أزاحت الحكومة الإيرانية الجديدة الستار عن تعديلات بوزارة الخارجية كشفت عن تهيئها لخوض مرحلة أكثر تشدداً في التعاطي مع القضايا الدولية، وخصوصاً ملفها النووي وسط الجمود والغموض، الذي يعتري مصير مفاوضات فيينا، غير المباشرة مع الولايات المتحدة، بشأن إحياء الاتفاق النووي، المبرم عام 2015، بوساطة مجموعة «4+1». وشملت أبرز التعديلات، التي أجرها وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، مساء أمس الأول، عزل عباس عراقجي، كبير المفاوضين النووي، وتعيين علي باقري كني المعارض المتشدد للاتفاق النووي.
كما عيّن وزير الخارجية محمد فتح علي مساعداً للإدارة المالية، ومهدي صفري مساعداً للدبلوماسية الاقتصادية. وقد حل هذان الشخصان محل علي أبو الحسني، وسيد رسول مهاجر، على التوالي.وعلمت «الجريدة» من مصدر مطلع أن تعيين كني، الذي سبق أن شارك بمفاوضات مع الغرب بشأن البرنامج الذري لبلاده باءت بالفشل وانتهت بفرض عقوبات دولية على طهران إبان حكم الرئيس الأسبق أحمدي نجاد، جاء بتنسيق بين الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي ومكتب خامنئي على أن يتم تسميته عضواً من المرشد بالمجلس الأعلى للأمن القومي لتسهيل بسط قبضته على فريق التفاوض النووي بفيينا.
معارضة وخلاف
وحسب المصدر، فإن وزير الخارجية عارض بشدة تعيين كني وأصر على تسلم ملف المفاوضات النووية شخصياً الأمر الذي اضطر رئيسي كي يأخذ موافقة المرشد ويبلغها لعبداللهيان لإسكاته.ولفت المصدر إلى أن إطالة زمن اتخاذ القرار بالنسبة للوفد المشارك في الجولة السابعة من مفاوضات فيينا، المتوقفة منذ أواخر يونيو الماضي، يكمن في وجود خلافات عديدة، لم يستطع رئيسي حسمها، تتعلق ببعض المناصب مثل منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي وأن الخارجية الإيرانية مازالت مصرة على أن يكون ملف المباحثات الذرية تحت إشرافها.وأشار إلى أن أحد الأسباب الأساسية لمعارضة عبداللهيان تعيين كني، يكمن في أن الأخير، الذي ينتمي لعائلات رجال الدين المتنفذة، كان مرشح رئيسي الأصلي لتولي حقيبة الخارجية قبل أن يضطر للتراجع أمام تحركات قام بها عبداللهيان ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف لحشد النواب من أجل توزير عبداللهيان الذي كان يشغل منصب مساعد رئيس البرلمان.وجاء الكشف عن تعيين الأصولي المتشدد صاحب الآراء المثيرة للجدل بشأن حقوق الإنسان والرافض لتقديم أي تنازلات للغرب، رغم المعارضة الداخلية الواسعة التي استبقت طرح اسمه لتولي ملف التفاوض النووي تخوفاً من احتمال صدامه مع القوى الكبرى، بعد ساعات من اتصال هاتفي أكد فيه عبداللهيان لنظيره البريطاني دومينيك راب أن طهران تجري مشاورات داخلية «حول كيفية المضي في محادثات فيينا». وكني (53 عاماً) ابن محمد باقر باقري المشرف على جامعة الإمام الصادق، التي تعتبر مركز تدريب كوادر الأصوليين في البلاد. وهو والد مصباح الهدى، المتزوج من هدى علي خامنئي ابنة المرشد الإيراني.استئناف واستعجال
في غضون ذلك، أفادت تقارير، أمس، بأن المحادثات النووية قد تُستأنف في فيينا بعد 3 أسابيع.ووفقاً للمصادر ستُستكمل المفاوضات من حيث توقفت، ولن يكون هناك تفاوضٌ على ما تم تدوينه. في غضون ذلك، طالبت الولايات المتحدة، أمس، إيران بالعودة السريعة الى مفاوضات فيينا دون تأخير والامتناع عن المزيد من التصعيد.وأكد المندوب الأميركي لويس بونو أمام مجلس محافظي الوكالة الدولية المنعقد بفيينا أنه يجب على طهران أن تتحرك باتجاه العودة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 وليس الابتعاد عنه، معتبراً أن إدارة الرئيس جو بايدن أعلنت نواياها الطيبة واستعدادها لرفع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب بعد انسحابه الأحادي من الصفقة الذرية عام 2018.في موازاة ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء ما وصفه بتلكؤ إيران في الالتزام بتعهداتها وحث حكومتها الجديدة على الإسراع في العودة إلى مفاوضات فيينا من دون تأخير. من جهته، رحب مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية ميخائيل أوليانوف بزيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة رافائيل غروسي الأخيرة إلى طهران.وقال إن الزيارة التي تضمنت تمديد اتفاق مؤقت بشأن مراقبة وتفتيش المنشآت الذرية خففت حدة التوتر بعد أن توقفت مباحثات فيينا في الـ20 من يونيو الماضي عند الجولة السادسة بسبب انتهاء ولاية حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني.تعايش إسرائيلي
من جانب آخر، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أن إسرائيل ستكون مستعدة للتعايش مع اتفاق نووي جديد مع إيران، على أن تكون للولايات المتحدة خطةٌ بديلة في حال عدم التزام الجمهورية الإسلامية.وطلب غانتس أن تتضمّن الخطة الأميركية البديلة ضغوطاً اقتصادية واسعة على إيران، في حال فشلت المحادثات.كما ألمح إلى أن لدى إسرائيل خطةً ثالثة، قد تنطوي على عمل عسكري، خصوصاً أن الجيش الإسرائيلي يعدّ إجراءاته لوقف التقدّم النووي الإيراني بعد تقرير عن تحقيق طهران اختراقاً يتيح لها إنتاج قود لرأس ذري بغضون شهر.