استوقفتني شكاوى أهالي إحدى المناطق الحضرية في الدولة وهم يشكون الأرق والقلق وقلة النوم بسبب مولد كهربائي (جنيريتور) متصل بإحدى المدارس وصوته العالي المتسبب بمشاكل جمة لأهالي المنطقة بالأخص ذلك "الفريج"، فقط لأقول لنفسي وبصوت هزلي ساخر بأن هذا المولد هو في الواقع أبسط البسيط وأهون الهين من علامات العودة للمدارس بعد قرابة السنتين من انقطاع الطلبة من جراء تبعات الجائحة الملعونة التي اجتاحت العالم بأسره. ما لا يعلمه الكثير أن موضوع جاهزية المدارس من بعد فترات الإجازة ليس بالجديد، ولا هو أصلا محل نقاش لدى الكثير بسبب تعودهم على البلاء ذاته والابتلاء السنوي نفسه، فوحدات التكييف وأصواتها ومولدات الكهرباء أصبحت من علامات "خيبة" التعليم والشكوى لدى العديد من المدرسين والأساتذة في كل المناطق التعليمية.
ومع موسم الرطوبة الصيفية قبيل ظهور نجم سهيل، يبدأ السيل داخل الفصول بسبب وحدات التكييف الحار أصلا لكفاءته المتواضعة، والواقع المر يروي أن العديد من المدارس يقوم المدرسون فيها بأعمال التنظيف والترتيب وأعمال أخرى لا علاقة لهم بها، فقط ليترحموا على أيام ما كانت الصيانة تخضع مباشرة للوزارة وأقسامها،لا تحت رحمة العقود والمناقصات والأطراف الثالثة، وكأنهم يتعمدون عدم إصلاح الأعطال الفنية بالمدارس لتكون أهم رافد مالي مستدان (أو هكذا رأيت فيما يرى النائم فليس علي حرج إذاً)!عموماً موضوع الصيانة وإعداد بيئة دراسية سليمة هو من صلب مهام الحكومة، ولكن الدعم كل الدعم للأساتذة "المساكين" الذين أصبحوا يعملون في كل مجالات الخدمات فقط لإعداد المدرسة، وهي في الأصل من المفترض أن تكون جاهزة لاستقبالهم واستقبال الطلبة ابتداء من تاريخ 19 الشهر الجاري إلى بداية أكتوبر. طبعا ناهيك عن رفض الوزارة إعداد بيئة تعليم جيدة بنظام مدمج حضوري وعن بعد للطلبة لمواكبة التعليم وتبعاته من بعد الجائحة، فقد ارتأت الوزارة أن تدق مسماراً في كل طالب ليجلس على كرسيه لمدة ساعة وبمنهج مقلص بنسبة 25٪ ليوم وآخر يترك للراحة في خطة أشبه بخطة حرب النجوم لا خطة عودة للمدارس، فالخلط الحاصل ما بين عقلية الماضي وتعليم الطلبة اليوم بدا واضحا وجليا وسيخلق فجوة في التعليم يدفع ثمنها الوطن غاليا جدا في المستقبل. الأصل أن تقوم الوزارة بالتعليم المدمج الآن وتواكبه بالاشتراطات الصحية السليمة للمواد الفنية أيضا، وإعطاء الطلبة الفسحة الصحية والصحيحة للإبداع من بعد الابتعاد بسبب بلاوي كورونا، وأتمنى أن أرى هذا وأكثر في طريقة مناهجنا وتعليمنا اليوم، والله كريم وهو المستعان. على الهامش:إن تم تقيلص امتيازات ورواتب القطاع النفطي، فلن يتوقفوا (هم) عند ذلك وسيكون الدور على باقي القطاعات وبالحجة نفسها "شد الحزام على خصر الميزانية"، انتبهوا يا من تقولون: "لا علي منهم ولست موظفا في القطاع النفطي"، فاليوم هم وغداً سيطولك المقص نفسه، فالمكتسبات هي المكتسبات والأصل ألا تمس.
أخر كلام
فجوة التعليم و«جنيريتور» الوزارة!
16-09-2021