أزمة الغواصات: تهديد فرنسي وتلويح صيني بـ «النووي»
• لندن: الصفقة مع كانبيرا لا تمنحها أسلحة ذريّة
• موسكو»: «أوكوس» موجّه ضدنا أيضاً
اعتبرت صحيفة صينية حكومية أن أستراليا، بحصولها على غواصات أميركية، باتت هدفاً لضربة نووية محتملة، في حين قالت فرنسا إنها تبحث عن رد مناسب على ما اعتبرته «طعنة» أميركية - أسترالية - بريطانية لها، بعد تشكيل حلف «أوكوس»، وحصول كانبيرا بموجبه على غواصات أميركية بدلاً من الفرنسية.
غداة إصدار الاتحاد الأوروبي موقفاً تضامنياً مع باريس على خلفية الأزمة التي نشبت بين ضفتي حلف شمال الأطلسي (ناتو)، جراء استبدال أستراليا صفقة فرنسية ضخمة للتزود بغواصات تقليدية بأخرى نووية من الولايات المتحدة وبريطانيا، ضمن حلف جديد أطلق عليه «أوكوس» لمواجهة النفوذ الصيني في المحيطين الهادئ والهندي، قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، كليمون بون، أمس، إنّ بلاده تقيّم جميع الخيارات المتاحة للرد على ذلك.وبينما أشارت «نيويورك تايمز» إلى أن إحدى الأفكار التي تدور هي انسحاب فرنسا من هيكل القيادة العسكرية المتكاملة لحلف ناتو، والتي عادت للانضمام إليه عام 2009 بعد غياب دام 43 عاما، قال بون قبل اجتماع مع نظرائه بالاتحاد الأوروبي في بروكسل: «لا يمكننا التصرف وكأن شيئا لم يحدث»، مشدداً على أن الأزمة مع واشنطن وكانبيرا تتعلق بالاتحاد الأوروبي كتكتل وليست مشكلة فرنسية فحسب.في موازاة ذلك، وصف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فسخ أستراليا «صفقة القرن» مع بلاده بأنه دليل على تزعزع الثقة بين الحلفاء، معتبراً أن واشنطن مطالَبة بتقديم تفسيرات وإيضاحات لباريس، عندما يتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس إيمانويل ماكرون في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وقال لودريان إن الولايات المتحدة يجب أن تأخذ في الاعتبار مصالح حلفائها الأوروبيين، لافتاً إلى أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة مع بريطانيا وأستراليا في المحيطين الهادئ والهندي مؤشر على منحى صدامي مع الصين.وتابع الوزير الفرنسي أن السؤال المطروح اليوم هو: «ماذا وراء فسخ عقد صناعي بطريقة فظة وغير متوقعة ومن دون تفسير؟ فهذا العقد يعود إلى عام 2016 وكان في طور التنفيذ، وما حدث يمثّل كسراً للثقة بين الشركاء، لأن الثقة والتحالف والشراكة تعني الشفافية والقدرة على التنبؤ وعدم التستر، خصوصا في المواضيع المهمة». وفي وقت سابق، استدعت باريس سفيريها في واشنطن وأستراليا واتهمتهما بطعنها في الظهر، كما هاجمت ما وصفته بـ «انتهازية بريطانية المستمرة» بعد إلغاء الصفقة التي تصل - وفق تقديرات - إلى ما بين 50 و89 مليار دولار.وبدأت محادثات بين مجموعة نافال غروب الفرنسية والسلطات الأسترالية حول الحصول على تعويضات مالية محتملة، بعد فسخ كانبيرا صفقة الغواصات.وذكرت وزارة الجيوش الفرنسية أن المجموعة الفرنسية اجتازت بالفعل «عدة مراحل في العقد» بمبلغ 900 مليون يورو، دفعت أستراليا غالبيته، مؤكدة أن «مجموعة نافال لن تخسر أموالا مقابل العمل الذي تم إنجازه».وانتقدت وزارة الجيوش الفرنسية، أمس، من جديد ما وصفته بأنه «خيانة» أستراليا، مؤكدة أنه «لم يتم في أي وقت التطرق» مع السلطات الفرنسية «إلى القرار الأسترالي بالتحول إلى الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية ولا إلى مباحثاتها مع الولايات المتحدة».وبعد صمت أوروبي استمر أياما، عبّرت دول الاتحاد الأوروبي عن تضامن الحد الأدنى مع فرنسا، في استعراض للوحدة يُنظر إليه على أنه يهدد مساعي أستراليا للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة مع التكتل الأوروبي في منتصف أكتوبر المقبل.وقال المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن التكتل فوجئ بالإعلان عن «أوكوس»، معبراً عن أسفه لاستبعاد الشركاء الأوروبيين منه.وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، قالت إن «أحد أعضاء الاتحاد عومل بشكل غير مقبول، مضيفة يجب أن نعرف لماذا جرى ذلك. وندد رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، من نيويورك بـ «قلة وفاء» الولايات المتحدة في أزمة الغواصات.
لا لقاء
جاء ذلك في وقت قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إنه لن يعقد اجتماعاً منفصلاً مع الرئيس الفرنسي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انطلقت في نيويورك أمس، وأوضح أنه ينتظر الوقت المناسب لإجراء اللقاء.«أوكوس» ليس «نووياً»
ونفى وزير الدفاع البريطاني بن والاس ضمناً أن يكون الاتفاق الذي أبرم مع واشنطن وكانبيرا بشأن الغواصات ذا طابع عسكري نووي بعد تحذير بكين وحليفتها الشيوعية كوريا الشمالية من أن الخطوة تمسّ بمبدأ «حظر الانتشار النووي». وقال إن الصفقة ليست اتفاقاً بشأن الأسلحة النووية، وإنما لتزويد أستراليا بـ «تكنولوجيا الدفع النووي».موسكو على الخط
في المقابل، وصفت موسكو «أوكوس» بأنه أصبح كتلة عسكرية أخرى موجهة ضد الصين وروسيا. وقال سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف تعليقا على تشكيل الكتلة العسكرية الجديدة: «من سماتها أثناء إقامتها، أن الأميركيين ضغطوا حتى على شركائهم الفرنسيين، وانتزعوا منهم صفقة مربحة بشأن بناء غواصات لكانبيرا». وأضاف: «من الواضح أن التضامن الأطلسي له ثمن. أعتقد أن الكثيرين في باريس يتذكرون الآن قصة ميسترال»، في إشارة إلى حاملتَي مروحيات امتنعت فرنسا عن تسليمهما إلى روسيا بعد ضغوط من واشنطن لإلغاء الصفقة مع موسكو على خلفية توترات جيوسياسية.كما وصف سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند، بأنها «النموذج الأوّلي لنظير ناتو الآسيوي»، لافتاً إلى أن «واشنطن ستحاول استمالة دول أخرى إلى هذه المنظمة، بشكل أساسي، لمتابعة سياسات معادية لبكين وموسكو». في السياق، نقل موقع صحيفة غلوبال تايمز الحكومية الصينية الناطقة بالإنكليزية عن خبير عسكري كبير تحذيره من أن أستراليا قد تصبح «هدفاً محتملاً لضربة نووية».وقال الخبير إن «الدول المسلحة نووياً مثل الصين وروسيا تواجه بشكل مباشر التهديد من الغواصات النووية الأسترالية التي تخدم المطالب الاستراتيجية للولايات المتحدة» التي يعتقد أنها تسعى لنشرها وتزويدها بصواريخ توماهوك لتقليص الفجوة مع البحرية الصينية في المحيط الهادئ.