بعد يوم على اتهام الجيش السوداني السياسيين المدنيين الذين يقاسمونهم السلطة، بأنهم فتحوا الباب أمام محاولة انقلاب بتجاهل مصلحة الشعب وانغماسهم في الوقت نفسه في صراعات داخلية، انتقد «تجمع المهنيين السودانيين»، إعلان «المجلس السيادي» عن المحاولة الانقلابية الفاشلة، متحدثا عن «فض الشراكة بين العسكر والمدنيين»، في حين حذرت «قوى الحرية والتغيير»، شركاءها بالسلطة من «النكوص».

ويحكم «مجلس السيادة» السودان بموجب اتفاق هش لتقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين، منذ إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في 2019، لكن العلاقات بين الطرفين ظلت متوترة منذ ذلك الحين.

Ad

وقال «تجمع المهنيين»، في بيان أمس، إن «تصريحات دونكيشوت وتابعه سانشوبانزا نهار، تمثل رصاصة الرحمة على الشراكة المتهالكة، شراكة الخنوع والالتفاف على غايات ديسمبر المجيدة»، ويقصد بذلك رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد دقلو «حميدتي».

وتابع التجمع: «ليكن في علم طغمة المجلس العسكري، أن ثائرات وثوار السودان هم حماة الثورة وأصحاب القرار، وهم من سينهي شراكتكم البائسة، وهم من سيعيد دفع قطار ديسمبر على طريق العدالة التي تفرون منها وستطالكم، ويصلون به لمحطات الحرية والسلام»، في إشارة إلى تاريخ الثورة ضد نظام البشير.

من جهتها، اعتبرت قوى «إعلان الحرية والتغيير»، أحد شركاء السلطة الحالية، أن «حديث رئيس مجلس السيادة الانتقالي ونائبه هو تهديد مباشر لمسار الانتقال الديموقراطي، ومحاولة لخلق شرخ بين قوى الثورة المدنية والجيش، ويهدف إلى تقويض الأسس التي قامت عليها المرحلة الانتقالية، التي لا تعرف إلا طريقا واحدا هو التحول المدني الديموقراطي، الذي يريد رئيس مجلس السيادة ونائبه النكوص عنه، وهو ما لن نسمح به وسنتصدى له بكل قوة وصرامة».

وأضافت أن «أهم درس من المحاولة الانقلابية هو ضرورة الإسراع بإصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية وتنقية صفوفها من فلول النظام السابق»، في إشارة إلى البشير.

من ناحيته، قال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، في مقابلة مع صحيفة «السوداني» غير الحكومية، إن «الجيش الذي حمى الثوار أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم لا ينقلب، من ينقلبون ويدعون للانقلاب هم ضد الانتقال المدني، وهم بالضرورة فلول».

ورد حمدوك على اتهامات البرهان وحميدتي للقوى السياسية، بالقول: «الانقلاب أو محاولة تقويض الانتقال بأي شكل ليس له سبب إلا الاستيلاء على السلطة، وأي ادعاء غير ذلك هو غير صحيح».

وخلال حفل تخريج قوات عسكرية غرب العاصمة الخرطوم، أمس الأول، قال البرهان إن «القوى السياسية غير مهتمة بمشاكل المواطنين»، في حين اعتبر حميدتي أن «السياسيين هم السبب في الانقلابات العسكرية»، وذلك على خلفية محاولة انقلابية فاشلة فجر الثلاثاء، قادها اللواء الركن عبدالباقي الحسن عثمان بكراوي، ومعه 22 ضابطا آخرون برتب مختلفة وضباط صف وجنود.

وفي واشنطن، طالب الكونغرس الأميركي بضرورة إجراء إصلاح شامل للمؤسسات الأمنية والعسكرية وإخضاعها لرقابة مدنية قوية.

ودان أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، في بيان، محاولات تقويض تقدم السودان نحو بناء نظام سياسي بقيادة مدنية تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون.

وكانت الخارجية الاميركية دانت الانقلاب الفاشل، وشددت على أن واشنطن ستواصل دعم الخرطوم وتعزيز المساعدات الاقتصادية والعسكرية، لكنها قرنت ذلك بـ «مواصلته إحراز تقدم مستمر في انتقاله، بما في ذلك من خلال إنشاء مجلس تشريعي وإصلاح قطاع الأمن تحت قيادة مدنية والعدالة والمساءلة عن الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان».

من ناحية أخرى، وضعت السلطات السودانية يدها على عدد من الكيانات المربحة التي وفرت الدعم على مدار سنوات لحركة «حماس»، فيما يسلط الضوء على الحد الذي بلغه السودان في القيام بدور الملاذ للحركة الفلسطينية في ظل حكم البشير.

وساعدت السيطرة على ما لا يقل عن 12 شركة يقول مسؤولون إن لها صلة بـ»حماس» في التعجيل بمواءمة وضع السودان مع الغرب منذ الإطاحة بالبشير في 2019.

وقال محللون سودانيون وفلسطينيون إن «حماس» فقدت قاعدة خارجية كان من الممكن لأعضائها وأنصارها العيش فيها وجمع المال وتهريب السلاح الإيراني والأموال إلى قطاع غزة. ويقول مسؤولون من مجموعة عمل شُكلت لتفكيك نظام البشير إن هذه الثروات تشمل عقارات وأسهما في شركات وفندقا في الخرطوم وشركة صرافة ومحطة تلفزيونية وأكثر من مليون فدان من الأراضي الزراعية.

على صعيد آخر، اتهم وفد إثيوبي السودان بالتستر على تدريب جهات للاجئين من تيغراي داخل أراضيه.

جاء هذا خلال مباحثات رسمية بين مسؤولين محليين من البلدين، عقدت بمدينة المتمة الإثيوبية، وتم فيها التباحث بشأن إعادة فتح معبر حدودي كان أُغلق قبل 3 أشهر تقريبا، بعد العثور على ضابط رفيع برتبة نقيب داخل إثيوبيا وعليه آثار تعذيب.