أصبحت آن هيدالغو، عمدة باريس الاشتراكية، أحدث سياسية، تعلن نيتها منافسة إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية التي تجرى في 10 أبريل المقبل، لتنضم بذلك إلى قائمة تكبر من منافسي الرئيس الوسطي الذي سيواجه مجدّداً الزعيمة اليمينية الشعبوية مارين لوبن، التي رفعت سقف خطابها أمس، بإعلان «شبه مؤكد» أنها ستصبح الرئيسة المقبلة للبلاد.

وقالت هيدالغو، أمس، في مدينة روان، شمال باريس «قررت أن أكون مرشحة للرئاسة. إنني مستعدة».

Ad

وتعد المرشحة البالغة 62 عاماً، وهي ابنة مهاجرين قدموا من إسبانيا، الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الاشتراكي، كما تعد هيدالغو أول امرأة تتولّى منصب عمدة باريس في تاريخ البلاد.

ويجب أن تفوز هيدالغو أولاً بالدعم الرسمي لحزبها حيث ينقسم بعض الأعضاء حول ترشيحها.

ويريد ستيفان لو فول، وزير الزراعة السابق، الذي يتمتع بنفوذ، والناطق باسم الحكومة، إجراء انتخابات تمهيدية، بدلاً من تعيينها بشكل مباشر.

وإذا تم اعتماد هيدالغو من الاشتراكيين، فإنها مازالت تواجه معركة شاقة لإقناع الناخبين بأنها يمكنها المصالحة مع فرنسا بعد 5 سنوات، من قيادة ماكرون، التي شهدت تظاهرات وجائحة فيروس «كورونا»، وسيتعيّن عليها توسيع حضورها على الصعيد الوطني إذا كانت تتطلع لتصبح أول رئيسة لفرنسا.

وتدخل المعركة الانتخابية كشخصية تثير الاستقطاب، إذ أحدثت حملتها للتخفيف من وجود السيارات في باريس وجعل المدينة صديقة أكثر للبيئة انقساماً في أوساط سكان العاصمة.

واختارت هيدالغو روان، التي يحكمها الاشتراكيون، لإعلان قرارها في محاولة لترك بصمتها خارج باريس.

وأشارت إلى أن نشأتها في عائلة متواضعة حيث كان والدها كهربائياً ووالدتها خياطة تعد شهادة على مدى قدرة فرنسا على مساعدة الأطفال على تجاوز «الأحكام المسبقة المرتبطة بالطبقية».

لكنها حذّرت من ازدياد عدم المساواة، مؤكدة أن «نموذج الجمهورية يتفكك أمام أعيننا» وأضافت «أريد بأن يحظى جميع الأطفال في فرنسا بذات الفرص التي كانت لدي».

وتظهر الاستطلاعات بأن هيدالغو لن تحصل إلا على ما بين 7 و9 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من انتخابات أبريل، إذا تم اختيارها لتمثيل الاشتراكيين.

ويريد ستيفان لو فول، وزير الزراعة السابق، الذي يتمتع بنفوذ، والناطق باسم الحكومة، إجراء انتخابات تمهيدية، بدلاً من تعيينها بشكل مباشر .

«حان الوقت»

من ناحيتها، رفعت رئيسة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف المعارض سقف خطابها الانتخابي، وقالت لوبن في مهرجان جماهيري تحت عنوان «حان الوقت»، أمس، أنه «ليس هناك دولة من أجل الدولة، إنما هناك دولة لتخدم الأمة والقوى الحية فيها»، وأضافت: «سأكون رئيسة الحريات الفرنسية. وصدقوني، هذا سيغير كل شيء».

وأمام نحو 900 ناشط تجمعوا في مسرح فريجوس الروماني بجنوب فرنسا، اعتبرت لوبن أن «انتخابات 2022 لن تكون خيارا مجتمعيا فحسب، كما كانت الانتخابات السابقة، بل خيارا حضاريا».

وأضافت: «لن يكون هناك سوى خيارين في 2022: إما تذويب فرنسا عبر موجات الهجرة، وإما النهوض المفيد الذي سيدخلها في الألفية الثالثة حول فكرة الأمة».

