ذكريات 11 سبتمبر
أصابتني قراءة التقارير عن أنشطة الخاطفين السابقة على هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالدهشة من مدى خبث طوايا هؤلاء الأشخاص وانتهازهم الفرص واستغلال حسن نوايا الأميركيين، فقد حصلوا على منازل والتحقوا بمدارس وتمتعوا بحرية الحركة، في حين كانوا يدبرون لمهمة قاتلة، فكيف لم يتحولوا إلى التشكيك في الشر الذي يعتزمون تنفيذه بعدما شهدوا من كل خير حولهم؟
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وكانت هناك إشارات واضحة على اختمار رد فعل عدائي، وأصبح مكتبي خاضعاً لحماية الشرطة بسبب سيل رسائل الكراهية وتهديدات بالقتل عامة وشخصية، مثل «جيم يا لابس العمامة! الموت لكل عربي، سنذبحك ونقتل أطفالك». وحين طُلب مني بعد شهر رصد مدى جرائم الكراهية وأعمال العنف المتعلقة بها التي حدثت في الأسابيع التالية للحادي عشر من سبتمبر لصالح لجنة الحقوق المدنية الأميركية، سجلت مئات من جرائم الكراهية ضد الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين أو الذين اشتُبه في أنهم عرب أو مسلمون، وتضمن ما سجلته سبع جرائم قتل وأعمال عنف أو التهديد بها. ورد الفعل المعادي كان مرعباً ومثيراً للاضطراب للأميركيين العرب، فقد كنا نشعر بالألم بسبب الفاجعة التي أصابت بلادنا، لكننا وجدنا أنفسنا ننتزع بعيداً عن حزننا وأجبرنا على السير في خوف نترقب، لقد كنت غاضباً من التهديدات والتحامل علينا، لكني كنت أكثر غضباً بالطبع من الإرهابيين الذين انتهكوا انفتاح بلادي وقتلوا آلافاً من بني وطني، وتسببوا في ضرر لا يحصى لملايين الأميركيين العرب والمسلمين. وأصابتني قراءة التقارير عن أنشطة الخاطفين السابقة على هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالدهشة من مدى خبث طوايا هؤلاء الأشخاص وانتهازهم الفرص واستغلال حسن نوايا الأميركيين، فقد حصلوا على منازل والتحقوا بمدارس وتمتعوا بحرية الحركة، في حين كانوا يدبرون لمهمة قاتلة، فكيف لم يتحولوا إلى التشكيك في الشر الذي يعتزمون تنفيذه بعد ما شهدوا من كل خير حولهم؟ وفي الأيام والأسابيع التالية استمرت الصدمة، والمقابلات مع الناجين وأفراد أسر الذين لقوا حتفهم كانت مؤلمة ولا يمكن نسيانها. وكان العطف مؤثراً جداً أيضاً، فحين علم بعض الناس بشأن مقدار الكراهية الذي نتعرض له، عبر كثيرون منهم عن أسفهم وقدموا الدعم، وكان من بين هؤلاء أعضاء من الكونغرس وجماعات كنسية ومنظمات لجماعات عرقية رئيسية، وأدركت أنه مهما يكن من رد الفعل العدائي، فإننا سنحظى بحماية، والفصل الأخير من الحادي عشر من سبتمبر لم يكتب بعد، فقد بدأ هذا للأسف مع إدارة بوش والسياسات المحلية والخارجية الكارثية التي طبقت في السنوات التالية وهي أمور لن تنسى أبداً أيضاً، فعواقب هذه السياسات غير الرشيدة ما زالت تطاردنا بعد مرور عقدين. * رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن.