قمة بين بوتين والأسد في موسكو قبيل «حوار جنيف»
الرئيس الروسي يعتبر الوجود العسكري الأميركي والتركي المشكلة الوحيدة في سورية
قبل أسابيع قليلة من جولة جديدة من الحوار الاستراتيجي الروسي - الأميركي في جنيف، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو نظيره السوري بشار الأسد وأجريا مباحثات، في حين يرى مراقبون أن موسكو تحاول اقتناص اللحظة الإقليمية لتحقيق مزيد من المكاسب لدمشق خصوصاً لناحية إنهاء حالة العزلة التي تعيشها سورية منذ سنوات.
بعد دخول القوات السورية النظامية إلى منطقة درعا البلد للمرة الأولى منذ عام 2011، وبروز مؤشرات إلى تهاون أميركي إزاء دمشق برز خصوصاً بمباركة واشنطن لاتفاق الغاز المصري إلى لبنان، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليل الاثنين ـ الثلاثاء الرئيس السوري بشار الأسد في زيارة تعد الثالثة إلى روسيا منذ 2011. وفي حين تستعد روسيا لجولة جديدة من الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة في جنيف نهاية الشهر الجاري، قال بوتين لدى استقباله الأسد في موسكو، إن «القوات الأجنبية التي يجري نشرها في سورية من دون قرار من الأمم المتحدة تشكل عائقاً أمام إعادة توحيد البلاد وتمثل انتهاكاً للقانوني الدولي» في إشارة الى القوات الأميركية والتركية.وعقدت آخر جولة من الحوار بين روسيا والولايات المتحدة حول الاستقرار الاستراتيجي في جنيف في يوليو الماضي، ومن المقرر عقد جولة جديدة أواخر الشهر الجاري.
ورأى بوتين، وفق ما أورد بيان صادر عن الكرملين، أن «المشكلة الرئيسية» في سورية هي التدخل الأجنبي، مشدداً على أنه «من أجل المضي قدماً في طريق استعادة البلاد يجب أن تكون السيطرة لحكومة شرعية واحدة».وإذ أشار إلى نجاح القوات الحكومية السورية بالسيطرة على «90 في المئة من الأراضي» السورية، امتدح بوتين الأسد بسبب فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة بنسبة «تجاوزت الـ 95 في المئة»، قائلاً: «تشير هذه النتيجة إلى أن الشعب يثق بك ورغم صعوبات السنوات الماضية والمآسي التي شهدتها تلك السنوات، فإن الناس لا تزال تربط عمليتي التعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية، بك». وتابع قائلاً لنظيره السوري: «أعلم أنك تعمل الكثير من أجل هذا التعافي والعودة، بما في ذلك إجراء حوار مع خصومك السياسيين آمل أن تتواصل هذه العملية».
شكر الأسد
من جهته، حيا الأسد «الإنجازات الكبيرة التي حققها الجيشان السوري والروسي ليس فقط من خلال تحرير الأراضي أو من خلال إعادة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم لكن أيضاً من خلال حماية مواطنين أبرياء كثر في هذا العالم من شرور الإرهاب».وأكد الرئيس السوري أن عملية «تحرير الأراضي» تجري بالتوازي مع «العملية السياسية» وأعرب عن شكره للحكومة والشعب الروسي على المساعدات الإنسانية التي تُقدمها موسكو لبلاده.لكنه أشار إلى أن العملية السياسية التي بوشرت قبل سنتين تقريباً تواجه «عوائق، لأن هناك دولاً تدعم الإرهابيين وليست لها مصلحة في أن تستمر هذه العملية بالاتجاه الذي يحقق الاستقرار في سورية».وأورد بيان للرئاسة السورية أن اللقاء تناول التعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب و«استكمال تحرير الأراضي».سرية وتقديرات
