عواقب سياسات ما بعد «11 سبتمبر»
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
فبعد أسابيع من أهوال الحادي عشر من سبتمبر، بدأ «محافظون جدد» بارزون من داخل إدارة بوش وخارجها يخططون لحروب تستعرض الحسم والقوة الأميركيين، بناء على الأيديولوجيا لا على أساس واقعي أو معلومات استخباراتية جيدة، وجادل أصحاب النظريات الأيديولوجية هؤلاء بأننا هوجمنا لأنه نُظر إلينا باعتبارنا ضعفاء، ومن ثم فتوجيه ضربة حاسمة ضد الإرهابيين وأنصارهم ضروري لإظهار بأس وسطوة القوة الأميركية.وبالإضافة إلى هذا، اعتُبرت الأزمة فرصة لإحياء مشروعهم الأثير منذ فترة طويلة وهو الإطاحة بالنظام الحاكم في العراق لإظهار أن القوة الأميركية تضمن هيمنتنا في عالم ما بعد الحرب الباردة، وجادلوا بأن استهلال هذه الفترة يبدأ بحكومة ديموقراطية صديقة في العراق تقوم بدور «منارة» نشر الديموقراطية في المنطقة، وهذا المشروع برمته قام على خيال وليد أيديولوجية، وعواقبه استمرت، صحيح أن المشروع نجح في الإطاحة بطالبان لفترة من الوقت ومقتل أسامة بن لادن في نهاية المطاف، لكن المهمة لم تكتمل في أفغانستان- بصرف النظر عن مدى إمكانية إتمامها- حتى حولوا مواردهم إلى العراق. وأطيح بصدام حسين، وتم تنصيب حاكم أميركي على العراق أقام فيه نموذجاً لنظام حكم قائم على أساس طائفي مما كان له عواقب كارثية، فقد لقي مئات الآلاف من العراقيين ونحو خمسة آلاف أميركي حتفهم، وتم إهدار تريليونات الدولارات، واستُنزفت قدرات الجيش الأميركي ونفدت موارده وتضررت الهيبة الأميركية بشدة، ووجدت إيران موطئ قدم في العراق للمضي قدماً في تحقيق قائمة أولوياتها الطائفية، واستمدت جسارة لتوسع نهجها التدخلي عبر المنطقة، وبدلاً من إلحاق الهزيمة بالتطرف، أسهمت الحروب في انتشاره، وبدلاً من استهلال حقبة من الهيمنة الأميركية، تمخضت الحرب عن شرق أوسط متعدد الأقطاب وقوى إقليمية تتنافس على النفوذ. وبعد مرور عام على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كتب الصحافي الأميركي جيمس فالوز مقالاً بعنوان «عام بوش الضائع»، تحسر فيه على قرار الإدارة العمل منفردة بصلف رداً على الهجمات، وبدلاً من الاستناد إلى تأييد العالم، بدد بوش ما كان موجوداً من هذا التأييد، ونتائج هذه الخيارات المصيرية مازالت تطاردنا اليوم بعد مرور 20 عاماً. * رئيس المعهد الأميركي العربي في واشنطن.