "تكبدنا خسائر فادحة لأجل هذه اللحظة التاريخية، وانتهى عهد إراقة الدماء في أفغانستان".ودعا رئيس الوزراء المسؤولين السابقين للعودة إلى البلاد، قائلاً: "نضمن أمنكم وسلامتكم".وزارة «الرعب»
وبعد نحو 20 عاماً من عودتها للحكم، أعادت "طالبان" وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى قائمة وزاراتها، في مشهد يُعيد إلى الأذهان، ما كانت تقوم به "شرطة الأخلاق" إبان حكمها سابقاً.وذكرت صحيفة واشنطن بوست، أن "مهمة هذه الوزارة تطبيق التفسير المتشدد للشريعة الإسلامية، مع قيود صارمة على النساء والإجبار على الصلاة، وحتى حظر الطائرات الورقية والشطرنج".وفي كابول، أعرب بعض الناس عن مخاوفهم من أن تعني إعادة العمل بوزارة الأمر بالمعروف "عدم سعي طالبان إلى التغيير".وقال أحد سكان كابول "توقف الناس عن الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة في الأماكن العامة، خوفا من الممارسات السابقة منذ آخر مرة حكمت فيها طالبان، هناك خوف ورعب لدى الجميع".القائمة السوداء
إلى ذلك، أكدت "طالبان"، أن استمرار إدراج أعضاء حكومتها الموقتة إضافة إلى أعضاء "شبكة حقاني" المتحالفة معها أو أفراد عائلة حقاني على القائمة السوداء الأميركية، تعد "انتهاكاً لاتفاق الدوحة".وقالت الحركة، في بيان نشره المتحدث الرئيسي باسمها ذبيح الله مجاهد، أن "هذا الموقف ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو أفغانستان"، مشيرا إلى أن "عائلة حقاني تنتمي إلى الإمارة الإسلامية، وليس لها اسم منفصل أو هيكل تنظيمي منفصل".وشددت الحركة على ضرورة حذفهم من القوائم السوداء للأمم المتحدة والولايات المتحدة، لافتة إلى أن "أميركا ودول أخرى تدلي بمثل هذه التصريحات الاستفزازية وتحاول التدخل في شؤون أفغانستان، وأن الإمارة الإسلامية تدينها بأشد العبارات".مطار كابول
على صعيد آخر، أقلعت أمس طائرة قطرية في أول رحلة تجارية من مطار كابول منذ انسحاب القوات الأميركية متجهة الى الدوحة.وقال المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري، مطلق القحطاني، من على مدرج مطار كابول، أمس، "يسرنا أن نعلن عن رحلات تجارية للمرة الأولى من الدوحة إلى كابول بركاب محليين وأجانب من الجانبين". وقال المسؤول القطري إن المطار جاهز للعمليات بنسبة 90 بالمئة تقريبا، وسيتم فتحه أمام الرحلات الدولية بشكل تدريجي، موضحا أن كل الرحلات إلى كابول ستمر عبر المجال الجوي الباكستاني في الوقت الراهن. وكشف مسؤول أميركي أن نحو 200 أجنبي بينهم أميركيون لا يزالون في أفغانستان، سافروا، أمس، من مطار كابول على متن الطائرة القطرية، بعد أن وافقت حكومة "طالبان" الجديدة على إجلائهم.أوستن
من ناحية أخرى، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن تنظيم القاعدة المتطرف، الذي استخدم أفغانستان قاعدة انطلاق لمهاجمة الولايات المتحدة قبل 20 عامًا، قد يحاول إعادة الظهور هناك بعد الانسحاب الأميركي.وقال من الكويت، في ختام جولة استمرت 4 أيام قادته أيضاً إلى قطر والبحرين، "هذه هي طبيعة المنظمة"، مشدّداً على أن "الجيش الأميركي قادر على احتواء القاعدة أو أي تهديد متطرف آخر للولايات المتحدة ينبع من أفغانستان باستخدام طائرات المراقبة".وأعلنت "البنتاغون" أنّ الوزير أوستن الذي يقوم بجولة خليجية، أرجأ إلى أجل غير مسمّى زيارة كان مقرّراً أن يقوم بها إلى السعودية، في قرار عزاه إلى "مشكلة في الجدول الزمني"، مضيفة أن أوستن "يتطلّع إلى إعادة جدولة الزيارة في أقرب فرصة ممكنة".بيرنز
وفي إسلام أباد، بحث مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) ويليام بيرنز، أمس، مع رئيس أركان الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جافيد باجوا، ومع رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية، الفريق فايز حميد، عددا من القضايا المعنية بالأمن الإقليمي، وخصوصاً الوضع في افغانستان.وذكرت دائرة العلاقات العامة بالجيش الباكستاني، أن باجوا وحميد جددا تأكيد التزام اسلام آباد بالتعاون مع شركائها الدوليين من أجل تحقيق السلام في المنطقة وضمان مستقبل مستقر ومزدهر للشعب الأفغاني.الدوحة وطهران
وفي طهران، التقى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن، أمس، نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان وبحثا آخر التطورات بأفغانستان.وأكد عبداللهيان لنظيره القطري، أن "تشكيل حكومة شاملة هو السبيل لتحقيق الاستقرار في أفغانستان".وتركز إيران بشكل متزايد على ضرورة ضم كل المجموعات العرقية لأي حكومة أفغانية جديدة. والطاجيك هم ثاني أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان البالغ عدد سكانها 40 مليون نسمة، ويمثلون أكثر من ربع السكان.يذكر أن الطاجيك من أصول إيرانية ولغتهم هي الداري، إحدى لهجات اللغة الفارسية. ويعتبر وادي بنجشير وهرات وبعض المقاطعات الشمالية الأخرى معاقل للطاجيك. وتصاعدت حدة التلميحات الإيرانية ضد باكستان بعد الهجوم الأخير على وادي بنجشير. ويعتقد المحللون أن التصريحات القوية الأخيرة التي أدلت بها إيران ضد باكستان مردّها أن وادي بنجشير معقل للطاجيك.