فقدت الكويت، أمس، الفنان الكبير محمد الرويشد، الذي وافته المنية، عقب صراع من المرض، الذي فرض عليه لزوم بيته منذ فترة.والرويشد هو شقيق الفنانين عبدالله وعادل الرويشد وكان له فضل تدريبهما وتقديمهما إلى الساحة الغنائية، فضلاً عن تقديمه الكثير من الأصوات، اشتهر بالغناء والتلحين والعزف على أكثر من آلة موسيقية وتميز بالدقة والانضباط الموسيقي معتمداً على ثقافته الواسعة في المجال الفني واطلاعه على الفنون بمختلف أشكالها.
حصد الكثير من الجوائز والتكريمات ومن أبرزها فوز أغنيته "ما للحبيبة" التي لحنها وغناها جاسم بن ثاني، بجائزة أفضل لحن في مهرجان الأغنية العربية في دورته الـ16 التي أقيمت بالعاصمة التونسية عام 2013.
تغريدات كثيرة
ونشر الفنان عبدالله الرويشد عبر صفحته على "تويتر" خبر وفاة شقيقه، كما قدمت شركة روتانا مشاركة عزاء وكذلك نقابة الفنانين والإعلاميين وجمعية الفنانين الكويتيين، حيث تفاعل الكثير من الفنانين مع الخبر المؤلم من داخل الكويت وخارجها، مقدمين واجب العزاء إلى أسرة الراحل، ودوّن الكثير منهم كلمات العزاء للفقيد، مستذكرين صفاته الجميلة وأخلاقة الرائعة.عاشق الفن
وفي تصريحات متفرقة لـ "الجريدة" تُبرز وقع الخبر على المقربين من الراحل، قال المهندس صباح الريس إنه فوجئ بالخبر الحزين، مشيراً إلى أن علاقته كانت وطيدة بالراحل "كان أبو أحمد صديقا عزيزا، ومعرفتي به تمتد إلى عشرين عاما، وقد اتصف بأخلاقه المميزة، وأهمها الحلم".وأضاف الريس: "الراحل كان فنانا بمعنى الكلمة، واتصف بحس موسيقي عال، وكان يعشق عمله، ويجيده بشكل احترافي ومتقن، ودائما يطمح إلى تحقيق المزيد من الإنجازات، فقد كان مشغوفا ومطلعا في مجاله".وتابع: "عند سماعه على سبيل المثال عن فنان يعزف على آلة القانون جاء لزيارة الكويت، يذهب له ويجلس معه ويطلع على ما لديه من تجارب، إضافة إلى اطلاعه على الآلات الأخرى"، مؤكدا أن الرويشد الكبير "كان بالفعل إنساناً مميزاً، ومع الأسف افتقدناه في آخر سنتين أو ثلاث سنوات بسبب اعتزاله الأجواء لمرضه، ولكننا كنا نقوم بزيارته بمنزله".وذكر الريس أن الراحل كان متواضعا مع الكل ويدعم ويعلم الفنانين الشباب المبتدئين في مجالهم، ولا يفرق بين فنان كبير أو صغير، معقبا: "كان كبيرا بعمله وأخلاقه".عندما تصبح «الروضة» جامعة
من جانبه، قال فيصل خاجة صديق الراحل: "أي تعبير يليق بهذا المبدع والانسان الذي ترك بصمته المميزة ورحل عنا بهدوء يشبه شخصيته المحبوبة ذات التواضع الجم، تعددت عطاءاته الفنية فقد كان ملحناً بارعاً متفرداً بأسلوبه، متمكناً من المقامات العربية الثرية، كما كان عازفاً على آلتي القانون والعود، متطلعاً على الدوام لتقديم الإضافة الفنية ومنها تأسيسه للفرقة النسائية وغيرها من الأفكار التي تميز بها مبدعنا الشغوف أبو أحمد".وأضاف: "أدين شخصياً بالفضل الكبير لأستاذي محمد الرويشد الذي غرس فينا حب الفن والعطاء والسعي لنهل الفنون من منابعها الأصيلة، فكانت لقاءاتنا الفنية الدورية في منزله بمنطقة الروضة والتي أصبحت بالنسبة للفنّانين والمتذوقين والأصدقاء جامعة فنية نسمع من خلالها أجمل الفنون بمختلف ألوانها وبخاصة الأعمال الكلاسيكية الكويتية والعربية، كما كنّا نسعد بسماع جديد إبداعاته اللحنية".