وصف اقتصاديون قرار ترحيل الوافدين الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاماً بالسيئ، وله تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني. وأكدوا في حديثهم لـ "الجريدة"، أن أغلب القطاعات الاقتصادية سيضرر نتيجة عدم دراسة هذا القرار بشكل وافٍ، وعدم الاستعانة برأي المختصين في قطاع الأعمال، خصوصاً أنه يمس 62 ألف مقيم، منهم من يعمل في المصانع والصيرفة والمطاعم والمهن الحرفية والعقار وغيرها من القطاعات المتشبعة. وشددوا على أنه من الصعب تعويض تلك العمالة التي تمتلك خبرات، وعملت في مهنتها سنوات كثيرة، مشيرين إلى أن تلك القطاعات تهم شريحة واسعة من المواطنين وتخدم احتياجاتهم. وطالبوا بإعادة النظر إلى هذه الفئة العاملة واستثنائها من هذا القرار، كما طالبوا بإخضاع العاملين في القطاعات المهمة لاختبارات بجهات محايدة تؤكد مدى قدرتهم على الإنتاج، خصوصاً أنه في ظل تطور الطب الحديث ووجود المستشفيات من الممكن استمرار عطائها. وبينوا أن الهدف من القرار كان تعديل التركيبة السكانية، ولكن ذلك ليس حلاً ناجعاً، إذ إن هناك حلولاً وخطوات أخرى تستطيع الدولة بها تخفيف الأعداد وتعديل التركيبة. وأكد معنيون بقطاع المقاولات ومواد البناء والمطاعم والصناعة والعقار حاجتهم إلى الخبرات التي تم تعليمها على مدى سنوات عدة، والشركات بحاجة إلى الأيدي العاملة والإداريين والمهندسين الفنيين، مطالبين بإعادة النظر في هذا القرار المجحف لتلك الشريحة الواسعة. وذكروا أن أغلب المقيمين في الكويت الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاماً أقاموا فترة طويلة، ولهم عقارات بأسماء كفلائهم، ولديهم مشاريع تجارية، ويشكلون عدداً لا بأس به في قطاع التجزئة، وهو ما سيكون له ضرر كبير على الاقتصاد. وفيما يلي التفاصيل:
قال عضو غرفة تجارة وصناعة الكويت، عبدالله الملا، إن أغلب القطاعات الاقتصادية والحرفية ستتضرر من هذا القرار، سواء كانوا العاملين في المصانع أو مبيعات السيارات أو الصيرفة أو موظفي الميكانيك أو قطاع المطاعم، وغيرها من القطاعات الأخرى.وأشار الى صعوبة تعويض تلك العمالة ذات الخبرات التي عملت بمهنتها سنوات عديدة، مبينا أنها قطاعات تهمّ شريحة واسعة من المواطنين، الى جانب تأثر المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومستغرباً عدم تجديد أذونات الوافدين المتجاوزين 60 عاماً لعدم حملهم شهادات، مشيراً الى هناك أصحاب خبرات منذ تخرّجهم بالثانوية العامة وهم في سوق العمل.وبيّن أن الحل المناسب هو أن يتم النظر الى هذه الفئة العاملة واستثنائهم من هذا القرار، مؤكداً أن تأثيره على الاقتصاد سيكون كبيراً، وسيشمل كل القطاعات الاقتصادية في الكويت، فنحن هنا بحاجة الى تجديد الدماء في بعض الأعمال، لكنّ هذا القرار يجب أن ينطبق على الموجودين حالياً إن كنّا نريد حماية اقتصادنا الوطني يجب أن يطبق على الداخلين الجدد. وتساءل: كيف يتم الاستغناء - بين ليلة وضحاها - عن 30 الى 40 موظفا في الشركة الواحدة دفعة واحدة؟ وهو الأمر الذي سيطال تلك القطاعات، وسيكون له تأثير بالغ على المهن وسيضر الشركات.وذكر أنه يجب أن يطبّق على الوافدين الجدد، مع استثناء الفئة القديمة، وخاصة أن صاحب العمل وجد أن هذا الشخص ملتزم في مهنته أخلاقياً لإنجاز هذه الأعمال ومجاز صحياً ويغطي تأمينه الصحي.وأشار الى أن العديد من الشركات أبدت استعدادها لتغطية تكاليف التأمين الصحي لموظفيها متجاوزي الـ 60 عاماً، متسائلاً: ما أبعاد القرار وما الهدف منه، خاصة أن أعدادهم 62 ألف وافد، ويمسّهم هذا القرار؟وأفاد بأنه قبل اتخاذ أي قرار من هذه القرارات، علينا أن ندرك ماهية الإحصاءات، خاصة أننا اجتمعنا (نحن ممثلي الغرفة) مع اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء قبل 3 أشهر، ووعدونا باتخاذ القرار خلال أسابيع، وأنه سيتم إعادة النظر فيه، وتحديد قيمة التأمين الصحي.وأشار الى أننا بحاجة الى تلك العمالة، خاصة أنه من الصعب جداً تعويض هذه الخبرات لدخولهم في سوق العمل مجدداً.وبيّن أن تعديل التركيبة السكانية لا يتم حله من خلال هذا القرار، خاصة أن هناك خطوات أخرى تستطيع تخفيف الأعداد بها، مشيراً الى أن نسبة التركيبة السكانية هي ذاتها، ومبينا أن هناك مشاريع ضخمة تحتاج الى تلك العمالة، ولا توجد العمالة الكافية لإنجازها.