في غضون ذلك، أرجع الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، عدم إعلان موسكو عن الزيارة مسبقاً لـ «أسباب أمنية»، في حين أفادت تقديرات تداولت على منصات موالية لحكومة دمشق بأن الإدارة الأميركية بحثت مع موسكو «الانسحاب الأميركي من سورية» أخيراً، تمهيداً للحوار المرتقب بين البلدين في جنيف.وأفادت الأوساط المحسوبة على الحكومة السورية بأن الروس نقلوا قلقهم إلى الجانب الأميركي من «الاعتداءات الإسرائيلية» على دمشق التي تقول الدولة العبرية إنها تستهدف ضرب تموضع المليشيات الموالية لطهران.كمــا تحدثت عن تخطيط روسي - سوري باتجاه «تحرير ما تبقى من أراضٍ سورية» وسط تحركات ميدانية وضربات جوية تشنها الطائرات الروسية بمناطق في محافظة إدلب الشمالية التي تخضع مساحات واسعة منها لجبهة «تحرير الشام» وفصائل أخرى معظمها إسلامية.وتأتي خطوة موسكو، التي سبق أن قلب تدخلها العسكري عام 2015 الموازين على الأرض لمصلحة قوات الأسد ضد المعارضة المسلحة، في وقت تشهد المنطقة حراكاً باتجاه التطبيع مع ما يوصف بـ«الأمر الواقع» في دمشق التي أبرمت صفقة لنقل الغاز المصري عبر الأردن إلى لبنان بضوء أخضر أميركي. وعزز استقبال بوتين للأسد ما يبدو أنها خطوات تمهد لبلورة «واقع جديد»، في البلد العربي، مع نجاح موسكو في مد نفوذها على حساب إيران وفصائلها التي تنشط في جنوب سورية واعتمادها سياسة «العصا والجزرة» مع تركيا لدفعها باتجاه التخلي عن وجودها العسكري بإدلب مقابل تعاون روسي يساعد بإنهاء الدعم الأميركي العسكري للأكراد.غارات وإنزال
في غضون ذلك، واصل الطيران الحربي الروسي، أمس، ولليوم الثالث على التوالي، غاراته على شمال غربي سورية الخاضع لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين أنقرة وموسكو. من جانب آخر، أفادت وكالة «سانا» السورية الرسمية بأن القوات الأميركية نفذت إنزالاً جوياً على أطراف مدينة الحسكة واختطفت مدنيين اثنين بمساعدة مسلحي «سورية الديمقراطية» (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد.لا أمان
من جهة أخرى، حذرت لجنة التحقيق الدولية المعنية بالشأن السوري، أمس، من أن الوضع في سورية غير مناسب من أجل عودة آمنة وكريمة للاجئين، بعد مرور عشر سنوات على بدء الصراع.«سيد الكرملين» إلى الحجر الصحي
رغم إعلان الرئاسة الروسية (الكرملين) أن الرئيس فلاديمير بوتين يخضع لحجر صحي، بعد رصد إصابة مسؤول مقرب منه بفيروس كورونا، فإن معظم التعليقات العربية ربطت الخطوة باللقاء الذي جمع بوتين بالرئيس السوري بشار الأسد، في موسكو ليل الاثنين - الثلاثاء. ورغم أنه خضع لفحص للكشف عن الفيروس وجاءت النتيجة سلبية، قال بوتين، خلال مؤتمر عبر الفيديو مع كوادر من حزبه ومسؤولين حكوميين، وبثه التلفزيون: «آمل أن يسير كل شيء كما ينبغي، وأن يُظهر لقاح سبوتنيك-في، حقاً، المستوى العالي من الحماية، الذي يوفره ضد كوفيد- 19».وكان من المفترض أن يتوجه بوتين إلى دوشانبي، عاصمة طاجيكستان، لحضور قمة إقليمية لمجموعة شنغهاي، في وقت لاحق هذا الأسبوع، لكنه اعتذر وأجرى اتصالات بنظرائه في دول المجموعة، بما في ذلك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. ولم يتضح بعدُ ما إذا كان الرئيس سيخضع للحجر طوال فترة الانتخابات المقررة من 17 إلى 19 سبتمبر.وكان الرئيس الروسي أعلن في أواخر يونيو أنه تلقى لقاح سبوتنيك المضاد للفيروس، بعد أشهر من السرية التي أحيطت بالمسألة. لكن «الكرملين» لم ينشر صوراً لتلقيه اللقاح.وأمس الأول، التقى بوتين الرئيس السوري بشار الأسد، وأظهرت الصور الرجلين يتصافحان باليد بالطريقة التقليدية، ولم يرتدِ أي من الوفدين الكمامات. وكان الأسد أصيب بـ «كورونا» في مايو الماضي، وتعافى منه، وأعلنت دمشق في يونيو أن الأسد تلقى لقاح «سبوتنيك في». كما التقى الرئيس الروسي رياضيين من بلاده عائدين من الألعاب البارالمبية التي استضافتها طوكيو.
موسكو ترى فرصة في توسيع «التطبيع» مع دمشق تحت عنوان تحجيم نفوذ طهران