ذكر تقرير «الشال» الاقتصــــــــادي الأسبــــــــــوعي أنـــــــــه لا بأس من أخذ توجهات رئيس الوزراء في لقائه مع قياديي الإدارة التنفيذية على محمل الجدّ، والسبب هو أننا نتمسك بأي بارقة أمل حتى وإن فقدت ما يدعمها على أرض الواقع، والثاني هو أننا تعلّمنا ألّا نبدأ العمل حتى تقع الفأس بالرأس، والفأس قد شقّت الرأس!

وسوف نتناسى ما قدّمه فريق عمل مشترك من جامعة هارفارد ومعهد ماساشوتس للعلوم (MIT) في ثمانينيات القرن الفائت، وبعدها ماكينزي في تسعينياته، وبلير في العقد الأول من الألفية الثالثة، وخطط التنمية ووعود الإصلاح بعدها، وكل تناقضات الحكومة الحالية ما بين قولها وفعلها، ولا نرغب في فهم اللقاء على أنه مجرد استباق لتلافي مراجعة التصنيفات الائتمانية القادمة قريباً.

Ad

وسوف نركز فقط على المستقبل في قياس إمكانات تحقيق أهداف اللقاء، فالعمل على تحقيقها يحتاج إلى أدوات وظروف مواتية، وفي ظـــــروف غـــاية في الصعوبــــة، لا بدّ من توفر أدوات غاية في الكفاءة والأمانة. وملاحظتنا الأولى، وهي مستقاة من كل تجارب النهوض في العالم، هي أن توافر الأداة لا بدّ أن يسبق مشروع الإصلاح، وفي لقاء رئيس الوزراء، قدّم مشروع الإصلاح من دون تغيير أدواته أو قياداته.

فالرئيس جمع قيادات إدارته التنفيذية، وخيّرهم بين تقديم مشروعاتهم الإصلاحية وتنفيذ أهدافها خلال مهلة زمنية محددة، أو إعفائهم من مناصبهم، ذلك يعني منح صناع الأزمة فرصة عاشرة للتجربة والخطأ، وكلنا يعرف سلفاً خطورة تبديد الوقت، ونعرف أن تغيير القيادات خارج سلطته حال الفشل.

ملاحظتنا الثانية، هي أننا نعرف أمرين عن الحكومة الحالية، الأول هو أن فيها وزيرين مستقيلين على أقل تقدير، وثالثاً قراراته خاضعة للتحقيق، وإدارة عليا بهذا الوضع لا يمكن أن تواجه تحديات الإصلاح. والثاني هو أن عمر الوزارة بتشكيلها الحالي مؤقت، وقد لا يتعدى شهرا واحدا أو أكثر قليلاً، وما تتعهد به حكومة مؤقتة وفي موقف سياسي وتفاوضي ضعيف، ليس من المنطق إلزام حكومة جديدة به ما لم تكن النية هي استنساخ التشكيل نفسه، والتشكيل نفسه سينتج المشكلات نفسها.

ملاحظتنا الثالثة، ومع التغاضي عن عجز معظم القيادات الإدارية الحالية، يظل أسلوب الإصلاح المطلوب خاطئا، فالأصل هو تكامل الرؤى بين مؤسسات الدولة المختلفة، فالأهداف النهائية لا بدّ أن تكون موحدة، وتتولى تلك المؤسسات صياغة سياساتها لتحقيق تلك الأهداف الاستراتيجية في حدود نطاق زمني مُقرّ، ولا نعرف ما إذا سبق لقاء الرئيس لقاءات جمعت القياديين وتم النقاش خلالها حول وحدة الأهداف الكلية ودور كل منهم في تحقيقها، فنحن لم نلحظ من الطرح إن كان ذلك قد حدث، ولم نسمع عن اجتماعات سابقة.

في خلاصة، التحدي كبير جداً، والوقت عامل حاسم، ورغم كل الإخفاقات القديمة والحديثة، لا يزال لدينا إيمان بإمكان تحقيق استدارة تصنع مستقبلا أفضل، ولكن، ذلك لن يتحقق ما لم يكن بمستوى تجارب دول سبقتنا، وما لم نستفد من تجاربنا التاريخية غير الموفقة. ولأن عامل الوقت يرفع التكاليف ويقلل فرص نجاح الإصلاح، لا بدّ من التحذير من احتمال استنساخ تجاربنا القديمة غير الموفقة، ولا بدّ من إصلاح الأدوات أولاً لتكون قادرة على مواجهة حجم التحديات الجديدة.