ألمانيا إلى «اليسار»... وشولتز يريد إقصاء المحافظين

«الاشتراكي» يدعو «الخضر» والليبراليين لتشكيل اتئلاف قبل «الميلاد»... ولاشيت لا ينوي الانسحاب

نشر في 28-09-2021
آخر تحديث 28-09-2021 | 00:04
أولاف شولتز يحيي المشاركين في أعقاب جلسة لرئاسة الحزب الاشتراكي الديموقراطي في برلين أمس (أ ف ب)
أولاف شولتز يحيي المشاركين في أعقاب جلسة لرئاسة الحزب الاشتراكي الديموقراطي في برلين أمس (أ ف ب)
في فوز قد يكون له صدى أوروبي، خصوصاً في فرنسا التي تشهد انتخابات رئاسية بعد عام، تمكّن يسار الوسط من العودة إلى الحكم في ألمانيا، لكن سيكون أمام مفاوضات صعبة للتمكن من تشكيل غالبية من 3 أحزاب لأول مرة منذ عام 1950.
بعد انضمامه إلى ثلاث حكومات كـ "شريك صغير" للمحافظين، يعتزم الحزب "الاشتراكي الديموقراطي" الألماني SPD (يسار الوسط)، الذي اعتبر قبل وقت قصير في طور الزوال، استعادة المستشارية، بعد فوزه بفارق ضئيل على التحالف المسيحي المحافظ (يمين الوسط).

نتيجة متقاربة

وحصل "الاشتراكي الديموقراطي" على 25.7 بالمئة من الأصوات، وهي أفضل نتيجة يحققها منذ سنوات، في حين تراجع التحالف المسيحي، الذي يضم حزب "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" CDU وشقيقه البافاري حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" CSU، إلى مستوى قياسي، حيث حصل على 24.1 بالمئة من الأصوات، وحلّ بالمرتبة الثانية.

ويقول المرشحان الرئيسيان لمنصب المستشار المقبل، أولاف شولتز من "الاشتراكي الديموقراطي" وأرمين لاشيت من النحالف المسيحي، إنهما يريدان قيادة الحكومة المقبلة، وينوي كل منهما إيجاد غالبية في البرلمان. ويتمتع شولتز بفرصة أفضل لقيادة الحكومة الجديدة، لكنّ الدستور يتيح أيضا لثاني أكبر حزب في البرلمان إمكانية قيادة حكومة. وهناك حزبان سياسيان آخران سيساهمان في تحديد القائد الجديد للحكومة، وهو "حزب الخضر" البيئي الأقرب الى طروحات اليسار و"الحزب الديموقراطي الحر" FDP الليبرالي حزب الأعمال الأقرب الى المحافظين، بعد أن حصل الأول على 14.8 بالمئة من الأصوات والثاني على 11.5 بالمئة.

وفي حال قرر طرفا الائتلاف الحاكم الحالي، "التحالف المسيحي" و"الاشتراكيون" عدم مواصلة ائتلافهما، سيتعين على كل منهما إقناع حزبي "الخضر" و"الأحرار"، اللذين لهما أجندات سياسية مختلفة تماماً، بالانضمام إليهما لتشكيل ائتلاف حكومي ثلاثي.

وستكون الحكومة المقبلة هي الأولى منذ 16 عاماً التي لا تقودها ميركل. ويعتبر هذا التحول في تشكيل الحكومة الجديدة، الذي قد يستغرق أسابيع أو حتى شهورا، تاريخيا.

إلى المعارضة دُر

ومارس شولتز، أمس، ضغوطاً على المحافظين من خلال تأكيده ضرورة ذهابهم إلى المعارضة، وقال إن "طرفي التحالف المسيحي لم يخسرا الأصوات فحسب، لكنهما تلقيا في الواقع رسالة المواطنين مفادها أنه لا ينبغي أن يكونا في الحكومة، بل في المعارضة"، مضيفاً أن الناخبين منحوا "الاشتراكي" و"الخضر" و"الديموقراطي الحر" تفويضاً واضحاً لتشكيل الائتلاف الحاكم المقبل.

