في موازاة التفاؤل الذي يبديه كثير من المراجعين الإلكترونيين بوداع جملة «تعطل الأنظمة»، فإن ثمة هواجس يبديها البعض حيال التحديات الكبيرة أمام التحول الرقمي وقدرة الأنظمة الإلكترونية على استقبال معاملات المواطنين والمقيمين عبر شبكة واحدة.«الجريدة» استطلعت آراء عدد من المختصين في نظم المعلومات حول أسباب تعطل الأنظمة وما ينبغي اتخاذه من تدابير لإنجاح الأنظمة الإلكترونية الحكومية.
في هذا السياق، قال مدير إدارة نظم المعلومات في بلدية الكويت طارق المديني، إن انقطاعات الأنظمة في بعض الجهات الحكومية، وخصوصا في البلدية تنقسم إلى نوعين، أولهما الاضطرار إلى وقف النظام لإطلاق خدمات جديدة، والآخر متعلق بعمل صيانة لاكتشاف بعض الثغرات والأخطاء التي يجب تعديلها مع تسريع الاستجابة لأوامر الخدمات، مضيفاً أن هناك أسباباً خارجة عن الإرادة تتعلق بالشبكات الإلكترونية الخارجية. وذكر المديني أنه تم وضع فريق كامل لمتابعة عمل الخوادم الخاصة ببلدية الكويت لفترات متفاوتة على مدى 24 ساعة تجنباً لأي انقطاع مفاجئ، مشيراً إلى أنه يتم العمل على زيادة السعة الاستيعابية للبيانات قبل إطلاق أي خدمة جديدة من الممكن أن تؤدي إلى انقطاع مفاجئ في النظام.
لا حوافز للكوادر
من جانبه، قال مدير إدارة نظم المعلومات في الأمانة العامة للتخطيط والتنمية، عباس الوايل، إن جائحة كورونا فرضت ضرورة ملحّة لتطوير سريع في الخدمات والأنظمة الإلكترونية للجهات الحكومية، مما وضع الأنظمة غير المستعدة في حرج شديد، موضحا أن الأعطال الفنية التي تواجه الأنظمة دائماً ما تمثّل تحديا كبيرا أمام الهيئات والمؤسسات الحكومية، مما دعا إلى تشكيل لجنة وزارية لتطوير الخدمات تحت مظلة مجلس الوزراء، إحدى مهامها النظر في أعطال الأنظمة. وأكد أن المعلومات والبيانات هي أثمن خزينة في جهات الدولة، وتسربها سيهدر جهد الجهة ويعرّضها للخطر، مبينا أن بعض الأعطال خارجة عن إرادة الجهة، مثل قدرة شبكات الإنترنت على الاستجابة السريعة، وهي نادرة الحصول.ضعف الدعم الفني
بدوره، قال مستشار "نظم المعلومات" قصي الشطي، إن ضعف الدعم الفني وفقد الأجهزة الطرفية وربطها مع التطبيقات الخلفية وقواعد البيانات، ومتابعة عقود الصيانة، جميعها أسباب تتعلق بتعطل الشبكة، مضيفاً أن بعض الجهات تضع جل اعتمادها على الشركات المسؤولة عن الصيانة بشكل كبير. وبيّن الشطي أن إدارة قواعد البيانات وعلاقة المستخدم المتمثل بالموظف مع النظام تأثيره على المستفيد، يجب أن تكون تحت إدارة الجهة، لكن ما يحدث أنها غالباً ما تصبح منطقة رمادية، لافتاً إلى أن دور الكوادر يكمن في إدارة قواعد البيانات، الأمر الذي تفتقده الكثير من الجهات الحكومية، مما يشير إلى قصور ينمّ عن عدم فهم طبيعة عمل البعض، الأمر الذي يدفع بتسليم قواعد البيانات للشركة المنفذة للنظام. وأضاف أن أجهزة الخوادم يجب ألا يتجاوز عمرها 3 سنوات أو بعد انتهاء الكفالة، موضحا أن "بعض الجهات تعاني تقادم الأجهزة، وهذه أحد عوامل توقف النظام". وأشاد الشطي بتطبيق "سهل"، واعتبره خطوة موفقة، إلا أنها تواجه تحدياً مع الأنظمة واستعدادها على مدار الساعة للاستجابة للطبات وتستوعب الأحمال والبيانات، قائلا إن إيجابيات التوسع في الخدمات الإلكترونية تكمن في قدر فاعليتها وتلبيتها لتطلعات الجهة، وبالفعل قادرة على أن تحل محل التعامل الورقي وتعطي المحصلة النهائية.حلول الأنظمة الإلكترونية:
