يستعد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لزيارة باريس بعد غد ولقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أول زيارة خارجية له. وجاء الإعلان عن الزيارة بعد يوم من نيل حكومة ثقة المجلس النيابي، لتنطلق في مسار عملها ومواجهة استحقاقات مالية واقتصادية ملحّة.
الكتل النيابية التي منحت الحكومة الثقة وضعت شروطاً أساسية للاستمرار بدعمها، وهذه كلها تحديات ستكون حاضرة على طاولة مجلس الوزراء، وهناك اختلافات عديدة حولها لاسيما ما يتعلق بالتوجهات السياسية. وتواجه الحكومة تحديات إجرائية أبرزها إنجاز خطة الكهرباء، ووضع إطار واضح وبأرقام موحدة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتدقيق الجنائي المالي في مصرف لبنان، ومصير حاكمية المصرف المركزي، والتعيينات الإدارية والأمنية. لكن التحديات الأكبر ترتبط بأي سياسة خارجية سيعتمد لبنان، خصوصاً أن الحكومة تشكلت على وقع إدخال صهاريج النفط الإيراني إلى لبنان.إلى جانب ملف التأثير الايراني وانعكاساته على علاقات لبنان العربية والدولية، ثمة تحدّ سياسي آخر سيكون مرتبطاً بمسار العلاقات اللبنانية - السورية، في ظل ضغوط لاستكمال مسار تطبيع العلاقات مع دمشق وتعزيزها من خلال الحكومة.لا يزال رئيس الحكومة مصمماً على قدرته على تحقيق إنجاز في ملف الكهرباء سريعاً، بالإضافة إلى وضع لبنان على سكة التفاوض الجدّي مع صندوق النقد. لا يمكن توقع أكثر من ذلك بالنسبة إلى مصادر قريبة من الرئيس المكلف لأن الوقت ضيق وفترة الحكومة قصيرة نظراً لترتيب إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها. أما المشكلة الإستراتيجية الأكبر التي تواجهها الحكومة، فهي ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية. خصوصاً بعد تطورات كثيرة حصلت من شأنها أن تضر بالمصالح اللبنانية على المديين المتوسط والبعيد. فمنذ أن تعرقل مسار مفاوضات ترسيم الحدود وتوقف الجلسات، شرعت إسرائيل في الذهاب إلى استكمال عمليات الاستكشاف والتنقيب وصولاً إلى بدء عمليات الاستخراج خلال فترة قريبة. في الأيام الماضية فازت شركة أميركية بالتنقيب عن الغاز في مناطق محاذية للمياه الإقليمية اللبنانية، وهي منطقة متنازع عليها بالنسبة إلى لبنان، الذي يطالب بتوسيع حدوده من الخطّ 23، وهي مساحة 860 كلم مربع، إلى الخطّ 29 وهي مساحة 2290 كلم مربع.سيفرض هذا التحدي نفسه على الوقائع اللبنانية وعلى مسار الحكومة، فإذا لم ينجح لبنان في العودة إلى المفاوضات، يعني أنه سيخسر كثيراً من ثرواته في البحر، وسيتأخر كثيراً في عمليات التنقيب والحفر تمهيداً للاستخراج، فيما ستكون إسرائيل قد سبقته بأشواط، هذه الوقائع دفعت مسؤولين لبنانيين إلى طرح تساؤلات عديدة حول خلفية التأخير، وبعضهم بحمل رئيس الجمهورية ميشال عون مسؤولية التأخير ويتهمونه بأنه جعل هذا الملف الاستراتيجي ورقة للتفاوض والبازار على العقوبات الأميركية المفروضة على صهره جبران باسيل.وسارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى مراسلة الأمم المتحدة عبر وزارة الخارجية، لإجبار الإسرائيليين على التوقف عن التنقيب لأنها تجري في منطقة متنازع عليها. وتشير مصادر حكومية إلى أن ميقاتي سيحاول التواصل مع الإدارة الأميركية لأجل إعادة تجديد المفاوضات، فيما من المفترض أن تزور مسؤولية أميركية من وزارة الخارجية لبنان الشهر المقبل، وسيكون هذا الملف على طاولة البحث. وقد عقد اجتماع بهذا الصدد بين رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي، ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب لمواكبة هذا الملف مع القنوات الدبلوماسية والدولية، كما يتم البحث في إمكانية طرح ملف توسيع ترسيم الحدود على جلسة مجلس الوزراء، وهو أمر سيؤدي إلى إحراج ميقاتي وهو الذي كان رئيساً للحكومة عام 2011 عندما تم إيداع المرسوم الأساسي لدى الأمم المتحدة.
دوليات
نجيب ميقاتي يزور باريس ويسعى لاستئناف مفاوضات «الترسيم»
22-09-2021