وأوضح أن منزل الراحل رحمه الله كان "منارة ثقافية ثرية ومتجددة تجمع الكبير والصغير، لم نعرف عنه إلا العطاء والسخاء، حتى في مرضه لم يكن إلا كما عرفناه على الدوام، صابراً، مبتسماً، محباً للجميع، وكشأن المبدعين لم يرحل أبو أحمد، فذكراه باقية في قلوبنا، وسنستذكره على الدوام بكل حب واعتزاز وتقدير، رحمك الله يا أبا أحمد ولروحك السكينة، ولنا ولأهلك ومحبيك وللكويت صادق العزاء".النصح والدعم
أما رئيسة الفرقة النسائية الفنانة ماجدة دوخي فوصفت الراحل بـ"العضيد" الذي "ربطتنا به علاقة أخوة وزمالة من قبل تأسيس الفرقة النسائية، فكان بمنزلة أخي الكبير الذي يمدني بالنصح والدعم في المواقف، وكنت أستشيره دائما في الأمور الفنية، لأنه خير من يقدم الاستشارة للموسيقيين والفنانين وكوني مطربة يقوم بتزويدي ومساعدتي بالألحان والأغاني". وتابعت أن فكرة تأسيس الفرقة بدأت عام 2012، "وحددنا آلية عمل الفرقة بجميع أطرافها من عازفين، وإيقاعيين وكورال النساء، وانطلقت الفرقة بأعمالها عام 2012". وقالت إن الراحل كان يجيد العزف على أكثر من آلة موسيقية مثل القانون والعود، لكن في الفرقة كان عازفاً للقانون، أما وقت التمرين أو "البروفات"، فكان يستعمل العود حتى يسهل عملية الحفظ لعضوات الفرقة. وبينت أنهم كفرقة كانوا يعملون بكل جد واجتهاد وكانوا فريقاً متماسكاً، لافتة إلى أن الراحل كان حريصاً على حضور بروفات الفرقة، التي تضمنت أعضاء مثل فتحي الصقر، ودوخي الدوخي الذي كان ملحناً إلى جانب الراحل، فقد كانوا مكملين بعضهم لبعض مع الأستاذ الشاعر عبدالله العجيل والشاعر ناشي الحربي ،الذين كانوا كتّاباً للفرقة ويقومون بتجديد الأغاني التراثية الكويتية إضافة إلى التجديد في الألحان التي تقدمها الفرقة. أما بالنسبة للعازفين فكان بوعيد وبدر بوغيث ود. ماجدة معرفي عازفين للكمان، وفيصل التميمي عازفاً للناي، إلى جانب "الكورال النسائي" أيضاً.المجلس الوطني للثقافة ينعى الراحل
نعى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ببالغ الحزن والأسى المغفور له بإذن الله تعالى الفنان الرويشد.ونقل الناطق الرسمي للمجلس والأمين العام المساعد لقطاع الثقافة د. عيسى الأنصاري تعازي وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن المطيري، والأمين العام للمجلس كامل العبدالجليل، وكل العاملين فيه لأسرة الفقيد والأسرة الفنية.وقال د. الأنصاري، إن الرويشد قدم العديد من الألحان لكبار الفنانين، كما ساهم في العديد من الأعمال الدرامية والمسرحيات، وهو أحد الملحنين المميزين في حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وغنى من ألحانه العديد من المطربين في الكويت والخليج والوطن العربي.ودعا الأنصاري المولى عز وجل أن يسكن الفقيد فسيح جناته ويلهم أهله ومحبيه من الوسط الفني الصبر والسلوان.