فنياً- استقطاب أنظمة مرنة. - صياغة عقود صيانة باحترافية وتبني أنظمة متطورة. - تجنب شراء البرامج من ضمن عقود الصيانة. - كفالات شاملة للأجهزة والبرامج المستخدمة في النظام ولمدة لا تقل عن 3 سنوات. - وضع خادمين للطوارئ، ليتسنى في حال تعطل أحدهما الانتقال للآخر.إدارياً- وضع آلية لمحاسبة المتسبب في تعطل النظام إدارياً - برامج تدريب للموظفين لحسن استخدام النظام والإلمام بجوانب الصيانة - تشجيع الكوادر البشرية على العمل في مجال تقنية المعلومات - وضع خطط بديلة لتفادي إيقاف الخدمات والأنظمة الإلكترونية
اختبار الأنظمة
من جانبه، قال مستشار أمن المعلومات رائد الرومي إن مشكلة تعطّل الأنظمة التي تواجه المؤسسات الحكومية وتتردد على مسامع المراجعين ناتجة عن قصور في البرامج أو المستخدم، مبيناً أن الشركة المشرفة على الأنظمة يقع على عاتقها مسؤوليات كبيرة، فكثير من الجهات لا تملك العناصر والخبرات التي تتابع اختبار الأنظمة.وأفاد بأن أحد الحلول يتمثل في وضع خادمين، ليتسنى في حال تعطل احدهما الانتقال للآخر بسلاسة دون تعطيل النظام، لكن أغلب الجهات الحكومية لا تملك هذه الخاصية مما يجعل المراجع ينتظر لحين إصلاح الخلل وقد تأخذ العملية أياماً. وأكد ضرورة حماية الأجهزة الخاصة بالشبكة لعدم التلاعب بها من أي موظف، كما يجب أن تكون هناك خطة بديلة لاستقبال الطلبات الخاصة بالمراجعين إلى حين انتهاء الخلل في النظام، مع جعل عملية الإدخال تتم لاحقاً، مشدداً على ضرورة عدم تحميل المراجعين ضريبة جهل الإدارة بالتعامل مع الأجهزة.البوابة الإلكترونية
«تقنية المعلومات»: ضعف التزامات عقود الصيانة
قال نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات ناصر العيدان إن أسباب الانقطاعات غالباً ما تكون متشعبة، لكن يمكن تلخيصها في الأمور الفنية التي تتعلق باتفاقية مستوى الخدمة، وضعف التزامات عقود الصيانة للشركات، فضلاً عن صياغة المتطلبات التشغيلية في عقود الصيانة لاسيما عند طرح المشاريع، والجمود وعدم إنشاء أنظمة منفتحة ومرنة قابلة للتطوير والتوسع، ومتكاملة بحيث تتيح الإمكانية لربطها مع جهات أخرى، مضيفاً أن أخطاء صياغة العقود قد تعطي النظام فقط مدة سنتين أو ثلاث سنوات، ثم تبدأ المشاكل الفنية في الظهور خصوصاً عند التطوير. وأشار العيدان إلى عدم وجود خطط طوارئ عملية في حالة انقطاع مزود الكهرباء أو المعلومات، إلى جانب سوء تقدير الزيادة المتوقعة لمستخدمي النظام مما يثقل عليه، وتلك من النقاط المهمة التي قد يغفل عنها البعض بحيث تتيح الاستمرارية، مبيناً أن الأسباب الإدارية تتمركز في عدم إلمام الموظف باستخدام النظام والتعامل معه ونقص عدد الموظفين، وقلة تشجيعهم للعمل في مجال تقنية المعلومات ليصبحوا متخصصين.