في خطوة توسّع الشرخ بين المدنيين والعسكريين الذين يتقاسمون السلطات الانتقالية السودانية، وجّه رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه اللواء محمد حمدان دقلو (حميدتي) انتقادات لاذعة لـ «السياسيين»، واتهمهم بالتسبب في وقوع الانقلاب الفاشل الذي شهده السودان أمس الأول، وقاده ضباط محسوبون على نظام الرئيس السابق عمر البشير.
نحن أوصياء
واتهم البرهان «قوى سياسية بأن كل همّها هو القتال من أجل الكرسي»، وقال: «بعض القوى السياسية تتجاهل معاناة المواطن وتركّز على الإساءة للقوات المسلحة، ولن نقبل بأن تتسلّط علينا أيّ قوى سياسية وتوجّه لنا الإساءات».وفي كلمة خلال حفل تخريج دفعة من ضباط القوات الخاصة في القوات المسلحة بأم درمان، أكد البرهان أنه «لا يمكن أن تمضي البلاد إلى الأمام بواسطة جهة واحدة، فكلنا شركاء في حماية البلاد، ولا بد أن نتوحد، سياسيين وعسكريين لإنجاح الفترة الانتقالية حتى الوصول لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية». وصرح البرهان بأن «شعارات الثورة ضاعت في الصراع على الكراسي والسلطة»، معلنا أن «السلطة ستعمل على بناء الوطن مع القوى الوطنية المؤمنة بالانتقال الديموقراطي».وفي لوم واضح وصريح للحكومة المدنية، اعتبر أن القوات المسلحة تركت «العمل التنفيذي للسياسيين، لكن المسألة انحرفت عن مسارها الصحيح». وتابع: «نعمل وحدنا من دون دعم من الحكومة المدنية، فلا توجد حكومة منتخبة، ونحن أوصياء رغم أنف الجميع على وحدة السودان وأمنه». وتابع: «أقول للشركاء السياسيين يجب أن نعمل معا من دون إقصاء أي طرف من شركاء الفترة الانتقالية، ولن نسمح لأحد بالاستئثار بالحكم في المرحلة الانتقالية».وأعلن أنه مصمّم على إنهاء الفترة الانتقالية، مؤكدا رغبته في إنشاء «دولة مدنية تقدّر دور العسكريين»، مبينا «أننا نحن كعسكريين أكثر إصرارا أن تنتهي الفترة الانتقالية يليها انتخابات حرة ونزيهة».وخاطب البرهان السياسيين بقوله: «نجدّد قولنا للسياسيين إن قواتنا هي التي أجهضت المحاولة الانقلابية وليست جهة أخرى»، مشيراً إلى أن «تماسك القوات المسلحة أساس لتماسك السودان، ولن تتمكن أي جهة من إبعاد القوات المسلحة عن المشهد».وتحدث عن وجود «مَن يسعى لبثّ الفرقة في صفوف القوات المسلحة».حميدتي
بدوره، قال النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي): «بشكل واضح وصريح، أرى أن السبب في تكرار محاولات الانقلاب هم السياسيون الذين أعطوا الفرصة لقيام الانقلابات». كما اعتبر أن «السياسيين أهملوا المواطن وخدماته الأساسية وانشغلوا بالصراع على الكراسي والمناصب، مما خلق حالة من عدم الرضا والتململ وسط الشعب».وأضاف حميدتي أن المحاولة الانقلابية الأخيرة ليست الأولى، زاعماً تصدي السلطات لعدد من المحاولات الانقلابية خلال الفترة الانتقالية. وشدد على ضرورة توحيد الجهود وتجنب الإقصاء للخروج من الأزمة، قائلا: «نعيش مرحلة حرجة من تاريخ السودان والشعب صبر وتحمّل».كما أشار إلى أن القوات المسلحة دعمت مبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لتجاوز الاحتقان، لكنّها تعرّضت للإقصاء.ودعا إلى ترك أساليب التخوين التي تساق ضد المؤسسات الوطنية التي تدير البلاد، مؤكدا أنه لا مخرج إلا بتوحيد الكلمة والعمل على هدف محدد. وختم قائلا: «لا نحمل مطامع، ولا نسعى لمكاسب شخصية، ولا مخرج للسودان من أزمته إلا بتوحيد الكلمة ورفض محاولات الإقصاء».تأتي تصريحات البرهان وحميدتي، غداة الإعلان عن محاولة انقلاب فاشلة نفّذها مجموعة من الضباط في سلاح المدرعات من أجل الاستيلاء على السلطة، واتُّهم قائد سلاح المدرعات اللواء عبدالباقي بكراوي بقيادتها برفقة 22 ضابطا برتب مختلفة وعدد من ضباط الصف والجنود.«حزب المؤتمر»
من جهته، أكد حزب المؤتمر السوداني اليساري القومي أنه «لا توجد جهة بعينها تعد وصية على السودان»، مؤكدا أن «الشعب وحده هو الذي يملك قراره»، فيما يبدو أنه ردّ على تصريح البرهان.وأعلن حزب المؤتمر رفضه اتهامات رئيس مجلس السيادة للقوى السياسية، مؤكدا أن تلك التصريحات «خطيرة وغير مقبولة».وكشف الحزب أنه يجري اتصالات للجلوس مع المكون العسكري لبحث الأزمة.الى ذلك، توالت ردود الفعل العربية والدولية المنددة بالانقلاب. وأعربت وزارة الخارجية بالكويت عن إدانة واستنكار الكويت لمحاولة الانقلاب الفاشلة في السودان، مؤكدة «دعم الكويت لمؤسسات الحكم الانتقالي في السودان وجهودها في سبيل تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والازدهار»، مشددة على «رفض كل ما من شأنه عرقلة تلك الجهود». كما أعربت وزارات الخارجية في السعودية والإمارات ومصر، والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن إدانة محاولة الانقلاب.وفي واشنطن، حذّر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، من أيّ «تدخّل خارجي يهدف إلى بثّ التضليل الإعلامي وتقويض إرادة السودانيين».