ويرى شولتز أن الأحزاب الثلاثة التي يريدها في ائتلافه لديها "تقاطعات كافية" لتشكيل الحكومة، مضيفاً أن المحادثات الائتلافية يجب أن تُجرى بـ "براغماتية وهدوء".

وأوضح إنه يهدف إلى إتمام المحادثات الائتلافية المحتملة بحلول عيد الميلاد، معتبراً أن "الفكرة هي أن ميركل لن تتاح لها الفرصة لإلقاء خطاب آخر لمناسبة العام الجديد كمستشارة".

وفي أعقاب جلسة لرئاسة الحزب، صرح شولتز بأنه يأمل التوصل إلى اتفاق سريعا مع "الخضر" و"الديموقراطي الحر" على تشكيل ائتلاف حكومي جديد.

وأضاف: "أود أن أشكل حكومة تقوم على الثقة، ويجب على أحزاب الحكومة أن تثق ببعضها"، مذكّراً الليبراليين بــ "التحالف المرعب" مع ميركل بين العامين 2009 و2013، مشيدا في المقابل، بالتحالف الليبرالي ـ الاشتراكي على عهد المستشارين فيلي برانت وهيلموت شميت.

بدأت «لعبة البوكر»

ويفترض أن تصدر عن الأحزاب المختلفة التي قد تدخل في ائتلاف مقبل، مؤشرات حول تحالفاتها المحتملة قريباً. لكن ذلك لا يحسم النتيجة، ففي ألمانيا لا يختار الناخبون مباشرة المستشار، بل النواب ما إن تتشكل غالبية.

ويبدو التوصل إلى غالبية معقداً جداً هذه المرة، لأنها ينبغي أن تشمل 3 أحزاب، وهو أمر غير مسبوق منذ 1950، بسبب تشرذم الأصوات.

وذكرت مجلة دير شبيغل أن "لعبة البوكر بدأت"، مضيفة "بعد التصويت تبقى الأسئلة الرئيسية مفتوحة: مَن سيتولى منصب المستشار؟ ما طبيعة التحالف الذي سيحكم البلاد في المستقبل"؟

فبالنسبة إلى الاشتراكيين الديموقراطيين الأمور واضحة، إذ قال زعيمهم البالغ 63 عاما "من المؤكد أن الكثير من المواطنين صوّتوا لنا لأنهم يريدون تغييرا في الحكومة، لأنهم يريدون أن يكون المستشار المقبل أولاف شولتز".

وتكمن المشكلة في أن منافسه اليميني الوسطي، رغم نتيجته "المخيبة للآمال"، ليس مستعدا للجلوس في مقاعد المعارضة.

فعقب الانتخابات التشريعية السابقة في 2017، لم يتم التوصل إلى الائتلاف الحكومي الواسع الحالي إلا بعد 6 أشهر، مما أدى إلى شلل سياسي في ألمانيا، لا سيما على صعيد القضايا الأوروبية.

لكن "الاشتراكي الديموقراطي" واليمين الوسط أكدا أنهما يسعيان إلى بتّ أمر الحكومة قبل عيد الميلاد. ويبقى معرفة إن كانا سينجحان في ذلك.

من ناحيته، اقر لاشيت بمسؤوليته عن الهزيمة بعدما حقق حزبه أسوأ أداء انتخابي منذ الحرب العالمية الثانية، وقال إن الحزب "يحتاج إلى التجديد على كل الصعد". وفي اشارة الى انه لن ينسحب بسهولة الى صفوف المعارضة، أكد لاشيت أنه مستعد لرئاسة حكومة ائتلافية، معتبراً أنه "استنادا إلى نتيجة انتخابات لا يمكن لأي حزب حتى الاشتراكي الديموقراطي، القول إنه حصل على تفويض للحكم".

كما أكد لاشيت، أن "ألمانيا ستتولى رئاسة مجموعة السبع في 2022، لذا ينبغي التوصل إلى تشكيل حكومة بسرعة كبيرة قبل عيد الميلاد".