وأضافت: «نصل الى تقاطع بين طريقين. الأول يقود الى الهاوية، والثاني يقود الى القمة»، منتقدة «تشاؤم» الصحافي إريك زيمور الذي يثير قلق «التجمع الوطني» لإمكان ترشحه للانتخابات، مركّزا على عناوين الهوية الفرنسية والهجرة والإسلام.

وتابعت: «إلى جانب دعمنا لحق الشعوب في تقرير مصيرها، نعتزم التأكيد على حق الشعب الفرنسي في البقاء على طبيعته، فدولة الرقابة والملفات ليست المجتمع الحر الذي نريده».

وغداة تظاهرات كبيرة شارك فيها نحو 120 ألف شخص على الأقل في مدن فرنسية عدة للأسبوع التاسع على التوالي احتجاجاً على التصاريح الصحية، قبل أيام قليلة من دخول إلزامية تلقيح العاملين في القطاع الصحي حيز التنفيذ، أوضحت لوبن: «قلناها دائماً: نحن ضد الشهادة الصحة وطبعا صوتنا ضدها في المجلس الوطني».

وتابعت: «كرئيسة للجمهورية، لن أستسلم ولن أنحني ولن أركع في مواجهة من يريد الاعتداء على حرياتنا الفرنسية، فحرية التعبير هي حرية فرنسية للغاية، والحرية الوحيدة لمن يرفضونها هي الذهاب والعيش في مكان آخر»، في إشارة إلى السجال الذي شهدته فرنسا في أعقاب ذبح المدرس سامويل باتي على يد متشدد بسبب استخدامه رسماً مسيئاً للإسلام خلال حصة دراسية، ما تلاها من سن قوانين اعتُبرت أنها «تستهدف المسلمين».

ووعدت لوبن بتنظيم استفتاء حول الهجرة فور انتخابها، وباعتماد أكبر قدر من الصرامة في مكافحة الجريمة، متعهدة بـ «وضع الجانحين الفرنسيين في السجن، والأجانب في الطائرة»، وبترميم هيبة السلطة في «مدن المخدرات أو المناطق التي باتت أشبه بمناطق طالبان».

وتعهدت بإقرار استفتاء الاستشارة الشعبية الذي يسمح بطرح قوانين أو تعديلات قانونية على المواطنين، ونظام انتخابي بالنسبية.

على الصعيد الدولي، أكدت لوبن أن فرنسا ستنسحب من القيادة الموحدة للحلف الأطلسي التي تنشر برأيها «المنطق الحربي، الذي تخطاه الزمن للكتلتين السابقتين إبان الحرب الباردة»، منتقدة بهذه المناسبة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وقالت «فرنسا ستقرر بحرية أي حروب أو تدخلات عسكرية تقبل بتنفيذها بما يخدم مصلحتها الوطنية»، مؤكدة «لن يذهب أي فرنسي إلى حتفه في حروب ليست حروبنا».

وفي ما يتعلق بالمؤسسات الأوروبية، وعدت بـ «إعادة السلطة إلى الأمم».

وذكرت «سنعترف بحق كل دولة في تغليب مصلحتها الوطنية»، مؤكدة عزمها على «وضع حد للديكتاتورية التكنوقراطية المجنونة» التي تتهم المؤسسات الأوروبية بفرضها.

وتطرقت المرشحتان لموضوع النساء، فأكدت هيدالغو أن انتخابات 2022 ستشكل «لقاء أول امرأة رئيسة للجمهورية مع الفرنسيات»، واعدة بأن النساء سيحصلن «أخيرا على المساواة التامة والكاملة في الأجور كما في المسار المهني».

من جهتها، تحدثت لوبن عن النساء في مواجهة انعدام الأمن، فتعهدت بتشديد العقوبات ضد المضايقات في الشارع، وبالنضال من أجل السماح للنساء بنيل حريتهن. وقالت «سنعيد فرض حرية النساء والفتيات في التنقل بدون التعرض لمضايقات أو تهديدات... في أي ساعة من النهار أو الليل، في أي حيّ كان».

لوبن تتنحّى

وكانت لوبن أعلنت في وقت سابق أمس، تنحّيها مؤقتاً عن منصبها كرئيسة لـ «التجمع الوطني»، لإتاحة مزيد من الوقت لها للقيام بحملات انتخابية.