نواف الياسين: قانون 8/2008 لم يحقق أهدافه في توفير 100 ألف وحدة سكنية بـ3 سنوات
خص الجريدة• بدراسة بعنوان «مراجعة نقدية» للقانون بشأن فرض رسوم على الأراضي الفضاء
شدد وزير العدل السابق المستشار القانوني والمحامي أمام محكمة التمييز والمحكمة الدستورية د. نواف الياسين أن القانون رقم (8) لسنة 2008 لم يحقق أهدافه المرجوة بتوفير أراض سكنية في حدود 100 ألف وحدة خلال 3 سنوات من تاريخ العمل بها، مشيراً إلى أن توفير هذا الكم من الأراضي السكنية مرتبط بعوامل ليس من المتيسر تجاوزها بمجرد النص على إلزام الحكومة بتوفير هذه القسائم في القانون، خاصة مع تحديد مدة قصيرة نسبيا، وهي 3 سنوات. ورأى في دراسة بعنوان «مراجعة نقدية للقانون رقم (8) لسنة 2008 بفرض رسوم على الأراضي الفضاء» خص بها «الجريدة»، أنه من الواجب إعادة دراسة مواد هذا القانون من جوانبه الموضوعية والشكلية، وبحث مدى نجاحه في تحقيق الغايات التشريعية التي بناء عليها صدر هذا القانون، وعلى رأسها منع الاحتكار وتوفير الأراضي الفضاء للمواطنين من مستحقي الرعاية السكنية.
قال وزير العدل السابق المحامي د. نواف الياسين، إن القانون رقم (8) لسنة 2008 صدر لسد النقص ومعالجة أوجه القصور في القانون رقم (50) لسنة 1994 في شأن تنظيم واستغلال الأراضي الفضاء، مضيفاً أن المذكرة الايضاحية للقانون أشارت إلى عجز القانون رقم (50) لسنة 1994 عن تحقيق غايته التشريعية من الحد من المضاربة واحتكار الأراضي المخصصة للسكن الخاص، مما ترتب عليه استمرار زيادة أسعار الأراضي ومعاناة المواطنين المستحقين للرعاية السكنية. وبين الياسين، في دراسته، أن «الوسيلة المختارة لتحقيق أهداف المشرع كانت زيادة قيمة الرسوم السنوية على ملاك قسائم السكن الخاص غير المبنية المملوكة للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين فيما زادت مساحته منها على خمسة آلاف متر مربع، بحيث تكون عشرة دنانير عن كل متر مربع بما يجاوز هذه المساحة، علما أن قيمة الرسم في القانون المعدل كانت ديناراً ونصف الدينار فقط. وأشار إلى ان التحليل النقدي لأبرز الأحكام الواردة في هذا القانون يتضمن:أولاً: نص القانون في المادة الأولى (الفقرة الأولى) أنه «إذا زادت مساحة قسائم السكن الخاص غير المبنية المملوكة لأحد الأشخاص الطبيعيين في أي موقع وفي أي مشروع يتضمن قسائم مخصصة لأغراض السكن الخاص، سواء كانت هذه القسائم في موقع واحد أو في مواقع متعددة وفي مشروع واحد أو في مشاريع متعددة، على خمسة آلاف متر مربع في مجموعها، فرض على كل متر مربع يجاوز هذه المساحة رسم سنوي مقداره عشرة دنانير كويتية».ولفت إلى أنه يتضح من هذا النص أن المشرع قد قصر استحقاق الدولة لهذه الرسوم على الأراضي السكنية غير المبنية، أما الأراضي التي يتم بناؤها وفقا للمساحات المحددة في هذا القانون فإنه لا يدفع عليها أية رسوم أياً كانت مساحتها. وأردف: كذلك فإن المشرع من خلال هذا النص لم يحظر الاتجار بالأراضي السكنية الفضاء بالمطلق، ذلك أنه سمح بالتملك واستمرار التملك لهذه الأراضي حتى خمسة آلاف متر مربع دون قيد زمني أو مكاني، ودون دفع أية رسوم، وهو ما يعني استمرار الاحتكار والاتجار والمضاربة بهذه الأراضي بحدود هذه المساحة. وأكد أن العيب الأبرز في هذا النص أنه قرر فرض هذه الرسوم على الأشخاص الطبيعيين فقط، ولم يشمل النص الأشخاص الاعتباريين، الذين ورد ذكرهم متأخرا في عجز المادة الأولى «مكرر»، التي قررت أنه «يستحق هذا الرسم، سواء كان مالك القسيمة شخصا طبيعياً او اعتبارياً»، وهذا يعتبر خللا تشريعيا ظاهرا في صياغة المادة، ولا يتوافق ومفهوم الصياغة المنضبطة الواجبة الاتباع في صياغة القاعدة القانونية.
