«أنت خلَيتني في اللغات جميلاً»
![حمزة عليان](https://www.aljarida.com/uploads/authors/249_1666551729.jpg)
سيرة محمد الأسعد هي سيرة الفلسطيني المهجّر من أرضه، جاء إلى العراق ثم رحل، انتقل إلى بلغاريا وقبرص والشام، ثم عاد إلى الكويت، بقي هنا وارتبط بها، حمل اسماً أدبياً يعرّف فيه عن نفسه "محمد الأسعد" لكن اسمه في جواز السفر الروسي هو "محمد أسعد الحردان" والأسماء تبقى في الذاكرة مهما تبدلت الجوازات التي تسمح له بالسفر والتنقل، علاقتنا به امتدت إلى نحو ربع قرن، وعلى مسافة قريبة جداً من أفكاره وإبداعاته وكتاباته. كنا نجلس مطولاً في (القبس) نتبادل الآراء في همومنا المشتركة، فما يميز "محمد الأسعد" أنه ابن قضية وطنية، لديه قناعاته التي لم تكن تتماشى أبداً مع القابضين على السلطة الفلسطينية من أيام أبوعمار ومعظم القيادات الفتحاوية إلى أيام أبو مازن وجماعته... مثقل بأبناء الأرض دون مواربة، في محطته الأطول في الكويت أنتج أعمالا شعرية وبحثية ونقدية وروايات تشكل رصيده الفكري وهي أعمال مدونة ومعلنة. عمل في الصحافة الكويتية منذ بداية السبعينيات وتسلم عدة مواقع: محرر ثقافي، سكرتير تحرير، رئيس قسم ثقافي، كاتب عمود يومي، أسهم في كتابة وإذاعة أحاديث وبرامج لإذاعة الكويت، وله دراسات وترجمات منشورة في دوريات عربية، أعماله الشعرية (الغناء في أقبية عميقة، حاولت رسمك في جسد البحر، لساحلك الآن تأتي الطيور، مملكة الأمثال، أما في مجال الرواية فقد أصدر: أطفال المدى (وبعدة لغات)، نص اللاجئ، حدائق العاشق، شجرة المسرات، أصوات الصمت، وفي الأبحاث النقدية، نذكر: مستشرقون في علم الآثار، الفن التشكيلي الفلسطيني، بحثاً عن الحداثة، مقالة في اللغة الشعرية، حوار مشترك بين لاجئ ومهاجر، إضافة إلى أعماله في الترجمة). سيرته أبعد من الجدران التي رسمت في مدفنه، تبدو من اللحظة التي نزح فيها من قريته وهو طفل مع عائلته ومع من تبقى من سكانها أحياء، إلى منطقة "جنين" ومن هناك أخذتهم قوات الجيش العراقي المنسحبة إلى بغداد، عاش الكاتب وعائلته لاجئين في العراق، وهناك تعلم وأكمل تعليمه الأكاديمي ثم يبدأ حياته الثقافية شاعراً وناقداً وباحثاً قبل الرحيل إلى الكويت واستقراره فيها ليواصل حياته المهنية في عالم النشر والصحافة. في كتابة "مديح البياض، في الخطاب الفلسطيني الممنوع" يستهل صفحاته بمرثية موجهة إلى ناجي العلي، نقرأه فيها وكأنه أمامنا: أنتَ خلَّيتني في اللغاتِ جميلاًأنتَ خلَّيتنيومضيتَأليس قليلاً إذا ما انزوى الموتُ عناأليس قليلاً؟أيها المدهشُ المتجاهلُ أن لنا موعداً".