كشف مصدر رفيع المستوى في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن حكومة الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي مددت اتفاق حكومة الرئيس السابق حسن روحاني مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية لكن بـ "صيغة مغايرة" ودون الرجوع إلى البرلمان، الذي سبق أن عارض الخطوة، ووصفها بأنها انتهاك للقانون.

وذكر المصدر لـ "الجريدة"، أن حكومة رئيسي اتخذت الخطوة، التي همشت البرلمان الخاضع لهيمنة التيار المتشدد، بهدف "تنفيس الاحتقان"، بعد أن تعرضت لضغوط كبيرة من روسيا والصين و"الترويكا الأوروبية"، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، على مدار الشهر الماضي، وصلت إلى حد تهديدها بإرسال ملفها إلى مجلس الأمن الدولي، وتفعيل بند الزناد لإعادة فرض جميع العقوبات الدولية التي كانت سارية قبل إبرام الاتفاق النووي عام 2015.

Ad

ورأى أن حكومة رئيسي تأمل أن يقوي الاتفاق المؤقت موقفها لتفادي عاصفة إدانات دولية، خلال اجتماع مجلس حكماء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي بدأ في فيينا أمس.

وأوضح أن حكومة الرئيس الأصولي المتشدد، التي يترقب المجتمع الدولي خطواتها تجاه المفاوضات النووية، لم تبادر إلى تدمير البيانات، التي هددت حكومة روحاني في وقت سابق بحذفها، رغم مرور أكثر من شهرين على انتهاء صلاحية الاتفاق.

وأشار إلى أن الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الإيرانية علي أكبر صالحي أصدر تعليمات خاصة، تمنع التصرف أو المس بمعطيات كاميرات المراقبة، قبل صدور قرار بهذا الشأن من الجهات العليا.

ولفت إلى رصد محاولات قامت بها عناصر تابعة لـ "الحرس الثوري" لإعادة ضبط أجهزة المراقبة قبل أن تمنع بقرار مستعجل من المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي أوعز باستمرار عمل كاميرات وأجهزة الرصد.

وعشية اجتماع مجلس حكماء المنظمة الدولية للنظر في عدة خطوات استفزازية اتخذتها طهران بملفها الذري، دعا الرئيس الجديد لمنظمة الطاقة الإيرانية محمد إسلامي مدير المنظمة الدولية رفائيل غروسي، الذي زار طهران أمس الأول، للمساهمة في عدم تصعيد المواقف ضد الجمهورية الإسلامية، "لأن ذلك سيؤدي إلى أزمة عدم ثقة يمكن أن تنسف كل شيء".

وبين أن إسلامي شدد على أن حكومة رئيسي تريد استئناف مفاوضات فيينا لكن الجميع ينتظر اكتمال هيكلة وتشكيل فريق التفاوض الجديد واحتمال اسناد مهمة متابعته إلى المجلس الأعلى للأمن القومي بدلا من وزارة الخارجية.

وأضاف أن إسلامي وهو مساعد لرئيس الجمهورية أيضا، أكد لغروسي أنه في حال تيقنت طهران من وجود نية عملية لدى واشنطن لرفع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018 بالإضافة إلى حصر المفاوضات بجهود إحياء الصفقة الذرية، دون تناول موضوعات مثل التسلح الصاروخي والنفوذ الإقليمي، فإن رئيسي سيسرع في اتخاذ القرار بشأن حضور الجولة السابعة من مفاوضات فيينا.

وربط المتحدث باسم الخارجية الإيرانية السماح للوكالة الدولية بالوصول إلى تسجيلات كاميرات الأنشطة النووية بالتوصل إلى اتفاق في فيينا.

من جهته، أعرب المدير العام للوكالة الدولية، عن أمله حل القضايا النووية العالقة والعاجلة مع الحكومة الإيرانية الجديدة عبر حوار "تعاوني مباشر".

وقال غروسي، في بيان ألقاه أمام مجلس الحكماء، إن الوكالة تحققت وراقبت تنفيذ إيران لالتزاماتها المتعلقة بالمجال النووي حتى 23 فبراير 2021 بموجب "الاتفاق النووي"، في حين تم تقويض هذه الأنشطة بشكل خطير نتيجة لقرار طهران وقف تنفيذ الالتزامات.

وأكد أن عدم استجابة إيران لطلبات الوكالة للوصول إلى معدات المراقبة الخاصة بها يضر بشكل خطير بالقدرة التقنية للوكالة على الحفاظ على استمرارية المعرفة والتحقق من عدم وجود برامج تسلح نووية إيرانية.

وأشار غروسي إلى عدم تقديم طهران إجابات بشأن جزيئات نووية في 3 مواقع غير معلنة حتى الآن، وهو ما يضر بضمانات طبيعة سلمية برنامجها الذري.

ووعد المسؤول الدولي بالقيام بزيارة ثانية لإيران قريبا، لإجراء مشاورات رفيعة مع كبار المسؤولين بهدف تعزيز التعاون.

وكان الاتفاق السابق بين روحاني والمنظمة الدولية يكفل الاحتفاظ بالبيانات وكل ما يجري في المنشآت النووية مدة 3 أشهر، لكن دون السماح للمنظمة الدولية بالاطلاع عليها قبل نجاح مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي، ورفع العقوبات المفروضة.

وفي إشارة إلى تغير ما في نبرة طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده، إن العودة إلى مفاوضات فيينا ستكون قريبة، بعد أن أشارت طهران سابقاً إلى أنها تريد مهلة ثلاثة أشهر.

وأكد وزير الخارجية أمير حسين عبداللهيان، أن بلاده تجري مشاورات داخلية بشأن كيفية مواصلة المفاوضات النووية خلال اتصال مع نظيره البريطاني دومينيك راب.

وتزامن ذلك مع إجراء وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ، القادم من السعودية، مباحثات مع نظيره العماني بدر البوسعيدي في مسقط، تناولت الأوضاع في اليمن، و»الاتفاق النووي» الإيراني.

انزعاج إيراني من المناورات بين أذربيجان وتركيا

انتقد المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، سعيد خطيب زاده، المناورة العسكرية المشتركة في بحر قزوين بين تركيا وأذربيجان. وفي مؤتمره الصحافي أمس قال زاده: «تستند اتفاقيات الدول الخمس المطلة على البحر إلى عدم شرعية الوجود العسكري لدول أخرى غير هذه الدول الخمس، وهذه القضية قيد التحقيق من قبلنا».

وبدأت القوات الخاصة لتركيا وأذربيجان وباكستان، أمس، مناورات عسكرية مشتركة في العاصمة الأذربيجانية باكو.

وخلال الحفل الذي أقيم قبيل انطلاق المناورات التي حملت اسم «الأشقاء الثلاثة 2021»، أشار قائد القوات الخاصة الأذربيجانية، حكمت ميزاييف، إلى أن «تضامن تركيا وباكستان ودعمهما لأذربيجان خلال حربها ضد الاحتلال الأرميني دليل على روابط الأخوة بين البلدان الثلاثة».

وستستمر هذه المناورات حتى 20 الجاري.

وكانت تركيا وأذربيجان قد أجرتا الأسبوع الماضي مناورات عسكرية مشتركة في مدينة لاتشين في إقليم ناغورني كاراباخ الذي استعادته أذربيجان من أرمينيا بمساعدة تركيا العام الماضي.

● طهران - فرزاد قاسمي