قطاع المقاولات
من جانبه، قال الخبير الصناعي أحمد النوري إن قطاع المقاولات ومواد البناء بحاجة الى استثناءات لخبرات من تجاوزوا الـ60 عاماً، مشيراً الى أنه ليس من الصحيح تعميم قرار ترحيل الوافدين متجاوزي الـ60 عاماً على الجميع.وبيّن أن هناك أكثر من فئة بقطاع المقاولات ومواد البناء، فمن لديهم خبرات فوق الـ40 سنة من المفترض أن يتم تقنينهم، وأن يتم عمل اختبار قدرات خاصة، ومن يثبت قدرته يتم استثناؤه من هذا القرار، أما مَن يرسب في تلك الاختبارات، فمن الممكن الاستغناء عنه.وأكد أن هناك فئة الأيدي العاملة وفئة الإداريين والمهندسين الفنيين، وسأخص الفنيين الذين من المفترض أن يكون لهم اختبار قدرات وخبرات وتقييم من أطراف محايدة، ومن ينجح في تلك الاختبارات يمكنه البقاء واستكمال عطائه في الدولة، أما فئة الأيدي العاملة فمن الممكن الاستغناء عنها لصعوبة استكمالهم الأعمال الشاقة، وبها ضرر عليهم. وقال إننا بحاجة الى الخبرات، معتبرا أن مفهوم عمر الـ60 عاما لم يعد اليوم كالسابق، ويعتبر من ضمن فئة الشباب، ولديه القدرة على العطاء، خاصة مع تطوّر الطب والأدوية، ومع تغيير الثقافة الرياضية، ونرى ذلك على المواطنين كذلك أنهم بعد التقاعد نجدهم يرغبون في فتح مشاريع ويستمرون في العطاء. وبيّن أن الدولة بحاجة الى بعض الخبرات، وليس من الصحيح تطبيقه على الجميع، مفيداً بأن بعض الخبرات التي لا يمكن إحلال المواطن مكانه من الممكن الاستفادة منها، ومن الممكن استثناء هذه الخبرات عبر التقنين وبشروط، لتؤكد كفاءة تلك الخبرات.الاقتصاد سيتأثر
قال نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار، عماد حيدر، إن تأثير قرار ترحيل الـ60 عاماً على القطاع العقاري، سيكون سيئا وسلبيا على الاقتصاد الكويتي قبل أن يكون له تأثير على القطاع العقاري.ومن الواجب أن يتم التفريق بين المقيم والوافد، حيث إن أغلب المقيمين في الكويت تجاوزت أعمارهم 60 عاماً في الكويت، وعملوا وتزوجوا ودرسوا في الكويت وأقاموا فترات طويلة ولهم عقارات بأسماء كفلائهم، ولديهم مشاريع تجارية.ولفت الى أن الاقتصاد سيتأثر، لأن العديد من المطاعم والمحال وقطع الغيار وتجارة التجزئة أغلبها بأسماء كويتيين، لكنّ الملاك الفعليين هم المقيمون، مشيراً الى أن هناك العديد من الدول تميّز المقيم من الوافد، خاصة من وضع أمواله في الدولة ويستثمرها فيها. وأشار الى أنه من الممكن تطبيق قرارات أخرى؛ منها الإحلال في الوزارات، لكنّ تطبيقه على من يعمل في القطاع الخاص سيضر البلد والاقتصاد، وبالتالي القطاع العقاري.وأشار الى أن المشكلة الأساسية تكمن في العلاج، ومن الممكن طرح بدائل في منعهم من المعالجة بالقطاع الحكومي، وتنتهي القضية، وجعل من يتجاوز الـ 60 عاماً يتم علاجه على نفقته الخاصة بالقطاع الخاص، وسيتم تشجيع هذا القطاع وتشجيع الوافد على استكمال مسيرته في العمل دون منعه من العلاج. وإن كان الغرض من هذا القرار هو تعديل التركيبة السكانية، فإن الدولة لم تحلّها بهذا القرار، حيث تم الاستغناء عن الـ60 عاماً وجلب الـ20 عاماً، فأين التصحيح؟ ونستنتج أنها من الناحية الاقتصادية مضرة، ومن ناحية تعديل التركيبة السكانية فلم تُحل، أما من الناحية العلاجية فيمكن حلها بكل سهولة دون تحمّل الدولة التكاليف، ولكن إن كان هناك قرار يتعلق بالإحلال في القطاع الحكومي فهو مرحّب به، أما القطاع الخاص فتبعاته كبيرة جدا. واشار الى أننا كعقاريين نطالب بإعادة النظر في القرار ومزيد من الدراسة بشكل مستفيض، وأخذه بشكل كاف ودراسته من جميع الزوايا، ويجب أخذ رأي المختصين وأصحاب المهنة ومزاولي العمل، حيث إن اتخاذ مثل هذا القرار سيهز الاقتصاد في الدولة، ويجب أن تدرس العواقب قبل الفوائد.عمالة لا تعوض
بدوره، أكد رئيس الاتحاد الكويتي للمطاعم والمقاهي والتجهيزات الغذائية، فهد الأربش، بشأن ترحيل الوافدين ممن تجاوزا الـ 60 عاماً أنه تم توجيه العديد من الكتب الى مجلس الوزراء، "كما ذهبنا الى غرفة التجارة والصناعة ووزارة التجارة والقوى العاملة، لنؤكد أن تلك العمالة لا يمكن تعويضها".وأشار الى أن هؤلاء الوافدين حرفيون، موضحاً أن "الطباخ" العامل في المطعم كمثال كلما كبر عمره تصبح خبرته أكبر، ومن المستحيل تعويضهم وتبديلهم بصغار العمر، مبينا أنه تم الإضرار بقطاع المطاعم حالياً، نتيجة هذا القرار. وأشار الى أننا "سنواصل التواصل مع مجلس الوزراء فيما يخص هذا القرار لإعادة النظر فيه، مطالبين بفكرة استثناء ودفع تأمين مناسب ومعقول، وليس مبلغ الـ 2000 دينار، وأن يكون مبلغا رمزيا يناسب الجميع، مشيرا إلى أنه من الصعوبة إيجاد البديل المناسب لهم في الفترة الحالية.وأكد أنه من الضروري منح الوقت الكافي لإيجاد البدائل، ومنح الوقت الكافي لتطبيق القرار، حتى يتم تخريج جيل جديد وليس بشكل مباشر ومباغت، لنتمكن من التهيئة ومنح مهلة للمطاعم وكل القطاعات وليس قطاعا معيّنا بعينه.القطاع الصناعي
بدوره، قال عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات، خالد العبدالغني، إن القطاع الصناعي تأثر بشكل بالغ من قرار ترحيل الـ60 عاماً، واصفاً اياه بالقرار السيئ، "لاسيما أننا درّبنا وأنهم أصحاب الخبرات، ولا يمكن الاستغناء، خاصة أنهم وصلوا الى درجة من التعلم لا يمكن معها الاستنغاء عنهم، حيث إن التعليم والتدريس مدة سنوات كبيرة لا يمكن أن يتم التنازل عنه بسهولة".وأفاد بأن هذا القرار سيئ وأثّر تأثيراً كبيرا على الشركات الصناعية، فلو تحدثنا عن الخدمات ومهنة العمال، فمن الممكن الاستغناء عنهم، لكنّ الفنيين والمراقبين داخل المصانع، إضافة الى من لا يحملون شهادات علياً، ويتم الاعتماد عليهم داخل المصانع، موضحا أنه سيتم حرمان تلك المشاريع الصناعية من خلاصة تربية تلك الخبرات لسنوات.ووأضح أن من وصل الى الـ 60 من العمر، فهذا العمر قمة العطاء، ولا يزال موجوداً ويستخدم كفنيين ومراقبين، وصيانة مكائن، وهم يملكون خبرات كبيرة من الصعوبة تعويضهم بصغار العمر. وأكد أن الحل إن كانت العقبة تكلفة على الصحة، فبالإمكان رفع شريحة التأمين الصحي، خاصة مع وجود شركة الضمان الصحي، وهذا ما سيعالج كل العمال والوافدين بتلك المستشفيات، مؤكدا أن المصانع والشركات ليست لديها أية مشكلة في معالجة تلك الفئات ودفع التأمين، شريطة ألا يصل الى 2000 دينار، مبينا أن القرار "السيئ" بحاجة الى إعادة النظر.