الأراضي غير المبنية
وتابع الياسين، ثانياً: رغم أن المشرع قرر فرض رسوم على هذه الأراضي غير المبنية، لكنه اشترط أن يكون عدم البناء راجعاً لمحض إدارة المالك، وليس لسبب أجنبي يحول بينه وبين بناء الأرض، مردفاً: ومثال ذلك لا يستحق الرسم على الأراضي غير المصرح البناء فيها أو الأراضي غير مكتملة البنية التحتية أو الخدمات، إذ قضت محكمة التمييز في الطعن رقم 2430 لسنة 2019 مدني «1» أنه يشترط استحقاق هذا الرسم على قسائم السكن الخاص غير المبنية أن يكون بقاء هذه القسيمة دون بناء راجعاً لاختيار مالكها، فإن كان عدم البناء عليها راجعاً إلى أنها تقع في منطقة غير مسموح بالبناء فيها أو لعدم اكتمال البنية التحتية لها وهو أمر يرجع إلى جهة الإدارة التي ناط بها القانون هذا الاختصاص، فإن بقاء القسيمة دون بناء يكون رغماً عن مالكها ولا يستقيم معه أن يفرض رسماً على بقائها دون بناء لسبب لا يد للمالك فيه».وشدد على أن هذا الفهم يتوافق مع قصد المشرع من هذا القانون ويخلق التوازن بين تحقيق مصالح المواطنين مستحقي الرعاية السكنية وملاك الأراضي، مبيناً أن ما يؤكد هذا الفهم هو النص الصريح الوارد في المذكرة الإيضاحية للقانون التي قررت أن الهدف هو «فك احتكار الأراضي غير المستغلة»، أي إن الغاية هي دفع ملاك الأراضي لاستغلالها بناءً أو التصرف فيها للغير.وأوضح «أننا نشير في ذات السياق إلى أن القانون اشترط لاعتبار القسيمة مبنية أن تكون مساحة البناء لا تقل عن 200 متر مربع أو 20 في المئة من مساحة القسيمة أيهما أكبر، وهو ما نص عليه صراحة في المادة الأولى (الفقرة الثانية) «لا تعتبر القسيمة مبنية وفقا لأحكام هذه المادة، إلا إذا بلغت مساحة البناء 200 متر مربع (200م2) أو 20 في المئة (20%) من مساحة القسيمة أيهما أكبر».طعون المحكمة الدستورية
ذكر المحامي الياسين أن المحكمة الدستورية قررت في حكم أخير لها بمناسبة الطعن على قانون رقم 8 لسنة 2008 (طعن مباشر رقم 9 لسنة 2017) «وإذا كان الأصل أنه لا يجوز أن تكون رؤوس الأموال ذاتها – على اختلاف أنواعها – وعاءً للضرائب المالية التي ينظمها المشرع في نطاق سلطاته، صوناً لرأس المال من الزوال بالكلية، أو فقدان جزء كبير منه، وأن الدخل الدوري المتجدد لرأس المال يعد هو الوعاء الأساسي لتلك الأعباء المالية، إلا أنه يسوغ استثناء من هذا الأصل تحميل رأس المال ذاته بعبء مالي لضرورة ملحّة».وزاد الياسين أنه إضافة إلى الطعن بعدم الدستورية سالف الذكر سبق للمحكمة الدستورية أن نظرت طعنين سابقين متعلقين بقانون 50 لسنة 1994، المقيد برقم 11 لسنة 2005 وطعن آخر على القانون رقم 9 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون الشركات، والذي حظر على الشركات الاتجار بقسائم السكن الخاص، وبذلك تكون المحكمة الدستورية حسمت جملة من الأحكام التي تقوم عليها فكرة هذا القانون.