وتقلق فترة جمود طويلة الشركاء الأوروبيين، في وقت تخشى أوروبا من تهميش جيوسياسي في وجه الخصومة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا. وهي تُقلق خصوصاً فرنسا التي ستتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية في يناير، وتعتمد على شريكها المفضل لدفع أولوياتها في أوروبا أكثر "سيادة".

في المقابل، أكد رئيس "الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري"، ماركوس زودر، أن التحالف المسيحي، المنتمية إليه ميركل حلّ في المركز الثاني وليس الأول في الانتخابات، لذلك لا يمكنه المطالبة باستحقاق في قيادة الحكومة المقبلة، بل فقط عرض لإجراء محادثات بشأن تشكيلها.

يذكر أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" AFD اليميني الشعبوي تراجع من المركز الثالث إلى الخامس، بعدما نال 10.3 بالمئة من الأصوات، في حين اعترفت مرشحة "حزب الخضر" أنالينا بيربوك، بأن حزبها لم يحقق الأهداف التي حددها لنفسه، وقالت: "بقينا دون توقعاتنا".

أما زعيمة الكتلة البرلمانية لـ "حزب اليسار" أميرة محمد علي المتحدرة من أصول مصرية، فأعربت عن خيبة أملها إزاء نتيجة انتخابات حزبها الذي حصل على نسبة 4.9 بالمئة من الأصوات.

إلى ذلك، خسر رئيس ديوان المستشارية، هيلغه براون، انتدابه المباشر في دائرته الانتخابية غيسن، بينما تمكّن "الاشتراكي الديموقراطي" من الفوز في برلين.

موسكو وبكين

وفي ردود الفعل، أعربت الصين عن أملها في استمرار التعاون الجيد مع ألمانيا بعد الانتخابات العامة، من دون أن تهنئ أي حزب بشكل مباشر، مشيدة صراحة بجهود ميركل، "التي ركزت خلال فترة ولايتها بشكل كبير على تطوير العلاقات مع الصين".

وفي موسكو، أعرب "الكرملين" أمس، عن أمله في الحفاظ على "الاستمرارية" في العلاقات مع برلين، غداة الانتخابات.

«الجبهة الاشتراكية»

وهنأ رؤساء حكومات الدنمارك والسويد وإسبانيا، ميت فريدريكسن وستيفان لوفن وبيدرو سانشيز، الذين ينتمون الاى احزاب اشتراكية "الرفيق" شولتز. وكان رئيس الوزراء النرويجي المقبل المحتمل، يوناس جار ستوره، وهو أيضا من الحزب الاشتراكي الديموقراطي، هنأ شولتز، على "تويتر".

شولتز: البريطانيون يدفعون ثمن «بريكست»

«مستقبل الاتحاد الأوروبي مرتبط بالتعاون الجيد مع جيرانه»

في الوقت الذي تمر المملكة المتحدة بأزمة وقود بسبب نقص سائقي شاحنات توصيل الوقود، سُئل مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا لمنصب المستشار، أولاف شولتز، عما إذا كان بإمكان بلاده تقديم المساعدة.

وردّ شولتز ضاحكاً، باللغة الإنكليزية وبطلاقة، معتبراً أن "مشاكل البريطانيين هي أيضا نتيجة لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي" (بريكست). أضاف "إن حرية حركة العمال هي جزء من الاتحاد الأوروبي. لقد عملنا جاهدين لإقناع البريطانيين بعدم مغادرة الاتحاد. وقد قرروا الآن بشكل مختلف، وآمل أن يتغلبوا على المشاكل الناتجة عن ذلك".

وتعليقاً على العلاقات مع روسيا وأوكرانيا، قال شولتز: "سيعتمد مستقبل أوروبا على التعاون الجيد بين الاتحاد الأوروبي وجيرانه. وسيعتمد ذلك على مدى إدراك الجميع لضرورة التقدم اللاحق في التكامل في الاتحاد الأوروبي. ومن أهم نقاط التعاون الاقتصادي الجيد، والاعتراف بحرمة الحدود".

back to top