في وقت يسعى العراق إلى تكثيف جهوده من أجل تهدئة التوترات الإقليمية التي تؤثر عليه سلباً، خيمت حادثة قصف مطار أربيل الدولي بـ «درون» مفخخة مساء أمس الأول، مما أدى الى توقفه ساعتين، على اللقاء الأول بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، الذي كان عنوانه «جسّ النبض ووضع قواعد التعاون» بينهما.وقبيل وصول الكاظمي إلى طهران، تعرّض مطار أربيل، الذي يستضيف قوات تابعة لـ «التحالف الدولي» المناهض لـ «داعش» بقيادة الولايات المتحدة، في إقليم كردستان العراق، لهجوم بطائرتي درون مفخختين يعتقد أن فصائل عراقية على صلة وثيقة بإيران شنته.
ورغم أن الاعتداء على المطار القريب من القنصلية الأميركية، لم يسفر عن خسائر تذكر، فإنه حمل «رسالة سلبية» بعد يوم من إعلان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي التوصل إلى «اتفاق هدنة على مرحلتين» مع الفصائل العراقية المسلحة، لوقف الهجمات على المصالح والأهداف الأميركية، من أجل تهدئة الساحة قبل الانتخابات، وصولا إلى موعد انسحاب القوات الأميركية في ديسمبر المقبل.وفي حين سارعت «كتائب سيد الشهداء» إلى نفي التوصل إلى اتفاق بشأن الوقف العمليات ضد القوات الأميركية مع حكومة بغداد، تحدثت مصادر لمنصات محسوبة على محور إيران عن استهداف مقر للمخابرات الإسرائيلية في أربيل.ولاحقاً، دانت القنصلية الأميركية الهجوم، وحذرت من أنه يمثل تهديداً لسيادة واستقرار العراق.ومما زاد الطين بلة إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أمس، أن قاعدة كاشان الجوية الإيرانية تستخدم لتدريب مجموعات من اليمن والعراق وسورية ولبنان لتشغيل طائرات مسيّرة إيرانية من أجل تنفيذ هجمات إقليمية.ويشير المراقبون الى الانسحاب الأميركي المقرر بعد 3 أشهر من العراق يتطلب تفاهمات إيرانية ـ عراقية، وكذلك ملف التجارة في ظل العقوبات، حيث يقدّم العراق هدايا لإيران ويخرق القيود ولا يتسلم ثمنا سياسيا مكافئا.ويقول مصدر عراقي إن «هناك نقطة أخرى تخيف حكومة الكاظمي وهي استعدادات إيران لتلاعب كبير في الانتخابات». ويضيف: «يريد الكاظمي إبلاغ طهران بأمر جدي هو أن مجلس الأمن يتابع - لأول مرة - الانتخابات مباشرة، وإذا حصل تلاعب سيطعن فيها داخل المجلس ربما».الى ذلك، وفي مؤتمر مشترك مع رئيسي، قال الكاظمي: «موقفنا ثابت تجاه علاقتنا مع إيران»، مضيفاً أنهما ناقشا «ملفات اقتصادية كخط السكك الحديد الذي سيربط بين البلدين والتبادل التجاري وزيادته بما يخدم مصالح الشعبين وملفات أخرى تعزز العلاقات الأخوية والروابط التاريخية».وأكد المسؤول العراقي، الذي اصطحب معه 7 وزراء ومستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، أن الزيارة إلى العاصمة الإيرانية تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية وفتح آفاق التعاون.وأضاف الكاظمي أن العراق «نجح في الاضطلاع بدور محوري في المنطقة عبر تعزيز الشراكة الاستراتيجية وفق مبادئ دعم الاستقرار، والتعاون، والصداقة، من أجل ترسيخ أسس السلام والازدهار».وتوجه بالشكر لكل من وقف مع العراق في حربه ضد «داعش»، لافتاً إلى أن «إيران وقفت مع العراق منذ اللحظة الأولى في حربه ضد الإرهاب».من جهته، أكد الرئيس الإيراني أن الكاظمي «جاء بخبر سار ووافق على زيادة عدد زائري الأربعينية الإيرانيين»، كاشفاً عن «اتفاق يقضي بإلغاء التأشيرة بين العراق وإيران».وقال رئيسي خلال المؤتمر: «علاقتنا مع العراق ليست علاقة جوار، بل متجذرة ووطيدة، ونعتقد أنه بالرغم من إرادة أعداء البلدين يمكننا تعزيز العلاقات».
احتفاء إيراني
وحظي الكاظمي الذي تعد زيارته الأولى لرئيس وزراء أجنبي لطهران منذ انتخاب رئيسي رئيساً للبلاد باستقبال حافل، وعقب أداء السلام الوطني العراقي والإيراني، عزفت موسيقى فلم «الرسالة» الشهير خلال استعراض الضيف العراقي حرس الشرف. وعقب مراسم الاستقبال عقد الكاظمي الوزراء مباحثات منفصلة مع المسؤولين الإيرانيين.وتناولت المباحثات العراقية الإيرانية جملة من الملفات الثنائية والإقليمية بهدف التنسيق الثنائي وتدعيم أمن المنطقة واستقرارها.وعلمت «الجريدة»، أمس الأول، من مصدر مطلع أن الكاظمي يسعى لاستكمال ما صفه بـ «صفقة إيرانية عراقية»، تمت خلف الكواليس وأثمرت عن المساهمة في تشكيل حكومة لبنان الجديدة، بهدف تسهيل عقد جولة رابعة من المباحثات بين طهران والرياض في بغداد خلال سبتمبر الجاري.وتضمنت زيارة الكاظمي، التي تعد الثانية له منذ توليه رئاسة الحكومة، بحث سبل مساهمة طهران في تهدئة الساحة العراقية قبل الانتخابات المقررة في العاشر من أكتوبر المقبل، إضافة إلى محاولة إقناع إيران بالتراجع عن تقليص إمدادات الغاز الحيوية لإنتاج الكهرباء، والتخلي عن الإصرار على دفع الديون المتأخرة، التي تقدر بـ 6 مليارات دولار، قبل التوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة لتجاوز العقوبات. ويعتمد العراق بشكل كبير على الواردات الإيرانية، خصوصاً ما يتعلق بالطاقة الكهربائية، وتواجه بغداد نقصاً حاداً في الطاقة، الأمر الذي دفعها نحو الاعتماد على طهران التي تؤمّن ثلث ما تحتاج إليه من الغاز والكهرباء.