المساكن الخاصة
ثالثاً: قررت المادة الأولى (الفقرة الثالثة) من القانون حكماً خاصاً قد يتعارض من حيث الظاهر من فكرة القانون، إذ استثنت المادة من أحكام هذا القانون المساحات التي تزيد على خمسة آلاف متر مربع إذا لم يصد قرار بفرزها إلى قسائم متعددة، إذ نص أنه «ولا تسري أحكام الفقرتين السابقتين على المساكن الخاصة التي تقام على أراض تزيد مساحتها على ما هو منصوص عليه فيها مهما بلغت مادام لم يصدر من بلدية الكويت قرار بتنظيمها وفرزها إلى قسائم متعددة أو مادام قد صدر قرار من البلدية بدمجها.وأكد أن القانون أوكل بذلك الحق في تحديد وقت استحقاق الرسم للمالك بعد ربط استحقاق هذا الرسم بالفرز للأرض الذي يتقدم به عادة مالكها في الوقت الذي يحدده، مستطرداً: أيضاً استخدم المشرع مصطلح «المساكن الخاصة» والمساكن التي لا تخضع لأحكام القانون، إذ إن القانون يتعلق بالأراضي الفضاء، وهذا الاستخدام نرى أنه أتى خارج سياق القانون ويعتبر عيباً من عيوب الصياغة.الفترة الزمنية
رابعاً: منح القانون فترة زمنية معينة مدتها سنتان لتمكين ملاك الأراضي من استغلالها، إذ نصّ في المادة الأولى مكرر على أن «يستحق الرسم السنوي المقرر في المادة السابقة اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء سنة من تاريخ العمل بهذه المادة أو من أول الشهر التالي لانقضاء سنتين من تاريخ الموافقة على مشروع التقسيم الخاص أو أي مشروع يتضمن قسائم مخصصة للسكن الخاص من قبل بلدية الكويت أيهما أبعد».وأشار كذلك إلى قرار وزير المالية رقم 21/2010 الخاص بإصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الذي نص في المادة الثالثة منه على أن «يقف استحقاق الرسم المقرر على القسيمة متى اكتمل البناء عليها وصار جاهزاً للسكن فيه، ويعد البناء مكتملاً إذا تم تنفيذه طبقاً للترخيص الصادر من البلدية، وتم إيصال التيار الكهربائي».وبين أن هذا النص وضع ضابطاً وحيداً هو اكتمال البناء فقط دون تحديد تنظيم خاص لاستغلال هذا البناء، وإذا ما كان يتوافق وطبيعة السكن الخاص من عدمه.الشركات التجارية
خامسا: حظرت المادة الأولى مكررا (ب) من القانون على الشركات التجارية أياً كان نوعها والمؤسسات الفردية التعامل في القسائم أو البيوت المخصصة لأغراض السكن الخاص، سواءً كان ذلك بالبيع أو الشراء أو الرهن أو إصدار حوالة حق أو إصدار توكيل بالتصرف للغير، أو قبول وكالة بالتصرف، وغيرها من التصرفات القانونية.وأكد أن هذا الحظر يشمل التعامل المباشر أو غير المباشر، واعتبر المشرع أن أي تعامل يتم بالمخالفة لهذه المادة باطل بطلانا مطلقا، ويعتبر كأن لم يكن.وأوضح أن المذكرة الإيضاحية للقانون قررت أن الهدف من هذا النص ضمان عدم المتاجرة في العقارات المخصصة للسكن الخاص، وكذلك يمكن التقرير أن يؤكد أن هذه التصرفات واردة على سبيل المثال لا الحصر، مردفا: لكن هذا النص منتقد، ذلك أنه حرم الشركات والمؤسسات فقط من المتاجرة بهذه العقارات، لكنه لم يحرم الأفراد من ذلك، أي أن المتاجرة في السكن الخاص يمكن أن تتحقق إذا قام بذلك أفراد أو تمت بأسماء أشخاص طبيعيين.100 ألف وحدة سكنية
سادسا: ألزم المشرع في المادة الرابعة من القانون المؤسسة العامة للرعاية السكنية بتوفير أراض سكنية بحدود 100 ألف وحدة سكنية خلال 3 سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون.وتابع: في الحقيقة أن هذا النص التوجيهي للجهة الإدارية لم يحقق أيا من الأهداف المرجوة، ذلك أن توفير هذا الكم من الأراضي السكنية مرتبط بعدد من العوامل ليس من المتيسر تجاوزها بمجرد النص على إلزام الحكومة بتوفير هذه القسائم في صلب القانون، خاصة مع تحديد مدة قصيرة نسبيا، وهي 3 سنوات.ولفت إلى أن ما يؤكد هذا الرأي هو ما قرره المشرع في ذات المذكرة الايضاحية للقانون من نقد للدولة وعجزها (مع تحفّظنا عن استخدام مصطلح الدولة، وكان الأجدر استخدام مصطلح الحكومة) عن مواكبة الطلبات المتزايدة لمستحقي الرعاية السكنية.وأشار إلى أنه رغم أن هذا التشريع يتضمن عددا محدودا من المواد، لذلك فلم يكن من المستساغ أن يحمل هذه الإشكاليات المتعلقة بالصياغة التشريعية، والتي كان لها انعكاس واضح على مدى وضوح أحكامه، خاصة من حيث النطاق. وكذلك يحمل جملة من علامات الاستفهام لمدى فاعلية هذا القانون وتحقيقه غاياته التشريعية.ورأى أنه من الواجب إعادة دراسة مواد هذا القانون من جوانبه الموضوعية والشكلية، وبحث مدى نجاحه في تحقيق الغايات التشريعية التي صدر هذا القانون بناء عليها، وعلى رأسها منع الاحتكار وتوفير الأراضي الفضاء للمواطنين من مستحقي الرعاية السكنية.كاتب
تجب إعادة دراسة القانون وبحث مدى نجاحه في تحقيق غاياته وعلى رأسها منع الاحتكار وتوفير الأراضي
المشرع قصر استحقاق الرسوم على الأراضي السكنية غير المبنية
القانون حرم الشركات والمؤسسات من المتاجرة بهذه العقارات وسمح للأفراد والأشخاص الطبيعيين
خلل تشريعي في صياغة المادة الأولى لا يتوافق ومفهوم الصياغة الواجبة الاتباع قانوناً
استخدام المشرع مصطلح «المساكن الخاصة» جاء خارج سياق القانون ويعتبر عيباً في الصياغة
المشرع قصر استحقاق الرسوم على الأراضي السكنية غير المبنية
القانون حرم الشركات والمؤسسات من المتاجرة بهذه العقارات وسمح للأفراد والأشخاص الطبيعيين
خلل تشريعي في صياغة المادة الأولى لا يتوافق ومفهوم الصياغة الواجبة الاتباع قانوناً
استخدام المشرع مصطلح «المساكن الخاصة» جاء خارج سياق القانون ويعتبر عيباً في الصياغة