يشكو السفير عبدالله يعقوب بشارة، ضياع الأرشيف الوطني والذي راح في عمليات النهب الذي تعرضت له الكويت أثناء الغزو العراقي عام 1990، وإن فقدان هذا الأرشيف دفعه للذهاب إلى القاهرة للاطلاع أو للحصول على الوثائق والمراسلات الخاصة بفترة تشكيل القوات العربية "أزمة عبدالكريم قاسم" وفي عهد الأمير المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح عام 1961. الغزو كان درساً صعباً ولم يكن أحد يتحسب حدوثه كي يتخذ الإجراءات الضرورية اللازمة لحفظ تلك الوثائق أو لعمل نسخ عنها، المهم اليوم مرحلة ما بعد الغزو والتي لم يتم الاستفادة منها، فما زالت الذاكرة الكويتية تشكو الضياع والإهمال وعدم الاهتمام الكافي للتعامل مع الوثائق والمطبوعات والصحف اليومية والدوريات بشكل عام.
في الأمس جاءتني اتصالات من زملاء يستفسرون عن إمكانية الوصول إلى موضوعات نشرت في مجلة "الطليعة"، وهذا على سبيل المثال، وبعد السؤال والاستفسار لدى المعنيين كانت النتيجة خيبة أمل! وتكرر الطلب عدة مرات وكان السؤال الدائم، أين وكيف يمكن الحصول على هذا الملف أو المقال أو الموضوع، وغالباً ما كان يتصل بصحف ومجلات كويتية مشهورة ومعروفة! قد يُصدم البعض عندما يكتشف أن هناك تقصيراً أو لنقل غياباً وبكلام دبلوماسي إهمالاً، فلا توجد جهة واحدة في الدولة يمكن اللجوء إليها وإيجاد ما تبحث عنه، وإن وجد فسيكون العمل غير مكتمل وفيه نواقص كثيرة.هناك جهود فردية رائعة تحملت أعباء كبيرة في سبيل "تجميع" أعداد من الصحف والمجلات، أذكر على سبيل المثال لا التعميم، فهؤلاء أصدقاء وزملاء تربطنا بهم علاقة قديمة ومعرفة بما تم إنجازه، ومنهم السادة محمد الشارخ (أرشيف المجلات الثقافية العربية) وحمد الحمد (الدليل الكويتي للمجلات الثقافية) وفهد العبدالجليل وصالح المسباح وندى الرفاعي (موسوعة الصحافة الكويتية) وتلك أعمال مقدرة تماماً وآخرون لا يسعني الإحاطة بهم جميعاً في هذه المقالة. لكن الموضوع لا يقتصر فقط على أعداد أو قوائم أو عناوين المطبوعات والصحف والدوريات، بل على عمليات الفهرسة والتوثيق والتكشيف وأساليب العرض والخاصة أيضاً بوثائق الدولة والوزارات السيادية... والسؤال: هل تم حفظ وتخزين وفهرسة وتوثيق تلك المطبوعات والوثائق وإتاحتها للجمهور والمستفيدين كما يفترض أم أن العملية متعثرة ومبعثرة؟! قد تجد بعض أعداد لصحيفة أو مجلة في عدد من الأماكن، لكن هل هي مفهرسة ومحفوظة بالكامل؟ هذا هو السؤال؟ بالطبع الإجابة: لا، وبحكم تجربتي فقد عانيت من هذا الأمر إلى حد اليأس، لكن ليس هناك من يسمعك، ولعل الإشارة إلى ما قام به مركز البحوث والدراسات الكويتية وعلى يد الدكتور عبدالله الغنيم بشأن بعض المجلات الكويتية القديمة مثل "كاظمة" و"الإيمان" و"البعثة" وغيرها، هو غاية الطموح، فقد أضاف إلى إعادة الطبع، القيام بإعداد كشافات وفهارس شاملة، للأماكن والمؤلفين والموضوعات والأعلام، بحيث أصبح بالإمكان العثور على ما تبحث عنه بسهولة. ما أعرفه أن مسألة التوثيق والفهرسة للوثائق والمطبوعات موضوعة على الرف، ولم تلق بالاً وبإطار عمل مؤسسي حتى اليوم، وتاريخ الكويت الثقافي والإعلامي يستحق أن تخصص له الكوادر والتجهيزات والبرامج والتمويل اللازم، وتحت مسمى الأرشيف الوطني، أو مركز الوثائق الوطني بحيث يكون جامعاً لكل الإصدارات والوثائق ومحفوظة بوسائل تقنية متطورة بعد تكشيفها وفهرستها... فهذا يرقى إلى مرتبة الأعمال الوطنية السامية.
مقالات
صرخة عبدالله من يستجيب لها؟
23-09-2021